خلصت الدراسة الاكتوارية التي أنجزت حول أنظمة التقاعد بالمغرب إلى أن عجز الصناديق الحالية للتقاعد مجتمعة يصل إلى1187 مليار درهم، و أن مستقبل هذه الأنظمة لن يكون مضمونا بسبب عجز الاحتياطات المالية الموجودة بصناديق التقاعد، وأن هذه الوضعية ستزداد سوءا سنة تلو أخرى لاختلال التوازنات المالية لهذه الصناديق، حيث سترتفع نسبة التحملات المعاشية مقارنة مع الاقتطاعات. وتؤكد الدراسة التي قام بها مكتب الدراسات الفرنسي اكتواريا، والتي ستقدم خلاصاتها رسميا في 20 أبريل الجاري، أن الصندوق المغربي للتقاعد سيعرف عجزا ماليا يقدر ب517 مليار درهم ، وسيعرف مشاكل حقيقية في موازنته بداية من 2012، وأن احتياطاته المالية ستجف نهائيا سنة 2019. بينما يصل عجز النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد إلى 112 مليار درهم و هو ما سيتسبب لهذا الصندوق في مشاكل موازناتية بداية من 2021 فيما ستجف احتياطاته المالية سنة 2049. أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فيعرف عجزا بقيمة 495 مليار درهم، ولا تتعدى نسبة تغطية مداخيله لتحملاته 4% مما سيؤدي إلى تعقد مشاكل موازنته في 2026، وإذا لم تعالج هذه الاختلالات فإن هذا الصندوق الذي يغطي معظم أجراء القطاع الخاص، سيعلن إفلاسه في 2037. ويبقى الصندوق المهني المغربي للتقاعد أفضل حالا من بقية الصناديق، حيث لا يتعدى عجزه 63 مليار درهم. وقدمت الدراسة مجموعة من المقترحات لتجاوز هذا الوضع المختل، سيكون على اللجنة التقنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد الاختيار بين أفضلها وأكثرها ملاءمة للخصوصيات المغربية، قبل أن تعرضها على الحكومة لمعالجتها سياسيا. وتقترح الدراسة الزيادة في تعميم الرفع من نسبة الاقتطاعات لتصل إلى 20% ، للحفاظ على دينامية الشغل، وعلى تنافسية الاقتصاد الوطني. ومعلوم أنها مطبقة أصلا في القطاع العام، حيث يقتطع الصندوق المغربي للتقاعد 20% بينما يقتطع النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد 18% ، فيما ستكون الزيادة في الاقتطاعات ملزمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يقتطع حاليا 11.89% بينما يقتطع الصندوق المهني المغربي للتقاعد نسبا تتراوح بين 6 و12%. ويقترح الاصلاح الرفع من هذه النسب بشكل تدريجي، بالنسبة للأجور الهزيلة، بإضافة 2% سنويا حتى تصل النسبةالنهائية للإقتطاع إلى20%. كما تقترح الدراسة خارطة طريق مبنية على توحيد نظام التقاعد الأساسي وتعميمه على كافة الساكنة النشيطة (بما فيها الفلاحون والتجار والبحارة وأصحاب المهن الحرة ..أي حوالي 7 ملايين مغربي) والاعتماد على مبدأ التنقيط كمرجعية لمنح التقاعد، وليس على مبدأ السنوات أو حجم المساهمة، ولا يستبعد هذا الإصلاح الرفع من سن التقاعد للزيادة في مدة المساهمات. كما يتعين على الدولة أن تسد العجز الحاصل في ميزانيات الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وذلك للحفاظ على ديمومة النظام إلى 60 عاما على الأقل، وهو ما سيكلفها 135 مليار درهم. (تفاصيل الدراسة في عدد لاحق)