أخونا الطاهر بورحى سلام من إخوتك بحركة الطفولة الشعبية، سلام عليك في ذكرى الطفولة الشعبية أخا متميزا، عمليا واستثنائيا. أخ استثنائي للجميع لا نعرف له خصما أو معارضا منذ التحاقه بحركة الطفولة الشعبية في أواسط الستينيات، كل الذين تعاقبوا على مختلف المسؤوليات الوطنية والمحلية عرفوا لدى المناضل الطاهر خصوصية رئيسية، وهي الإمكانية المستمرة في أن يعتمدوا عليه في كل وقت وحين، وحتى الحديث والتقرير في خصوصياتهم الفكرية و حميميتهم العلائقية. كل الذين كانت لهم معه نقاشات حول قضايا فكرية ومجتمعية أو خلافات حول إشكالات تربوية؛ كانت تنتهي كلها بالقبلات والأحضان، فبالرغم من كثرة الخلاف الذي يعرف عنه فإنه كان باستمرار يدفع بخلافاته إلى الفعل كبديل عن كل موقف معلق أو سلبي، وما الاختلاف لديه إلا فرصة لا تعوض ولا يتركها تضيع ليدفع بالتفكير في إمكانات أخرى، أخ عملي لأنه كان يقف على الفعل وعلى العطاء وعلى البدل بسخاء وعلى العمل أولا وقبل كل شيء بدون أن يمارس على الآخرين لا قيادة سلطوية ولا رئاسة أمرية ولا زعامة سياسية على الرغم من أنه كان قائدا ورئيسا وزعيما بالفعل وبالعمل وبالأخلاق العالية، ولكن دائما وأبدا، مع الآخرين وإلى جانبهم لأنه كان يؤمن بالعمل الجماعي والجمعوي حتى النخاع، وقد كان من بين الذين رفعوا في أول تجربة لملتقى المرهقين شعارا فرعيا : لا للأستاذية ولا للأبوية. أخ متميز لأنه يحب الآخرين، يحب كل الناس ولا يكره إلا الذين يكرهون الآخرين، وكم مرة سجلنا حضوره الإيجابي في مواقع للحب في أوسع مفاهيمه وفي فضاءات للتسامح في أزهى صوره وفي ساحات للتصالح بين القلوب والتقارب بين العقول. وكان دائم الإخلاص لأصدقائه وأحبائه وعائلته يتكلم عن الجميع، وبصفة خاصة عن أبنائه من صلبه وعن أبنائه من الوطن بافتخار قل نذيره ويقدمنا للآخرين بتقدير واحترام ويلتزم الصمت وراء القضايا الكبرى والأحداث الاستثنائية والمناضلين الشرفاء مفضلا الاستماع إليهم والاستمتاع بلحظات الوقوف إلى جانبهم. وقفة حب ووفاء من طرف الذين ينادونه ب: الهو أو با الطاهر أو النكوت، إلى الذين يلقبونه بسي الطاهر أو الأستاذ أو حتى الأمير، في مجال / فضاء كان يعطيه كل نبضات قلبه وعرق جبينه ويسهر على المردودية المتميزة به: فضاء خرزوزة الذي يرتبط لدى الكثير باسمه و بحضوره الدائم فيه وله، والذي استلهم منه كل الأفكار الحية والحداثية في مجالات التربية والتكوين والتنشيط والترفيه ودافع عنها داخل حركة الطفولة الشعبية، كما أن فضاء خرزوزة هو من نبهه لمرضه وألهمه القدرة على التحمل. وقفة الأخوة الصافية لأخ عندما أصيب ومن فراش المرض الذي ألزمه بعدم الحضور إلى لقاءات يطلب من هذا عدم نسيان كذا ومن ذاك الاهتمام بهذه ومن الآخر التفكير في الموضوع الفلاني ومن آخر طرح وجهة نظره كما أبلغها له في زيارة خاصة أو نقاش ثنائي، لا تنتهي عنده الطفولة لا كقضية ولا كتنظيم سواء في القسم كمعلم مربي متمرس أو في المقهى كجليس وأنيس أو في النادي كمؤطر أو في الطاكسي كمتحدث أو القطار كمفكر أو على كرسي يمتد للحظات لاسترجاع الأنفاس قبل معاودة العمل، لا يفكر أين سيستقر حتى يستقر الآخرون وهو من رسخ لدى أطر الحركة مقولة : الاستقرار حر والالتزام كلي، ويمارس نكران الذات الى حد الإشفاق، يطالب المشرفين على أي محطة أن يكونوا قدوة في التفاني والإيثار والعمل، لا يمل من تصويب الأخطاء والسهر على تصحيح الاعوجاج حتى لا يقال أن تربيته ناقصة. لا غرابة لنسيج هذا المناضل الذي كان في زمن يعتبر ممثلا لعديد من التنظيمات لدى تنظيمات أخرى، لا غرابة لرجل كان مع مجموعة من الأطر الشابة التي صاغت أحد الشعارات الأولى للحركة: التطوع مفهوم وجود واستمرار للحركة. تحية محبة أخوية صادقة من أخوتك بحركة الطفولة الشعبية وبالحركة الجمعوية عموما وتحية خاصة للأخت السعدية والبررة حنان و منية والمهدي و خولة ، فرضاك عنهم جلي و يسطع على جباههم، إن مقعدك سيضل بيننا، وصورتك حاضرة في قلوبنا شاهدة على بصماتك المتميزة والخالدة. وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا، ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها، وسنجزي الشاكرين. صدق الله العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون (المكتب المركزي يوم الأحد ثالث يناير 2010)