أعتقد أن الشتاء ستفعل خيرا بالمسؤولين إذا أمطرت بعيدا عن المدينة. وأعتقد أن معظم المتربعين على كرسي المسؤولية بالعاصمة الاقتصادية، يكنون «عداء» خاصا للمطر، يفوق «العداء» للخصوم السياسيين وغيرهم، ولعل من بين الأمنيات العزيزة لدى هؤلاء، إن كانت ستمطر السماء، فلتمطر مباشرة في البحر، أو في الضواحي، ومن يعرف تربة المدينة وخباياها، يعلم أن المجالس ستكون فخورة جدا بتنظيم رحلات للمواطنين إلى حيث يهطل المطر، بل قد تنصب الخيام وتقام المآذب هناك وكل اللوجيستيك الذي يحتاجه المرء للاستمتاع بمنظر المطر! فمجالس الدارالبيضاء عودتنا على السخاء في مثل هذه الأمور، فمجلسها الرئيسي أنفق في الولاية السابقة 600 مليون سنتيم في عملية استقبال واحدة لوفد أجنبي لم يتعد 4 أشخاص زائد السائق، وينفق بعض أعضائه على مدار السنة ما يزيد عن 40 مليون سنتيم لنقل الشيوخ وحتى الشباب الى حامة مولاي يعقوب، فما بالك بالاستجمام في المطر! وحده المطر يصيح بملء زخاته بهشاشة المدينة، ووحده يترجم ما لم تستطع أفواه 4 ملايين نسمة التعبير عنه، وحده ينبهنا الى أن الإقامات التي نقطنها مجرد اسمنت من ورق وبأن القواديس تشبه «جعبات» الأقلام، وبأن قنوات الشوارع صدئة، و الإسفلت مجرد لون أسود، وبأن الحدائق ليست حقيقة خضراء، والطرقات قد تليق روافد جيدة للأودية، والعمارات الشاهقة ما هي سوى منظر بعمر قصير... ربما قد يكون في أمنية المسؤولين ودعائهم خير لنا، وحفظ لسلامتنا من الكوارث وتبعاتها الثقيلة ، كيف لا، وهم أعلم بالهشاشة التي هم عليها قاعدون!