بقدر ما ينفتح الفضاء السمعي-البصري على فاعلين جدد، بقدر ما يتواصل ويتعمق الأرق حول المنتوج الوطني، جودته ونجاعته والأسئلة التي يغترف منها توجهاته، بالإضافة إلى الخدمة التي يقدمها، أو بالأحرى لا يقدمها، للمشاهدين والمستمعين. ثمة بالطبع نقط ضوء لا يمكن الصمت حولها بمبرر تواضع الأداء التلفزي والإذاعي عموما. وهي نقط لن يفوتنا التطرق إليها في هذه الصفحة الأسبوعية، حتى لا يتهمنا أحد، لحاجة في نفس يعقوب، برؤية نصف الكأس الفارغة فقط. لكننا سنسلط الأضواء الكاشفة، أيضا وبدون محاباة، على هذا النصف الأعلى لأننا نعتقد كتاب الصفحة ملقحين ضد عمى الألوان. إن الحاجة قائمة لمواصلة النقاش حول مشهدنا السمعي-البصري، ولمتابعة ومرافقة ومساءلة أدائه، في مكونه العمومي مثلما في مكوناته غير العمومية، والحوار الوطني الجاري حاليا حول الإعلام برهان إضافي على هذه الحاجة. سننتصر لقدسية الخبر وحرية التعليق، وسننتصر للإنتاج الوطني حين يكون متألقا. سننتصر للجودة ولقيمة الخدمة المقدمة للمواطنات والمواطنين بمختلف أجيالهم واهتماماتهم، وسننتصر للتعددية المميزة لمجتمعنا. وبنفس قوة هذا الانتصار، سنتحمل مسؤوليتنا في النقد والتنبيه حين ينجلي العطب أو الخلل. ومع أن التفاصيل، من قبيل البرمجة وعدم إغفال هذا البعد أو ذاك ضمنها، مهمة في هذا الحقل، رغم أن الشيطان يكمن فيها، فإننا سنحاول قدر المستطاع عدم الاكتفاء بها، لأن أوضاع المشهد السمعي- البصري مغربيا مركبة يتداخل فيها التاريخي مع السياسي، التنظيمي مع القانوني، الموارد البشرية مع الإمكانيات التقنية. ولذا، سنطرح أيضا الأسئلة الاستراتيجية المتعلقة بالمجال، مساهمة منا، ومن الذين سنحاورهم أو نستكتبهم، في نقاش يبدو أن المغرب ضيع فرصته حين صياغة والمصادقة على النصوص المهيكلة للقطاع: تأسيس الهاكا، التحرير وتشكيل القطب العمومي... خاصة في ظل التحولات العميقة التي يعيشها عالم اليوم، هذه القرية الصغيرة، بفعل الثورة الرقمية والهيمنة المتزايدة لوسائل ووسائط الاتصال والتواصل الحديثة.