المتأمل لما آلت إليه السياسة في المغرب منذ أن تم التراجع عن المنهجية الديمقراطية، وما خلفه ذلك من إحباط وتداعيات أثرت سلبا على صورة المغرب، لا يمكن الا ان يحذر من الانعكاسات الخطيرة التي سيؤدي اليها هذا الاختيار الذي سيزج بالبلاد الى الهاوية، ويعيدها ربما الى مرحلة «السكتة القلبية». هذا الاختيار، والتراجعات المرافقة له، خاصة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، سواء في الإنتخابات المحلية او الانتخابات التشريعية، جعل العديد من الوجوه تسطو على هذه المؤسسات، دون أن تكون لها أية شرعية، وتتحكم فيها، مما سيجعلها توظف هذه المؤسسات لمصالحها الشخصية الضيقة عوض ان تكون في خدمة الوطن والمواطن. ما حدث اصاب قلب البلاد بعياء شديد يتطلب الامر معه اجراء عملية جراحية تؤهله كي يتنفس هواء الحرية والديمقراطية بشكل لا يدع للدخلاء والدجالين الفرصة لكي يعبثوا بحاضر ومستقبل البلاد والعباد. ما حدث من ردة في العديد من الميادين، وعلى رأسها الاستحقاقات الانتخابية، جعل العديد من السماسرة واللوبيات يتحكمون في العديد من المؤسسات، وهو ما لا يخدم بأي شكل من الاشكال التنمية في كل ابعادها ولن يخدم حاضر ومستقبل المغرب، الذي ضحى ابناؤه بالغالي والنفيس قصد الوصول الى تجربة التناوب التوافقي، هذه التجربة التي بالفعل اوقفت النزيف، وجعلت بلدنا يحضى بمكانة خاصة لدى الرأي العام الدولي، الشيء الذي عكسته العديد من الشهادات من مختلف المنظمات والدول. واليوم، يحاول البعض تكريس ذات الوضع عبر السطو على المؤسسات التي يتهيأ لها المغرب، لن يجعل الوطن يتعافى من «السكتة القلبية» التي أشار لها الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب له للشعب المغربي. ما يرتب له اذن يفرض على كل وطني غيور ان يواجهه ويحذر من تكريسه في الواقع حتى لا تعطى الفرصة للسماسرة واعداء الديمقراطية ليحولوا المغرب إلى مجرد «شكارة» تغرف منها الأيادي المتسخة، بالمؤامرات والدسائس و المخدرات، الأموال والخيرات. وللاسف يحدث هذا في الوقت الذي تحاك ضد الوطن المؤامرات والدسائس من طرف اعدائه في الخارج للنيل من وحدته الترابية، هؤلاء الاعداء الذين يجدون في «لوبيات الداخل» السند الموضوعي لتنفيذ مخططاتهم، رغم الشعارات المضللة التي ترددها هذه اللوبيات، بينما هي تدعم موضوعيا خصومنا للنيل من وحدة البلاد الترابية وفي خنق انفاس البلد ككل. إن الاستحقاقات القادمة تفرض وجوها وطنية نزيهة نابعة من صناديق اقتراع شفافة وحرة، تعكس إرادة الجماهير الشعبية وتطلعها إلى الانعتاق والتقدم وبناء دولة تُحترم فيها المؤسسات والإرادات.