«تعيش حرفة المخابز التقليدية حاليا وضعية جد مزرية تعددت أسبابها، منها ما هو بنيوي، ومنها ما هو اقتصادي، بحيث عرف هذا القطاع، الذي يعد قطاعاً استراتيجيا من حيث الأمن الغذائي، تدهوراً كبيراً خاصة في هذا العقد الأخير...». إنها إحدى خلاصات «رسالة» جمعية أرباب الأفرنة والمخابز التقليدية لولاية الدارالبيضاء الكبري، التي أكد لنا بعض أعضائها، أن الأحوال العامة ل«الحرفة» أضحت تحمل في طياتها كل مؤشرات القلق والتشاؤم! أسباب هذه الوضعية كثيرة ومتعددة، منها «أن عددا كبيرا من أرباب المخابز التقليدية، إما تقدموا في السن أو أدركهم الأجل المحتوم» فتعرضت محلاتهم للإفلاس «بعد أن اضطر عدد من الورثة إلى كراء الأفرنة لأشخاص يمارسون هذه الحرفة بعقلية غير منسجمة مع تنظيم وتطوير القطاع»! هذا المستجد، رافقته، مؤخرا، «ظاهرة غريبة» تؤشر على عمق الفوضى الذي سقطت فيه الحرفة، بحيث «أصبحت بعض المحلات التجارية (مخابز غير منظمة) وكذا السكنية، تقوم بعجن وطهي الخبز بواسطة أفران قصديرية تشتغل بالغاز في ظروف غير مقرونة بشروط السلامة،مع توزيع هذا الخبز «غير الصحي» على نقط للبيع بأثمنة زهيدة يستفيد منها الوسيط، ويكون ضحيتها المستهلك» الذي يتم إغراؤه في كثير من الأحيان بمقولة «خبز ديال الدار»! هذه الوضعية دفعت بالبعض مكرها إلى «إخراج الخبز لبيعه بواسطة العربات المتنقلة، تفاديا لاتخاذ قرار الإغلاق، بعد أن أضحى السوق يعاني من فائض في مادة الخبز»! قلق الحرفيين هذا حسب تصريحات بعضهم ترجمته رسالة موجهة لكل من والي جهة الدارالبيضاء الكبرى ورئيس مجلس المدينة، في أفق وضع حد ل«تسيب قد يحكم على ما تبقى من حرفيين برفع الراية البيضاء وإعلان الإفلاس التام» مع ما يعنيه ذلك من فواتير اجتماعية باهظة، عنوانها الأبرز تعزيز صفوف العطالة بمئات العمال من كل الأعمار! إن ملامح «اللاتنظيم» التي صارت تسيج «القطاع»، في الآونة الأخيرة، في ظل «غياب الغرفة الصناعية المعنية، ومختلف الجهات المسؤولة، يقول الحرفيون، تشكل «إكراهات» يوحي ثقلها «بالدخول في نفق مسدود ومظلم بعواقب غير محمودة لامحالة». ومن ثم يبقى التعاطي مع هذه الأوضاع، بالجدية المطلوبة والاستعجالية الملحة، «خطوة أساسية لإنقاذ القطاع، واستعادة أمل الاستمرارية، يؤكد الحرفيون، مع العمل على وضع حد لكل تجليات الفوضى، وذلك في سياق يؤطره التنظيم والضبط، الذي يحفظ / يصون مصالح وحقوق جميع الأطراف».