في إطار الحلقة الخامسة عشر من سلسلة تجارب إبداعية، استضافت شعبة اللغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان يوم الجمعة 3 مارس الشاعر والروائي المغربي محمد الأشعري بمناسبة صدور روايته الجديدة «القوس والفراشة»، وشارك في اللقاء الشاعر المغربي المهدي أخريف والباحث الدكتور محمد المسعودي. الشاعر المهدي أخريف الذي أدار اللقاء استهل مداخلته بكلمة ترحيبية أشاد فيها بالدور الذي تقوم به شعبة اللغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة برئاسة الدكتور عبد الرحيم جيران الذي دأب على تنظيم سلسلة من اللقاءات المفتوحة مع المبدعين المغاربة قصد خلق جسر من التواصل بين المبدع والقارئ. ثم استعرض مسيرة محمد الأشعري الإبداعية والسياسية التي اتسمت بالغنى والثراء. ثم جاءت مداخلة الدكتور محمد المسعودي التي قدم فيها قراءة في رواية «القوس والفراشة» كان عنوانها «المتخيل والواقعي بين الدرامية والتجربة الشعرية»، وذهب فيها إلى اعتبار الرواية تجمع بين عوالم متداخلة؛ إذ تتراوح بين التراجيدي والكوميدي والسردي بالإضافة إلى متخيل الذات الساردة وهواجسها، مما يجعلها واحدة من عيون الروايات العربية. المبدع والروائي المغربي محمد الأشعري افتتح كلمته بالإشارة إلى أن المهم ليس ما أراد قوله في هذا العمل الروائي، فالقارئ هو الذي يفرض منطق تلقيه الخاص. واعتبر أن المسارات التي تحدث عنها في روايته التي لها علاقة بالذاكرة وباليومي ليست سوى تعلة للكتابة نفسها. وقال: «سأكون سعيدا إذا وصلت كتابتي، بالشكل الذي أنجزتها به، عبر قيم جمالية ترسخ لدى القارئ، وهذا يهمني أكثر من أن تفهم الرواية بشكل أو بآخر. في هذا العمل كنت مهتما بتأمل بعض تفاصيل الحياة اليومية التي تصبح بالنسبة إلى أشخاص معينين كل الحياة، في بعض الأحيان نتفرج على أشياء لا نرى فيها سوى حبكة، في حين أن الآخرين يعيشونها في مأساويتها، تماما كتلك الأشلاء التي نسمع عنها في التلفاز التي تختزل إلى مجرد أرقام، ويمكن في حياتنا أن نستمر في الحياة ولا نتصور أن تقتحم علينا تلك الأشلاء حياتنا...إننا في حيانتا اليومية نمر بكثير من التفاصيل دون أن نتأمل فيها وكأنها أشياء قدرية لا مناص منها ولا يمكن أن نستخرج منها أي شيء» . واعتبر أنه كان دائما مهتما بتأمل كيف يمكن لإنسان عاش انهيارا شخصيا أو جماعيا أن يعيد بناء الخرائب التي وجد نفسه فيها. لأنه يرى أن كل واحد منا ينقب في أنقاضه الخاصة لعله يجد ما يعطي معنى لحياته. وختم حديثه عن روايته بالقول إن «ما يهمني في الأخير هو المنجز الأدبي، وأرجو أن يمس هذا الإنجاز القارئ في أدبيته أكثر من أي شيء آخر». وتحدث محمد الأشعري عن سؤال كثيرا ما يطرح عليه، وهو كيف ينتقل من وضع العمل السياسي إلى العمل الأدبي؟ واعتبر أن هذا السؤال فيه اختزال للكتابة، فهو يجعلها حياة ثانوية أو موازية. وقال «إن الشعر والأدب بصفة عامة لم يكونا كذلك أبدا، على الأقل في تجربتي الخاصة، لأني اعتبرهما جزءا أساسا من كياني، وأعترف أن وجودي في مجالات كثيرة في الحياة العامة ساعدني على اقتناص تفاصيل ما كنت لأراها لو كنت خارج هذه الزوابع، وساعدني كذلك على طرح أسئلة مغايرة. إن العمل المباشر مع الناس يسمح بإضاءة الأدب الذي نكتبه أو نحلم بكتابته». محمد الأشعري الذي بدأ اللقاء روائيا أنهاه، نزولا عند رغبة الشاعر المهدي أخريف والجمهور الكثيف الذي كان حاضرا، شاعرا بتلاوة قصيدتي «أنا أيضا» و»يد فوبيا» من ديوانه الأخير.