في اطار سلسلة الكتب التي وسمها ب «الصغيرة» والمخصصة للشعر المغربي الحديث، اصدر الشاعر والناقد عبد الدين حمروش مؤلف «المكان الفني في شعر احمد بركات»، وهو الكتيب الثاني في السلسلة المذكورة التي سبق وصدر منها «تجلي العين، قراءة في شعر حسن نجمي». الكتاب الجديد، الذي يندرج ضمن منشورات بيت الشعر في ا لمغرب، يعد الشاعر الراحل احمد بركات «ضمن كوكبة الشعراء القلقين الاشقياء الذي ، وان لم ينجحوا في معالجة الخلل من اصله في اطار تسوية معينة، لم يكن بمقدورهم تلافي الامعان في الاحساس به، من خلال انتزاع صور من هنا وهناك اي من تجليات العالم الاكثر قسوة وألما» ، علما ان مصدر القلق الشعري يعود الي احساس الشاعر بوجود خلل في تركيبة الحياة، او بالاحري في العالم الذي يحياه. يتضمن الكتاب بالاضافة الى اضاءة ومختارات من قصائد الشاعر احمد بركات، فصولا عدة تتمحور حول: القلق الشعري (تعريفه وتجلياته عبر ادوار المشاهد والضمير والحاكم) ، النزعة التجريبية المعنى الذهني، جمالية المكان: الدلالة والفن، وذلك عبر جمالية الزمان والمكان في بناء الصورة الشعرية، والمكان البلاغي في مقابل المكان السوريالي،السماء الارض: التقاطب الدلالي، و استعارة الصحراء . وفي خاتمة دراسته، يكتب عبد الدين حمروش: «لقد عاش شاعرنا حياة قصيرة جدا، لكنها مكثفة في شعريتها ورمزيتها. فلكأن حياة الشاعر، بقدريتها تلك، كانت شرطا ضروريا لكتابه نص متميز في عمقة واختلافه، والملاحظ انه بالرغم من بساطة ذلك النص ظاهريا، لم يكن يخفي انه يجوز سرا يجعله ينفرد بشخصية، اسرة مثل باقي ا لنصوص العظيمة وذلك لعمري هو مكمن اصالة شاعر يسمى احمد بركات» (ص 101/102). اجل، «ما احوجنا لمثل هذه القراءات المصاحبة للنصوص الشعرية بالنظر النقدي المباشر، باعتبار ما تراكم من ملاحظات وخلاصات من جهة، وباعتبار ما تدفع اليه من تلافي احكام القيمة، وبالتالي القطع مع الآراء الجزافية التي لا يسندها وااوع النص من جهة ثانية» (ص9) .