«علي الشرعي» (36 سنة)، مجاز من مدينة تارودانت بالجنوب المغربي. بعد تجربة دامت 7 سنوات في العمل بمجال الفندقة بالعديد من المقاهي والمطاعم بكل من مراكشوالدارالبيضاء، خطط لإنجاز مشروع شخصي... وكخطوة نحو تحقيق مبتغاه، حصل على شهادة انتقاء من لجنة وطنية قصد تمويل مشروعه. كما استفاد من تكوين في مجال تسيير شركة بمؤسسة زاكورة. وبفضل البرنامج الحكومي «مقاولتي»، تمكن من إنشاء مقاولة صغيرة، حيث اكترى، سنة 2008، محلا يضم 3 محلات رقم 9، 11، و13 بقيسارية النصر - شارع الحزام الكبير بالحي المحمدي، حصل عليها بعد الاتفاق مع المالك «ع.ح».وبعد أن قام بإصلاح المحلات الثلاثة، زودها بلافتات وبلوحات إشهارية تحمل اسم «مطعم الصحراء».وجعل منه مطعما سرعان ما أصبحت له سمعة طيبة، ضمنت له النجاح. انطلق «مطعم الصحراء» في بداية سنة 2008، ولاقى إقبالا كبيرا، مما آثار حسد المالك...! فتواطأت عدة جهات مسؤولة محليا لافتعال المسببات لتبرير اعتقال علي وإيقاف مشروعه حسب ماورد في تصريحه لجريدة الاتحاد الاشتراكي، يحكي تفاصيل معاناته: « .. حاول إقناعي بالتخلي عن المحلات لفائدته، وأن السلطات غير راغبة بالمطعم في هذه القسارية، لأنه يشتغل بطريقة قانونية، ولأن حوالي 90% من تجار القسارية يشتغلون في الخفاء بدون رخصة أو أصل تجاري، مما سيفضح أمر من يتستر عليهم»! ولكون هذه المبررات غير قانونية، رفض علي فكرة التنازل عن محلاته للمالك، يوضح: «من هنا بدأ سوء التفاهم بيني وبين المالك، هددني بكونه سيسترد محلاته بأي طريقة». السلطة المحلية تدخل على الخط...! في أحد الأيام، يقول علي، «زارني المقدم «بوهدل» وأمرني بالحضور إلى مكتب قائد المقاطعة 47 آنذاك «م.م». وعندما استفسرت هذا الأخير عن سبب استدعائي، أجابني بكونه غير راض عن معاملتي للمالك وأبنائه، وأن تدخله كان بغرض الصلح، وطلب مني أن أتخلى عن المحل للمالك مقابل مبلغ مهم، موضحا أن هذا الأخير ذو نفوذ كبير في سلك القضاء، وأنني لا أقوى على مواجهته، فكان جوابي الرفض، لأنني أشتغل وفق القانون ومعاملاتي كلها سلمية». ويضيف علي: «تكررت اعتداءاتهم بالخصوص في المساء، مما يصعب معه إخبار الشرطة، فكنت أقاومهم بنفسي، مما كان يعرضني إلى الإصابة بجروح متفاوتة الخطورة عدا تمزق ملابسي وإتلاف معداتي، فتقدمت بشكاية إلى وكيل الملك في 4 مارس 2008 تحت رقم 2663 حول رفع الضرر. ويوم 6 مارس، وبإيعاز من المقدم، رفع الخياطون بالمنطقة شكاية إلى وكيل الملك تحت رقم 2895 من أجل رفع الضرر الناتج عن الفوضى المنبعثة من المطعم ومن بينهم أخوين للمالك». وفي صبيحة الاثنين 10 مارس 2008، توجه علي إلى مقر الدائرة الأمنية العنترية رقم 36 وتقدم بشكوى إلى ضابط الشرطة ممتاز آنذاك «أ.ش» مخبرا إياه يقول: «إن الأمر ازداد تعقيدا وإنني صرت عاجزا عن مقاومة هؤلاء المنحرفين، وإنني سوف أضطر إلى إغلاق المحلات إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه، فأجابني أنه لا يجب علي إغلاق المحلات، وأنه سيحضر في المساء لاعتقال المنحرفين وهم متلبسين، وأنه سوف يتم تعويضي عن كل الأضرار التي لحقت بي. وفي المساء، وعندما كان المطعم مملوءا عن آخره بالزبائن، حضر القائد والمقدم على متن سيارة تابعة للجماعة، كما حضر ضابط الشرطة ممتاز، بمعية «لمعاشي» موظف بالدائرة وحضر المالك. وطلب مني القائد مفاتيح المطعم فسلمتها له، بعد ذلك اعتقلني ووضعني هو والمقدم داخل سيارة تابعة للجماعة، كما تم اعتقال باقي الزبناء وأغلبهم بريء بينما ترك المتسببون في الفوضى. ونقلنا جميعا إلى الدائرة الأمنية 36، حيث أبقونا هناك مصطفين أمام مكتب ضابط الشرطة ممتاز، دخلنا بعدها الواحد تلو الأخر وبسرعة قياسية على هذا الأخير وبجانبه القائد، طلبا منا بطائق التعريف الوطنية الخاصة بنا، وأسماءنا وأسماء والدينا. هذه العملية لم تتطلب أكثر من 10 دقائق، بعدها تم سوقنا جميعا إلى الدائرة الأمنية مصلحة الاستمرار 3 بالصخور السوداء قصد المبيت، حيث وضعنا تحت الحراسة النظرية. وبعد إلحاح من المحتجزين لمعرفة التهمة، علمنا أنها تهمة مفبركة وهي تعاطي المخدرات وأن الأمر يتطلب احتجازنا 48 ساعة». ويضيف علي: «مساء الثلاثاء 11 مارس، دخل «لمعاشي» موظف المصلحة حاملا معه محاضر محررة ومنجزة ووضعها على مكتب شرطة الحراسة النظرية، وأمرنا الواحد تلو الآخر بالبصم عليها دون استنطاقنا أو اطلاعنا على مضمونها. وحينما جاء دوري، سألته عن محتوى المحضر، كيف حرر ومتى؟!... أجابني قائلا بالدارجة: «إلى ما بغيتيش تبصم غادي تزيد ثقل على راسك»! ونصحني بأن أدافع عن حقي في المحكمة. ولحسن الحظ، كنت أحمل وقتها شكايتي رقم 2663. وصبيحة الأربعاء 12 مارس، ساقونا من جديد إلى المحكمة. ومثلنا أمام وكيل الملك، فأدليت بالشكاية التي أظهرت عكس ما جاء في المحضر، وأخبرته أن الاعتقال إنما هو خطة من المالك بالتنسيق مع بعض ممثلي السلطات المحلية للاستيلاء على مطعمي، فاحتفظ بنسخة من الشكاية ضمها إلى الملف وأطلق سراحنا جميعا وحدد لنا جلسة يوم 2008/04/15». كشف المؤامرة... بعد إطلاق سراحه، توجه علي إلى مطعمه، فوجد الأقفال ملحمة، وعاين، من خلال الباب الزجاجي، بناء حائط وسط المطعم الذي كان في حالة فوضى، فقصد المالك مستفسرا إياه كيف دخل إلى المطعم في غيابه، وعبث فيه بلا إذن منه أو من القضاء، فأجابه بكون السلطات المحلية هي التي سمحت له، يقول علي، «فتوجهت فورا إلى القائد الذي أخبرني أنه لن يسلمني مفاتيح المطعم إلا بعد أن أتنازل عنه للمالك (وللإشارة، فهذا الأخير مقدم سابق في المنطقة). بعد ذلك توجهت إلى ضابط الشرطة ممتاز مستفسرا إياه عن السبب وراء اعتقالي مع أني أنا الطرف المتقدم بالشكوى، فأجابني متأسفا على كل ما حدث وأن ما وقع لم يكن بإرادته»، يضيف علي: «ولولا شكايتي التي حررتها سابقا، والتي اختفت بعد ذلك من الملف، لما أطلق سراحي. وقد صدر في شأنها في حقي حكم بشهرين حبسا موقوف التنفيذ و500 ده غرامة بتهمة التحريض على الفساد والبراءة في قضية تسهيل استهلاك المخدرات وعدم إصدار حكم بإغلاق المطعم. وقد استأنفت الحكم». ويتساءل علي: «إذا كان أمر الاحتجاز راجع إلى تهمة تسهيل استهلاك المخدرات والتحريض على الفساد، فلماذا لم تسلم المفاتيح للنيابة العامة مع المحضر؟ ولماذا لم يغلق مطعمي أثناء اعتقالي لضمان سلامة معداته؟ ويوضح علي، «هنا تتبين خيوط الخط... فمجموعة المنحرفين الذين كانوا يتوافدون على المطعم، كانوا محرضين من طرف المالك وابنه بغطاء من السلطات المحلية يضمن لهم الحصانة من كل متابعة قانونية، مما شجعهم على التسبب في كل تلك الفوضى وذلك الإزعاج داخل المطعم عدا المضايقات، بهدف دفع الجيران وبإيعاز من المقدم والقائد إلى رفع شكوى ضدي بصفتي المسؤول عن المطعم لتتدخل بعد ذلك الشرطة. وبتعليمات من القائد، تحرر ضدي محاضر تفضي إلى اعتقالي ويتمكن المالك من رفع شكاية مدنية بهدف إفراغ المحلات لفائدته. لكن هذه الخطة فشلت عندما أطلق سراحنا. وخلال فترة اعتقالي، سمح القائد للمالك بالدخول إلى مطعمي والبناء وسطه لكي يوقف نشاطي التجاري. وبالفعل، لم أستطع مواجهة القائد؛ ذلك لأنه رجل سلطة، واستغل سلطته وحجز مفاتيحي بدون وجه حق وابتزني للتنازل، لكنني لم أبال بشيء من ذلك وتابعت مسيرتي القانونية من أجل استرجاع حقي المغتصب وكشف المؤامرة ومعاقبة المتورطين». ولتحقيق ذلك، تقدم علي، يوم 18 مارس، بطلب معاينة واستجواب المالك حول كيفية بناء الحائط وسط المطعم، ولماذا استرجع محلاته بدون أي إشعار سابق؟... وفي يوم 9 أبريل، حضر مفوضين قضائيين واستجوبا المالك، فاعترف في محضر معاينة واستجواب بأنه فعل ذلك بإذن من السلطات المحلية التي قامت باحتجاز مفاتيح المطعم وإغلاقه وتلحيم الأقفال. وبفضل نسخة من محضر معاينة واستجواب المالك، تقدم علي أيضا بطلب إلى المحكمة الإدارية من أجل استجواب القائد حول مفاتيح المطعم وهل هي بحوزة السلطات؟ وهل أذن للمالك بدخول المطعم والعبث فيه؟ وهل هناك وثيقة تفيد بإغلاق المطعم؟ وبالفعل توجه مأموران من المحكمة الإدارية إلى القائد لسؤاله حول هذا الموضوع يوم 7 يوليوز، فطلب مهلة 10 أيام للاستشارة مع رئيس الدائرة 12 وبعدها كان رده على جميع الأسئلة الإنكار. وهكذا، يقول علي: «اتضح لي أنه ليس من حق القائد احتجاز المفاتيح، فتوجهت إلى مكتبه وأخبرته بأني سأكسر الأبواب لكي أتمكن من الدخول إلى مطعمي، فهددني بالسجن إن أنا حاولت دخول المطعم قائلا إن كلام الورق شيء والواقع شيء آخر، وأن الحل الوحيد أمامي هو التنازل عن المطعم مقابل التعويض، لكني رفضت. بعدها تقدمت، يوم 28 يوليوز، بطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية مطالبا بتعيين أحد المفوضين لمرافقتي لفتح مطعمي، مدليا بمحضر استجواب القائد السابق للمقاطعة 47، وكذا محضر استجواب المالك، لكن رفض طلبي بسبب عدم وروده في الفصل 148». «الحيلة أحسن من العار»! هكذا يوضح الشرعي: «أغلقت الأبواب في وجهي بسبب ابتزاز القائد وتسلطه، الأمر الذي دفعني إلى الاستسلام إلى الأمر الواقع والتنازل مرغما عن مطمعي». هذا التنازل تم على الشكل التالي: إنجاز وثيقتين: الأولى تتضمن الموافقة على التنازل مقابل 30.000 درهم، حاز منها علي 10.000 ده، كما تتضمن جملة (من مصادر موثوقة) تبين أن المفاتيح محتجزة لدى السلطات المحلية. والثانية جاء فيها أن علي حاز 20.000 ده وأن المفاتيح سلمت للموثق بمكتبه من طرف عون السلطة. وهكذا حين تسلم القائد الوثيقة الأولى، سلم مفاتيح المطعم إلى المقدم «بوهدل» الذي سلمها بدوره إلى الموثق. أما هذا الأخير، فقد سلمها إلى حارس القيسارية «ع.و» كي يحضر عند إخراج المعدات من المطعم، وهو الأمر الذي تم بالفعل، حيث تسلم المالك محلاته. للإشارة، فالقائد كان قد أنكر، في محضر استجواب من طرف المحكمة الإدارية، أن المفاتيح في حوزته. وهذا عكس ما ورد في وثيقتي التنازل اللتين تبينان أن السلطة المحلية ممثلة في القائد تحتجز المفاتيح فعلا، وأن المقدم تسلمها من القائد وسلمها بدوره إلى الموثق!... ويتساءل علي: «لنفترض أن الأمر يتعلق فعلا بتهمة تسهيل استهلاك المخدرات والتحريض على الفساد، وأن القائد احتجز المفاتيح، فتحت أي مسوغ قانوني يسمح من خلاله للمالك باقتحام المطعم والبناء بطريقة غير قانونية ، لقد كان المالك ذكيا، إذ حمى نفسه جيدا بإحضاره شهودا أثناء البناء في منتصف الليل وبحضور أعوان السلطة داخل المطعم حتى لا يتهم بانتزاع حيازة عقار وحتى يتمكن من إثبات أن ما قام به كان بإذن من القائد الذي احتجز المفاتيح الخاصة بالمطعم ولم يسلمها، إلا عندما نجح في ابتزازي ودفعني غصبا إلى التنازل عن حقي. ولولا هذا التنازل ما استطعت أبدا إظهار أن مفاتيح المطعم كانت محتجزة لديه». الضحية بعد لجوئه إلى الحيلة لإثبات الحالة توجه إلى القضاء وناشد المسؤولين إنصافه، حيث يهيب بالجهات المسؤولة والمعنية التدخل العاجل لإنصافه والاقتصاص من الأظناء السالفة أسماؤهم، يحذوه الأمل في تحقيق العدالة باسترجاع مطعمه المسلوب وتعويضه عن الخسائر التي لحقت به جراء ذلك، وتبرئته من التهم المنسوبة إليه، خصوصا أنه متفائل يقول: «بعد لجوئي مجددا إلى القانون لمتابعة ضابط الشرطة ممتاز سابقا بالدائرة 36 «أ.ش» والقائد السابق للمقاطعة 47 «م.م» والمالك «ع.ح»، وبعد مسار قانوني ووثائق رسمية ورطت الثلاثة في قضية انتزاع حيازة عقار، بدأت الحقيقة تنجلي وبدأت قضيتي ترى النور، خاصة بعد رفع شكاية إلى المفتشية العامة لوزارة العدل التي أحيلت على النيابة العامة بالبيضاء، وبفضل تعليمات الوكيل العام، فإن التحقيق بشأن هذه الشكاية جار بمقر الشرطة القضائية لأمن الحي المحمدي - عين السبع. أما الشكاية المرفوعة إلى الوكيل العام بالبيضاء، فقد شهدت تطورا ملموسا وإجراءات قانونية متطورة بعدما أخذ لي محضر استماع معزز بكل الوثائق في ولاية أمن الدارالبيضاء الكبرى وتوجيهها بعد ذلك إلى عمالة الحي المحمدي - عين السبع لإجراءات إدارية قانونية، كما تم توجيه استدعاء رسمي للقائد من طرف فرقة جنائية تابعة لولاية أمن الدارالبيضاء الكبرى، في حين أن جهات أخرى قد تكون وزارية تقوم بالبحث في كل من الدائرة 36 والمقاطعة 47».