أي نموذج لجهوية نريد؟ ما هي العناصر الذاتية والموضوعية التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار في التقطيع الجهوي الجديد؟ هل نريد وحدة ترابية مقررة ومنفذة في تسيير وتدبير شؤونها؟ ما هي الحدود التي تقف عندها السلطة المركزية وسلطة الوالي؟ كيف يمكن لمشروع الحكم الذاتي أن يساعد على الاستقرار والتنمية بأقاليمنا الجنوبية وحل النزاع المفتعل؟ كيف يمكن للجهوية أن تساهم في توزيع الثروة؟ تلكم بعض الأسئلة التي بسطها معنى السنوسي رئيس الجمعية الاشتراكية للمستشارين والمستشارات لتأطير النقاش خلال المائدة المستديرة التي نظمتها الجمعية أالسبت المنصرم بالمقر المركزي للحزب بالرباط حول موضوع «الجهوية الموسعة»، والتي شارك فيها العديد من المهتمين من أساتذة باحثين ومستشارين ومستشارات جماعيين ومناضلين حزبيين. في بداية اللقاء استعرض علي بوعبيد عضو المكتب السياسي للحزب تصور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حول الجهوية الموسعة من خلال الوثيقة التي أعدها الحزب في هذا الإطار، وأكد بوعبيد على أن هذا المشروع يجب أن يدخل في إطار إعادة النظر في هياكل الدولة، ونظام الحكامة سواء على المستوى المحلي والمركزي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن التصور المتكامل الذي نطمح إليه هو الذي يوفق مابين دور مركزي للدولة على المستوى المحلي لكن هذا الدور المركزي الذي يجب أن يتعزز على المستوى المحلي للرفع من نجاعة السياسات العمومية، ينبغي ألا يكون على حساب ضرورة توسيع الحريات المحلية وفي نفس الوقت، فهذين التوجهين يجب أن يسيرا بشكل متواز. واعتبر عبد العالي دومو أن ضرورة الإصلاح الجهوي، راجع لسبب رئيسي هو عدم استكمال الإصلاح المؤسسي الذي ابتدأ مع حكومة التناوب، مشددا على أن هذا الإصلاح المؤسسي يعوق إشكالية تحديث الدولة ويسقطها في ازدواجية التدبير، نمط تدبير تحديثي ونمط تدبير تقليدوي، وبالتالي يحد من تحقيق التنمية بالبلاد، وأرجع عبد العالي دومو أسباب عدم استكمال الإصلاح المؤسسي والانتقال الديمقراطي إلى عدم توفر الإرادة السياسية الحقيقية الفوقية، من جهة والى الضعف الكبير لضغط النضال المجتمعي لصالح الإصلاح.وبالنسبة لعبد العالي دومو هناك ثلاث مقاربات تفسر ضرورة اصلاح الجهة، الأولى مقاربة أكاديمية تؤكد على ضرورة استكمال البناء الديمقراطي، والمقاربة الثانية تتعلق بالحكم الذاتي بأقاليمنا الجنوبية، والثالثة تتجلى في ضعف الدولة على المستوى الجهوي. وأكد عبد العالي دومو الأكاديمي والممارس في الميدان، على أن الإصلاح الجهوي من المفروض أن يكون شموليا وتكون فيه مؤسسة الوالي مؤسسة بينوزارية، كما لا يجب التمييز والتفريق ما بين الديمقراطية و النجاعة في إرضاء الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وتحسين ظروف عيشهم، مطالبا بإعادة النظر في الاختصاصات ما بين فرقاء الدولة والجماعات المحلية، وتوزيع الموارد مابين الجهات على أسس ومعايير علمية مضبوطة مرتكزة على سياسة واضحة في ميدان إعداد التراب الجهوي، وطالب بتقطيع جهوي يخضع لمقاربة تؤدي للتنمية الجهوية يراعي التنوع المجالي وتعدد المؤهلات والأقطاب، مشيرا إلى أنه ليس هناك تقطيع «مثالي» لذلك عملية التقطيع تتطلب التحكيم. ومن جهته حذر محمد عياد من الاندفاع والتسرع في الطروحات لأن إشكالية الجهوية في دولة كالمغرب، مطلوب أن تأخذ وقتها الكافي في الدراسة والتحليل، معددا في نفس الآن الأسباب المتعددة لنزول هذا الورش بالمغرب، ومنبها كذلك على أننا في حاجة إلى جهوية متمكن منها ديمقراطيا وغير منحرفة، كما أشار إلى أن التقطيع الجهوي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مبدأ التضامن الوطني و كل ما يعزز اكتمال الدولة الوطنية. وعرج ذ أسعد في مداخلته على مفهوم الجهوية أكاديميا، وبعض النماذج المطبقة للجهوية في البلدان الأوربية، بالاضافة إلى الجهوية المطبقة بالمغرب منذ سنة 1996، ونمط الجهوية التي نريد. لقد صنف ذ أسعد الجهات كما هو متعارف عليها علميا إلى خمسة أنواع: أولا جهوية إدارية، جهوية بواسطة الجماعات المحلية، جهوية باللامركزية، جهوية سياسية وأخيرا جهوية فدرالية. وأشار على أنه في أوربا والعالم بأسره لا يوجد نموذج واحد لجهوية خالصة وأعطى مثالا لذلك ففرنسا تطبق الجهوية اللامركزية، بينما اسبانيا وبلجيكا وايطاليا تطبق نموذج الجهوية السياسية، لذلك يؤكد ذ اسعد على المغرب يجب أن يحسم في نوع الجهوية التي يريد مستقبلا. كما تدخل خلال هذه المائدة المستديرة كل من بوراس أستاذ بكلية الحقوق بطنجة، وذ خمري أستاذ بكلية الآداب بأسفي في موضوع الجهوية الموسعة وأعقب ذلك نقاش غني ومستفيض.