إذا كانت العواصم الاقتصادية في العالم تتشابه في أمور شتى، منها استقطاب الهجرة من المدن الفقيرة والاكتظاظ وتعاظم أعداد المشردين وانتشار الجريمة وغيرها من المظاهر الاجتماعية، فإن الدارالبيضاء تفوق هذا التشابه. فهي العاصمة الاقتصادية الوحيدة، التي تفتقر إلى بنية تحتية في مستوى عنوانها، وهي المدينة التي تنفرد بانتشار «الكراول»، ويكفي أن نذكر أن حوالي 5000 «كرويلة» تتحرك فقط في: سيدي معروف، عين الشق، الحي الحسني، الهراويين، مولاي رشيد وسيدي عثمان، درب السلطان، دون احتساب الضفة الاخرى في اتجاه الحي المحمدي، عين السبع، البرنوصي وغيرها، أضف إليها حوالي 1500 سيارة «للخطافة» دون إغفال عشرات الطاكسيات غير المعترف بها أولا تتوفر على تراخيص. وقد تتشابه عليك الصورة وأنت في مداخل هذه المدينة الغول، فتتساءل هل أنت أمام مدينة حديثة وعصرية، أم أنك تلج «فيلاج» بدون ضفاف ، خصوصا إذا أضفنا إلى المشهد، الأبقار المتجولة في بعض الشوارع والكلاب الضالة وأصحاب «كراريس» الصوصيص، وباعة «البال» المتجولين وباعة «النوكة» و«السردين» و«السمطة».. ويزداد المنظر سوريالية، حين تجد أرفع السيارات تتخلل الشوارع، ومقرات المؤسسات الإقتصادية الكبرى «تنطح» الأعالي، و«عظمة» بنايات العمالات، هذه الأخيرة التي تشكل المرفق الوحيد الذي تم «الاجتهاد» فيه على المستوى العمراني ، ومعروف أنه خلال سنوات «الاعتقالات»، لم يكن الابداع في «العمالة» من أجل غرض فني، بل من أجل إظهار هبة المخزن ، أي زرع الرهبة! بمعنى أننا لا نتفنن في فعل شيء في هذه المدينة إلا من أجل «الخلعة» وبث «الرعب» ! عدة تصاميم وضعت للدار البيضاء ومئات الأيادي خطت آلاف الدراسات في شتى المجالات، لنصل إلى واقع واحد عنوانه الأكبر: عاصمة اقتصادية لاتشبه مثيلاتها في باقي بلدان المعمور!