ثمة مغاربة استثنائيون، تتوفر في مسار حياتهم كل توابل الفرجة السينمائية، لكن مخرجينا قلما ينتبهون إليهم. من هؤلاء المغاربة الذين تستحق سيرتهم أن تتحول إلى شريط سينمائي، لما تتضمنه من مغامرات وتشويق، البطل علي بلحسين الذي وافته المنية قبل شهور. وعلي أنجار، المشهور بلقبه الرياضي علي بلحسين، أول مغربي روض «موطور الخطر»، ويعتبر رائد رياضات المغامرة بالمغرب. وقد سبق لي شخصيا نشر التعريف التالي به بمناسبة وفاته: «منذ نعومة أظافره، وبالضبط في ربيعه الثاني عشر، أصاب فيروس المغامرة وممارسة الرياضات التي لا تخلو من خطر علي، ليتتلمذ على يد رياضي مغامر من جنسية إسبانية ويصبح أول مغربي يمارس رياضات المغامرة بواسطة دراجة نارية. بعد جولات عديدة قادته إلى كل فج عميق في المغرب، سعى الشاب أولا إلى تطوير قدراته، ثم إلى اكتشاف عروض جديدة ومبتكرة تمنح جماهير المتفرجين متعة أكثر وأحاسيس بالخطر أقوى، فكان أن أبدع «حائط الموت» المكون من هيكل أسطواني خشبي يجوبه بدراجته النارية بشكل دائري، صعودا ونزولا، ويداه ممدودتان وعيناه معصبتان. وإذا كان البطل المغامر قد فارق الحياة في سنته الرابعة والثمانين، فإن شهرته تجاوزت حدود المغرب، خاصة بعد الجولات الرياضية الناجحة التي جعلت المولعين برياضات المغامرة يكتشفونه ويعجبون به في كل من تونس، الجزائر، فرنسا، إسبانيا والهند... مثلما كانت أسفاره إلى الخارج فرصة للاحتكاك بممارسي ذات الرياضات الأجانب وإغناء عروضه.» أجل، إن سيرة ومسار قاهر «جدار الموت»، البطل العصامي الذي وهب الفرجة لأجيال كاملة من المغاربة، بل كان فرجتها الفريدة حين كان التلفزيون، ومعه قاعات السينما، عملة نادرة، إن سيرته ومساره يستحقان التحول إلى شريط سينمائي يحافظ على الذاكرة الوطنية ويمنح الأجيال الشابة فرصة التعرف على بطل منح فرجة نادرة لآبائهم وأجدادهم. فهل ثمة مخرج في الإنصات؟