فوجئ المواطنون وهم يكتشفون النقص في كميات الحليب المعبأة في العلب من فئة نصف لتر. فقد أصبحت كمية الحليب المعبأة تزيد بقليل عن الربع لتر وتقل بكثير عن النصف لتر، وهو الأمر الذي يعتبر في رأيهم «تلاعبا» واضحا واستغفالا لمصلحة المستهلك. مجموعة ممن استرعى انتباههم هذا الأمر، قاموا بالبحث في علب الحليب عن الإشارة إلى الوزن كما كان متعارفا عليها من قبل حين كانوا يكتبون بالبند العريض إشارة نصف لتر (1/2 لتر)، ففوجئوا بخلو العلبة من أية إشارة إلى الوزن اللهم إشارة (47/50سل) في جانب من أسفل العلبة وبخط صغير تتعذر قراءته بوضوح بالنسبة للجميع. المستهلك الذي تعود على اقتناء علبة الحليب من فئة نصف لتر، لاينتبه إلى هذا «التلاعب». فالزبناء يؤدون ثمن سعر النصف لتر كما تعودوا عليه وليس 47 أو 50 سنتلترا ، الأمر الذي يعتبر «غشا وتلاعبا» من قبل مؤسسات يفترض فيها احترام المستهلك. نموذج التلاعب بوزن الحليب ليس إلا جزءا من سلسلة من التلاعبات، تمس مجموعة من المواد الاستهلاكية والتي لاينتبه إليها المستهلك، من ذلك مثلا قنينات الغاز والتي تم النقص من وزنها وتعويضه بالماء في أحيان كثيرة وذلك في غفلة من المواطنين الذين فوجئوا بقنينات الغاز التي لا يدوم استعمالها فترة طويلة من الزمن، كما تعودت على ذلك ربات البيوت، بل هناك من يتم اكمال وزنها بالماء . التلاعب بالوزن يمس أيضا مادة الخبز والدقيق ومجموعة من المواد الاستهلاكية قليلة الاستعمال، الأمر الذي يفرض تفعيل مجال المراقبة والذي لاينبغي حصره في صغار التجار، بل أيضا في الشركات المنتجة والتي يتلاعب بعضها بالمقاييس، مستغلة ضعف المراقبة والتتبع، أو في حالات معينة مستغلة تواطؤ البعض . يُحكى ، والعهدة على الراوي، أن مسؤولا كبيرا من العيار الثقيل وقتها احتج عليه مهنيون من كون ارتفاع أسعار المواد الأولية وتقنين الأسعار وعدم السماح بزيادات جديدة في المواد الغذائية التي ينتجونها تجعلهم يتعرضون للخسارة فلم يجد حرجا أن يطلب منهم الغش في الميزان لتعويض الخسارة قائلا بالحرف« ديرو كيما كايديرو أصحاب الخبز!» هكذا يدعو المسؤول إلى الغش صراحة، بل ويحث عليه، هكذا يتبين بالواضح أن مسألة الغش في المواد الغذائية أمر مقبول لدى بعض المسؤولين وبالتالي لايهمه إن كان المتضرر الأول والأخير من هذه العملية هو المواطن المغلوب على أمره.. فالغش مبرر هنا ...