الاتحاد الاشتراكي تنتقل الى قرية باب برد وتكشف عن ملابسات تأجيج الوضع هناك بدعوى وجود مخدرات وأسلحة نارية بأحد المنازل بدوار بوروح... النقطة التي أفاضت الكأس. و تخوف كبير لدى ساكنة باب برد بعد تظاهرة يوم الاحد، من أن تطالهم اعتقالات عشوائية الوصول الى قرية باب برد يتطلب من »المغامر» قدرا كبيرا من الصبر والمثابرة، فرغم ان الجماعة القروية التي تسمى باب برد لاتبعد عن مدينة شفشاون سوى 60 كلم على الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين طنجة والناظور. فإنه يخيل لك أنك تطوي الكيلوميترات بدون فائدة، بفعل المنعرجات الكثيرة وردائة الطريق ان لم نقل انعدام الطريق، ويزداد هذا اليقين «بانعدام الطريق» عند ولوجك الى وسط القرية، حتى أننا خلنا أنفسنا تهنا عن الطريق الوطنية، لنصدم بمجرد أن سألنا أحد الشباب عن طريق الحسيمة، ليؤكد لنا أنها الأرض التي تقف فوقها سيارتنا. وما علينا الا الصبر وأخذ الحيطة والحذر لكون الطريق صعب وصعب جدا، مؤكدا ان هذا هو قدرهم مع هذا المجلس القروي الذي قدم استقالته من تسيير شؤون الجماعة، إذ كيف يعقل ان يكون هناك مجلس جماعي، وسكان الجماعة يفتقدون للحد الادنى من الحاجيات لعل أهمها وجود الطريق . لم يكن قصدنا الدخول في حوار حول التسيير الجماعي بالمنطقة، بقدر ما كان هدفنا الاستطلاع والوقوف على حقيقة ما حدث بباب برد يوم الاحد المنصرم من احتجاجات وتظاهرات وصل صداها الى أبعد نقطة من المغرب ان لم نقل من العالم، بعدما عمد شباب المنطقة الى تحميل صور وأشرطة فيديو على مواقع اليوتوب، فصارت حديث العام والخاص. لهذا أعفينا أنفسنا من الحديث مع الشاب حول شؤون المجلس، وان كنا على يقين بأن سوء التسيير وانعدام المرافق العمومية والخدمات الاساسية، مدخل من المداخل الرئيسية التي أججت غضب وحرقة المتظاهرين. باب برد التي دخلنا ،وحسب مجموعة من الشهادات التي صادفتنا هناك، تؤكد أنها حاليا تعيش بدون قائد مكلف بتسيير شؤون القيادة بعدما تم إعفاء الخليفة المكلف بتدبير شؤون القيادة وبدون رئيس لمجلسها الذي لماما ما يتفضل ويزور الجماعة، بل وبدون مقدم للمركز وبدون مسؤول عن القوات المساعدة، فمن ياترى هذا الذي يسير هاته القرية التي توصف تجاوزا ب«النموذجية»؟، ومن له المصلحة في ترك الامور على هذا الحال؟. الشهادات التي استقتها وعاينتها الجريدة تؤكدأن أكبر عدد من المبحوث عنهم غيابا وبشكايات كيدية هم من سكان الجماعة. وهو ما أجج غضب السكان للقيام بمثل ما قاموا به يوم الاحد المنصرم، وأن حادث اقتحام أحد المنازل بدوار بوروح بجماعة باب برد من طرف احد اعضاء لجنة محاربة القنب الهندي بالجماعة ورفض صاحب المنزل انتهاك حرمة منزله، وإدعاء عضو اللجنة المذكورة بوجود أسلحة نارية ومخدرات داخل المنزل، ليتبين في الأخير عدم صدقية الادعاء. هذا الحادث ماهو الا النقطة التي أفاضت الكأس. إذ يؤكد أحد الفاعلين الجمعويين أن اقليم شفشاون به أكثر من 140 ألف مبحوث عنه غيابا، منهم المحكومين ومنهم المتابعين غيابيا وأغلبهم من المزارعين الصغار، الذين دونت في حقهم مساطر غيابية على إثر شكايات كيدية مجهولة او وشايات. ويضيف محدثنا أنه في الآونة الاخيرة وقع حادث مريب في جماعة باب برد، حيث يتم استهداف مناطق دون أخرى وبشكل انتقائي وانتقامي، ويتم اعتقال بعض الاشخاص. بالمقابل يتم التراضي والتفاهم مع الآخرين لقاء «إتاوات ورشاوى» لكي لاتطالهم الحملة. كما أن الهاجس الامني المتحكم في الحملة - يضيف الفاعل الجمعوي - لن يزيد سوى في تصعيد وتأجيج الوضع، لكون المنطقة وعلى غرار باقي المناطق الشمالية عانت من مظاهر التهميش والحرمان والبؤس لعقود خلت. وان سكان المنطقة، وجدوا ضالتهم في زراعة القنب الهندي لضمان الحد الادنى من العيش. وان المقاربة الامنية التي تنتهجها السلطات المحلية، كان يجب ان تسبقها مقاربة تنموية واقتصادية وانسانية، عبر خلق بدائل لهاته النبتة الخبيثة. أحد شيوخ المنطقة قاطعنا على الفور ليؤكد ان الاستعمار الاسباني تعامل مع المزارعين الصغار بنوع من الليونة على عكس ما يجري حاليا، اذ كان يطلب من المزارعين جمع منتوجهم السنوي ليتم حرقه من طرف السلطات الاستعمارية ، لقاء تعويض كان يسلم لهؤلاء المزارعين، كما تساءل عن جدوى محاربة الكيف بهاته المنطقة بدون إشراك المنتخبين والمجتمع المدني، موضحا أنه مباشرة قبل انطلاق هاته الحملة كان هناك اجتماع بعمالة شفشاون ضم كلا من رجالات السلطة واعوان والدرك الملكي لوضع خطة أمنية لمحاربة الظاهرة. حتى ان العمليات التحسيسية التي قامت بها السلطات المحلية كانت ضعيفة وبدائية، اقتصرت فقط على إلصاق منشورات ، تتوعد فيها السلطات في حالة إقدام المزارعين على زراعة القنب الهندي. باب برد التي تنتمي الى قبائل بني خالد، تعتبر ثاني منطقة في زراعة وانتاج القنب الهندي بالمغرب بعد منطقة كتامة، تقطنها حوالي 50 ألف نسمة، %97 منهم يمتهنون هاته الزراعة، علما أن النسبة المتبقية يرتبط نشاطها بطريقة غير مباشرة بهاته الزراعة الشيء الذي كان من المفروض على السلطات المحلية التفكير بشكل جدي في إيجاد حلول حقيقية، قبل اللجوء الى الحلول الامنية وفرض الأمر الواقع. لكون اقتحام المنازل وانتهاك حرمتها واتلاف ممتلكات السكان زاد من تعقيد الوضع ، واستعصى على السلطات هناك ضبط الامور. فالمسيرة التي نفذت يوم الاحد 11 ابريل الجاري لم يكن يتوقعها أحد، خاصة من حيث حجمها ، إذ تفيد عدة شهادات أن عدد المشاركين فيها فاق أكثر من 4000 متظاهر. بدأت شرارتها بعد محاولة اقتحام أحد المنازل بالقوة واتهام مالكه بحيازة أسلحة نارية ومخدرات، الا أن البعض ربطها، بإقدام السلطات الامنية على اقتحام منزل ترفد فيه سيدة في حالة مخاض. ويحكي أحد شباب المنطقة عن حالة الفزع والخوف، الذي انتاب كافة العائلة وسكان قرية بوروح، جراء هذا الاقتحام وانتهاك حرمة المنازل. ويضيف هذا الشاب ان المسيرة الاحتجاجية التي خرج فيها الآلاف من سكان المنطقة رافعين شعارات منددة بهذه السلوكات، مكنتهم من إسماع صوتهم بعد «الحكرة» التي يحسها ويعيشها السكان من تصرفات وسلوكات رجال السلطة . مؤكدا ان التظاهرة حققت المراد رغم بعض الانفلاتات التي نتج عنها إطلاق أعيرة نارية في الهواء من طرف بعض رجال الدرك، بعد محاصرة مقر سرية الدرك بمركز باب برد، وذلك لتفريق المتظاهرين الذين لم يبرحوا مكانهم واستمروا في رفع الشعارات المنددة بالاستفزازات والمداهمات التي تطالهم. شعارات من قبيل «الملك ملكنا.. والعامل عدونا» «هذا عار هذا عار القبيلة في خطر» هي شعارات لها دلالات كبيرة وتكشف أن الوضع في هاته القبيلة محتقن وقد يخرج عن السيطرة في أي وقت من الاوقات. الشيء الذي يفسر وجود أكثر من 500 عنصر من القوات المساعدة كقوات احتياطية بمدخل مدينة شفشاون. متأهبة ومستعدة لأي طارىء. سكان هاته المناطق ليسوا ضد محاربة القنب الهندي، ولكنهم ضد الطريقة التي تتم بها حاليا هذه المحاربة، اذ كيف يعقل اقتحام منزل وسلب مالكه 20 ألف درهم بدعوى ان مصدرها المخدرات يقول أحد مرافقيها داخل مركز باب برد..؟. والحقيقة أن عملية محاربة القنب الهندي بالعديد من المناطق الأخرى لم تخل من ايجابيات، فقد تم حجز الآلاف من الكيلوغرامات من القنب الهندي، واجتثات الآلاف من الهكتارات من هاته الزراعة لكن ان يتم انتهاك كرامة وحقوق الانسان بدعوى محاربة القنب الهندي فهذا ما يؤكد ان الحملة زاغت عن هدفها، وبدأت تخدم بعض المصالح سواء من لوبيات السلطة وأباطرة تجار المخدرات. وأصبحت وسيلة لتصفية الحسابات على حساب المزارعين الصغار والبسطاء. «عاصفة» باب برد كانت صرخة قوية لمن يهمه الأمر عصفت لحد الساعة بالخليفة المكلف بتدبير قيادة باب برد ومقدم مركز القرية والمسؤول الاول عن القوات المساعدة، في انتظار ما سيفسر عنه استدعاء عامل اقليم شفشاون الى المصالح المركزية بوزارة الداخلية بالرباط. في حين ان سكان المنطقة لازالوا ينتظرون ما قد يلحقهم من نصيب ونتائج هاته العاصفة، فالكل متخوف من أن يطاله الاعتقال بدعوى التحريض على التظاهر والمشاركة في المسيرة التي هي نتاج طبيعي لطبيعة التعامل الامني المستفز مع السكان، لتبقى العديد من التساؤلات معلقة. من المسؤول عن ما حدث؟ ومن له المصلحة في تأجيج هذا الوضع؟. وينتظر السكان فتح تحقيق جدي ومسؤول لمعرفة حقيقة ما جرى واستخلاص النتائج الموضوعية واتخاد ما يجب من القرارات لنزع فتيل التوثر وإنصاف السكان،