جميل أن يحظى المغرب بشرف الاستضافة العالمية للاحتفال بالبيئة. وأجمل منه أن يتم اختيار العاصمة الرباط كعاصمة عالمية للاحتفال بالذكرى الأربعينية ليوم الأرض في جانبه المتعلق بالبيئة. الجميع، لبس لبوسا أخضر ويتغنى بالبيئة وبأهمية الحفاظ عليها.. مسؤولون احتلون الكراسي الأمامية في المهرجانات.. مسؤولون ألقوا خُطبا رنانة.. مسؤولون تباكوا على الوضع البيئي، وكأن لايدَ لهم فيما وقع.. يقع. لكن لا أحد يجرؤ على تسمية الأشياء بمسمياتها والاعتراف بكون المغرب يعيش مشاكل بيئية حقيقية لن يستطيعوا اخفاءها بخطبهم العصماء. السيد الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر السيد عبد العظيم، صرح اعلاميا بالمناسبة أن القيمة المضافة للاحتفال بيوم الأرض تكمن في إشراك جميع الفاعلين والمواطنين على حد سواء. انه إشراك من نوع خاص، إشراك في اللقاءات والمناظرات، إشراك في «تقرقيب الناب» إن صح التعبير(وهو صحيح). إذ الاشراك الحقيقي لايجب الحديث عنه بأي حال من الأحوال لأنه يقترب من دائرة الخطوط الحمراء والتي لن يجرؤ حتى المسؤول بنفسه عن ملامستها لأن حرارتها تحرق كل من حاول الاقتراب منها. ولمن يقول العكس، نورد إليه أمثلة من صميم الواقع لفوضى بيئية واغتيال للطبيعة أمام أنظار المتباكين والخطباء الذين يبشروننا بغد أفضل مع اعتماد ميثاق البيئة والتنمية المستدامة!!! ويقولون عنه بأنه ستكون له أيضا «قيمة مضافة على مستوى إدماج برامج في المخططات الترابية». فهل زار المتباكون مقالع إقليمصفرو ليقفوا على أكبر عملية تدمير بيئي واستنزاف للفرشة المائية؟ هل زار المتشدقون بخطابات تطمينية امتداد الغابات الممتدة عبر الطريق الرابطة بين مدينتي أزرو والراشيدية ليكتشفوا أن آلاف الأشجارتم اجتثاثها ولم تبق إلا الأشجار المحاذية للطريق الرئيسية؟ هل اطلع هؤلاء على الدراسة المنجزة حول الملك الغابوي بإقليمإفران وأزرو والتي تقول بأن مساحات شاسعة من غابات الأرز مهددة بالزوال نتيجة للمنطق الجديد لمشروع التقسيم الجماعي والذي يقول بأن لكل جماعة حقها في استغلال الملك الغابوي أي توسيع دائرة المستغلين ممايزيد في استنزاف الثروة الغابوية بالإقليم؟ هل يعلم هؤلاء أن الدارالبيضاء تعاني من نقص مهول في المساحات الخضراء، إذ لا تتعدى المساحة المخصصة لكل مواطن بيضاوي المتر المربع، وهي مساحة بعيدة عن المقاييس المعتمدة دوليا والمحددة في 10 أمتار مربعة على الأقل لكل مواطن، موضحا أن معظم المساحات المغروسة بالدارالبيضاء تعود إلى الحقبة الاستعمارية؟ لايهم كل هذا، فالاحتفالات محددة في الزمان، والنقاش الحقيقي سيتم تحجيمه لكي لايلامس الإشكاليات البيئية الحقيقية، فلا أحد سيتحمل حرارة النيران...!