وضع المغرب منذ أزيد من سنتين حدا لاحتكار الدولة لميدان البث الاذاعي والتلفزي وفتح فضاءه أمام القطاع الخاص للاستثمار فيه. وكنتيجة لهذه المبادرة كان انطلاق اشتغال أول الإذاعات الخاصة، حيث منحت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الجيل الأول ثم الجيل الثاني من التراخيص لإقامة واستغلال عشر خدمات إذاعية خاصة. كان لتحرير المغرب لفضائه السمعي البصري، في جانبه الاذاعي أساسا، الفضل الكبير في خلق دينامية جديدة في الأثير المغربي، وكذا الدفع بالفضاء الإذاعي إلى تحقيق التنوع والتنافسية من أجل تقديم منتوج إذاعي يستجيب وأفق انتظار المستمع المغربي. إن السواد الأعظم من هذه الاذاعات «الخاصة جدا»، بالفعل بذل مجهودا كبيرا لتطبيق ما جاء في دفاتر تحملاتها من مقتضيات عبر خلق وتقديم برامج للمواطن ومن أجله. فكانت النتيجة، برامج إذاعية من نوع «گولها وارتاح» و«سبت الحيحة»، وهلم جرا، الى الحد الذي تحولت فيه بعض الاذاعات، إلى «علب ليل»، «الشطيح وأورديح» من أجل الالتزام بمبدأ الترفيه. إلا أن الملاحظة الأبرز في إذاعاتنا المتنوعة، كونها إذاعات «خاصة» ب«طحين الهضرة»، واستخلاص «النسيان»، برامج تفيد فقط في شد المواطن للسماع ولا يفهم بعدها شيئا مما سمعه، إلى درجة وصفها ببرامج من نوع «سمعها ونساها». كما إنه لتحقيق القرب، الذي تتغنى به الاذاعات، اعتمدت آخر الاختراعات التي وصلت المغرب، وهي «رنات الهاتف» والرسائل القصيرة المرسلة» إي «الهاتف» ثم «الهاتف» لتحقيق «التهاتف» الربحي. هذا «التهاتف» الذي حول الاذاعات الخاصة، الى «سطاندارات» مفتوحة، تسمع فقط رنين هاتف، كي يتحدث شخص في الطرف الآخر ليقول لا شيئ، و في الطرف الثاني أسئلة «بايخة» و«تلواك الهضرة»، «جر اللسان» لاستهلاك أكثر للهاتف دون احتساب الانتظار..