كشف تقرير أعده مكتب دراسات فرنسي حول أنظمة التقاعد بالمغرب، أن بعض أنظمة التقاعد ستعرف عجزا ماليا خلال سنتين وبشكل خاص الصندوق المغربي للتقاعد الذي يهم فئة الموظفين. وأوضح التقرير أن «أنظمة التقاعد تتقاسم نفس الوضعية الصعبة ومستقبلا غامضا إذا لم يتم الإسراع بإدخال إصلاحات شاملة على هذه الأنظمة». وأشارت الدراسة إلى أن نظام المعاشات المدنية، المسير من قبل الصندوق المغربي للتقاعد، سيعرف عجزا بداية من سنة 2012، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في حدود 2021، يليهما بعد ذلك الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ثم في الأخير الصندوق المهني المغربي للتقاعد الذي تشير الدراسة إلى أن وضعه المالي مازال جيدا. وعزت الدراسة الوضعية الصعبة التي يوجد عليها الصندوق المغربي للتقاعد إلى اختلال في القاعدة الديمغرافية للصندوق، بسبب تراجع عدد التوظيفات في القطاع العام خلال السنين الأخيرة. وجاء في الدراسة أنه إذا تم الرفع من نسبة الاقتطاعات إلى 40 في المائة أو تخفيض في عدد السنوات إلى 1.5 في المائة، فإن ذلك سيؤدي إلى تخفيض العجز إلى حدود الثلثين، حسب توقعات الدراسة. يذكر أن أنظمة التقاعد في المغرب تتشكل من نظامي المعاشات المدنية المسير من قبل الصندوق المغربي للتقاعد (CMR)، ونظام الضمان الاجتماعي الذي يسيره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، والصندوق المهني المغربي للتقاعد .(CIMR) وتشير الدراسة إلى أن النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد لا يوجد في وضعية حرجة مثلما هو عليه الوضع بالنسبة إلى الصندوق المغربي للتقاعد، غير أنه سيعرف عجزا ابتداء من 2012. وتعتقد الدراسة أنه يمكن أن يصل العجز المالي إلى ثمانية ملايين درهم بحلول عام 2050 في حالة ما إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية. ويعاني هذا النظام، أيضا، من اختلال في القاعدة الديمغرافية، إذ إن هناك 2.7 ناشطا مقابل كل متقاعد خلال سنة 2007، في حين أن هذه المعادلة ستصبح 0.8 بحلول عام 2045. وسيعرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بداية العجز، حسب الدراسة الفرنسية، بحلول عام 2027، وسيصل العجز إلى 36 مليار درهم عام 2060. وإذا كان عدد المنخرطين في الصندوق سيرتفع بنسبة 7 في المائة إلى غاية 2060، فإن عدد المتقاعدين بالمقابل سيعرف ارتفاعا ب15 في المائة خلال نفس المدة. ومن جانبه قال محمد الهاكش، عضو اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، والكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، في اتصال مع «المساء» صباح أمس، إنه من الطبيعي أن يحصل عجز في الصندوق المغربي للتقاعد في غضون سنوات، على اعتبار التراجع في توظيف أشخاص جدد في القطاع العام، وقال «إني أعتقد أن الخلاصة التي وصل إليها مكتب الدراسات شيء عادي واستنتاج منطقي». وأضاف أن المشكل الأساسي لا يكمن في العجز المالي الذي ستعرفه أنظمة التقاعد، لأنه عاجلا أو آجلا ستعرف هذه الأنظمة ذلك على غرار عدد كبير من البلدان، غير أن المهم، بالنسبة إلى العضو القيادي بالاتحاد المغربي للشغل، هو العمل على حل هذا المشكل وضمان ديمومة أنظمة التقاعد بالنسبة إلى الأجيال المقبلة. وقال محمد الهاكش إن هناك مقاربتين لحل هذا المشكل. المقاربة الأولى مالية محضة، غير أن الاقتصار على هذه المقاربة واعتمادها سيؤدي، بنظره، إلى ما يسميه «الثالوث الملعون»: رفع سن التقاعد، أو الرفع من الاقتطاعات أو التخفيض من المعاش. وأضاف أن المقاربة الثانية تتمثل في اعتماد تصور اجتماعي لحل مشكل أنظمة التقاعد وأن تساهم الدولة في ذلك من خلال إصلاح أنظمة الدخل أو إصلاح أنظمة الضرائب وغيرها من الإصلاحات. وأشار الهاكش إلى أن مكتب الدراسات سيقدم في غضون شهر تقريبا تقريره النهائي إلى اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد على أساس أن تتدارسه وتقدم خلاصات وتوصيات إلى اللجنة الوطنية لإصلاح هذه الأنظمة والتي يترأسها الوزير الأول. وحسب بعض المصادر من اللجنة التقنية، فإن هناك أيضا ثلاثة سيناريوهات لعلاج وضعية أنظمة التقاعد، وهذه السيناريوهات تتمثل في الحفاظ على الوضع الحالي ودراسة الآثار التي يمكن أن تترتب عن ذلك على المديين المتوسط والبعيد. أما السيناريو الثاني فهو تجميع صناديق تقاعد القطاع العام لوحدها وصناديق القطاع الخاص لوحدها، ودراسة استمرار توازناتها المالية على المدى البعيد.