المغرب هو البلد العربي والإسلامي الوحيد الذي به خبراء ذوو سمعة عالمية معترف بها، لإنتاج أمطار اصطناعية.. نعم، أمطار اصطناعية، أي إنزال الماء من السماء من غيم يعبر عادة ولا يسقي العباد والبهائم.. والتجربة المغربية الرائدة هذه، أصبحت مرجعا في إفريقيا كلها وفي العالم، لأن لها خصوصياتها العلمية الواجبة. لأن إنزال المطر في مناخ متوسطي مثل المناخ المغربي، تقنيا، لا يشبه إنزال المطر أو الثلج في سيبيريا أو الصين أو أستراليا. ولعل النجاح الذي حققه الخبراء والمهندسون المغاربة، في عدد من الدول الإفريقية التي لها علاقات استراتيجية مع بلادنا (السينغال، مالي، بوركينا فاصو، تشاد، موريتانيا)، قد وجد ترجمته في الأوسمة التي منحت لهم من قبل رؤساء تلك الدول، والسمعة الطيبة التي لهم عند رجل الشارع في تلك البلدان الفقيرة. هذا يعني، أن البشرية اليوم، قد بلغت درجة من التقدم التكنولوجي، يسمح لها بالتحكم في الطقس، وإنزال الثلج أو المطر، أو منح أشعة الشمس أن تكون ساطعة، مما يقوي من الإستراتيجيات السياسية للدول والحكومات. وإذا كان المغرب، عضوا ضمن نادي الدول الأربعين المتوفرين على هذا العلم الرفيع والمتقدم ( في إفريقيا هناك فقط دولتان هما: المغرب وجنوب إفريقيا)، فإن الدولة التي تخلق الحدث وتثير الكثير من النقاش بين العلماء المتخصصين في هذا المجال الحيوي الهام، هي الصين. ذلك، أن طبيعة النظام السياسي في بكين، الذي هو نظام شمولي موجه، وقوة البلد الإقتصادية والبشرية، تجعل منه الأقوى في هذا المجال. يكفي هنا التذكير بعدد خبرائها وعلمائها المتخصصين والمنفذين لتقنيات إنزال المطر أو منعه من السقوط، البالغ 35 ألف خبير، لإدراك قوة الملف الصيني في هذا الباب. بل إن الأمر الذي أثار «حفيظة» عدد من العلماء الأمريكيين والفرنسيين والإسرائيليين، أمام المنجز الصيني، الذين بدأوا يشككون في فعاليته، هو نجاح السلطات الصينية في أمرين حاسمين، خلال الشهور الماضية. الأول، هو إسقاطها للثلج على العاصمة بكين في شهر نونبر من سنة 2009، شهرين قبل موعدها المعتاد، لحاجتها الملحة إلى الماء للإستهلاك. الثاني، هو منعها بنجاح، المطر من السقوط يوم افتتاح الألعاب الأولمبية على العاصمة، ويوم الإحتفالات بعيد الثورة، حتى تمر الأمور مشرقة في ساحة «تيانانان مين». تقنيا، أكد العالم الأمريكي «رولوف بروينتج»، الفيزيائي المتخصص في المركز الوطني لأبحاث الطقس، أن المنجز الصيني ممكن، لكنه غير مبرر علميا. أي أنه ليس له تفسير علمي صلب، وأن جانب الحظ كبير فيه. لكن، الحقيقة، أن المنجز الصيني مزعج للعديدين، لأنه يوظف تقنيات علمية جد متقدمة، تعتمد الأقمار الإصطناعية، وسربا كبيرا من الطائرات، وعددا من المدفعية التي تطلق قنابل تخصيب باتجاه السماء. مثلما، أنها بلغت درجة متقدمة في تمييز السحب الممكنة التلقيح من غيرها من السحب العاقرة، وأنها تعتمد توظيف مواد تلقيح حسب الحاجة المحلية لتلك السحب (أي المواد العضوية الخاصة بطبيعة طقس المنطقة، تبعا للموقع من خطوط الطول والعرض). مغربيا، كمثال، فإن الخبراء المغاربة - كما تورد ذلك المجلة العلمية المتخصصة «علم وحياة» - يوظفون أنواعا من المواد التلقيحية المستنبطة من أنواع من الأملاح، مثل كلورور الصوديوم والكالسيوم أوالبوتاسيوم، التي تلعب دورا حاسما في تشرب الرطوبة في الجو، وتسمح بتجميع جزيئات الماء الدقيقة، التي لابد من الآلاف منها لإنتاج نقطة مطر واحدة. وهي الجزيئات التي تكون مبعثرة في السحب، وتحتاج لمن يقويها كي تتحول إلى مطر. أما في المناطق الباردة، فإن التقنيات تختلف، بسبب قلة الرطوبة، وأن تكثيف الجزيئات تلك يحدث الثلج وليس المطر بسبب النزول الطبيعي لدرجات الحرارة. والأمر هنا يتحدد منذ 1940، في تلقيح السحب ب « الكاربون المثلج» أو «مُرَكَّزِ الفضة»، الذي هو أشبه تركيبيا بنقط ماء مجمدة.