بن هو* وين هوانج** عندما وصل «هو جينتاو» إلى واشنطن الأسبوع الماضي لحضور قمة الأمن النووي كانت تلك هي زيارته الثانية للولايات المتحدة التي ينظر الكثيرون فيها إليه باعتباره لغزاً بالنسبة لهم. وفي الحقيقة أن ذلك لا ينطبق على الولاياتالمتحدة فحسب، وإنما على الصين ذاتها التي لا يزال فيها كثيرون لم يتمكنوا بعد من تبين ملامحه الكاملة على رغم مضي ثماني سنوات على توليه السلطة، كما لم يتمكنوا من معرفة إجابة بعض الأسئلة حوله، منها: هل تمكن الرجل الآن بالفعل من الحصول على القوة السياسية الكافية التي تمكنه من الحكم وفق إرادته؟ هل هو محافظ حقيقي أم ليبرالي متخفٍّ؟ للإجابة عن السؤال الأول قد يكون من المفيد العودة إلى الوراء والقول إن الطريق إلى السلطة في الصين منذ قيام ثورتها عام 1949 كان دائماً مفروشاً بالتعقيدات إلى درجة أن معظم الذين كانوا يعينون كنواب للرؤساء في الصين كانوا عادة ما يتعرضون للضغط الشديد. إلا أن الشيء الذي ساعد «هو جينتاو» هو أنه عندما تولى منصب رئيس الجمهورية والسكرتير العام للحزب عام 2002، كان السكرتير العام السابق «دينج زياو بنج» الذي اختاره لخلافته ورعاه لسنوات، قد مات منذ فترة، وكذلك كان معظم الزعماء الثوريين التاريخيين الذين ظلوا يفرضون وصايتهم السياسية على البلاد. وقبل أن يتولى «جينتاو كان الشخص الذي يتولى السلطة في الصين هو «جيانج زيمين» الذي اعتمد على الجيش كقاعدة لقوته واستخدمه في ضرب احتجاجات ميدان تيانامين الشهيرة عام 1989 . وعندما حان موعد تقاعده بعد انتهاء فترة ولايته، اقترح أتباعه إنشاء «جمعية أمن قومي» لإضفاء صبغة مؤسسية شرعية على بقائه في منصبه! ولكن «زيمين» تخلى عن تلك الفكرة في النهاية على مضض لأنه كان يدرك أن الشعب الصيني يمقت الصراعات الدموية على السلطة. ولو كان «زيمين» قد تجرأ على تحدي التيار السائد، فإن سفينة الحزب الشيوعي العملاقة كانت ستواجه خطر الانقلاب وسط أمواج بحر عاتٍ. وبعد أن تقاعد «زيمين» ظل اسمه يظهر تاليّاً لاسم «جينتاو» في المناسبات المهمة في البلاد. ويقول العالمون ببواطن الأمور في الصين إن مسألة ترتيب الأسماء ليست بالمسألة البروتوكولية على الإطلاق، ويستشهدون في هذا السياق بقول مأثور: «إن وجود دينج زياو بنج في السلطة كان محسوساً من خلال غيابه الغامض... في حين كان غياب جيانج زيمين محسوساً من خلال وجوده الدائم». وخلال سنواته الأربع الأولى في الحكم كان الجميع يتكهنون بأن»جينتاو» يتشاور مع «جيانج» في كافة المسائل السياسية المهمة بما في ذلك تغييرات الأشخاص، وهو ما كان صحيحاً إلى حد كبير إذ لم يكن أمامه من خيار آخر، لأنه لم يكن لديه نفوذ يذكر على العسكريين الذين كانوا يدينون بالولاء ل»زيمين».