منذ الساعات الأولى من صباح الأحد، كانت »قبلة« الجماهير الوافدة من كل فج سطحي وعميق من مدينة الدارالبيضاء وحتى من خارجها مكتسات باللونين الأحمر والأخضر، لكنها ما أن كانت تلج الملعب ومنذ الساعة العاشرة صباحاً حتى تجد نفسها متأخرة عن الحضور، لأن »الإلترات« احتلوا المدرجات كلها في »الماكانة« وفي »فريميجة« وتخوفت الجماهير من استمرار التساقطات المطرية التي تصاعدت في حدود الساعة 1/12 زوالا، لكن خضرة الملعب المبتلة انتعشت بأشعة شمس لطيفة مسحت السماء من الغيوم ووفرت بذلك مناخاً نموذجياً للاحتفال. متابعة المباراة كانت مبنية على معطيات سابقة وترصدت واقع الفريقين، اللذين يعتبران واجهة واضحة للكرة الوطنية. الأسئلة كانت موجهة بالدرجة الأولى لفريق الرجاء الذي سجلنا بشأنه تراجعاً واضحاً في الحمولة الجسمانية، وكذا بخصوص التركيبة البشرية حيث أدخل كريندو وزميله المدافع الأيمن اللذين لم يلعبا أية مباراة سابقاً مع الخضر هذا الموسم. كانت الدقائق الخمس الأولى رجاوية حاول خلالها متولي تسجيل السبق لكن يقظة لمياغري كانت حاضرة. »وعلى الريق«، جاءت إصابة السبق على يد آيت لعريف الذي »عرف« كيف يخدع تثاقل المدافع الأيمن وغياب التغطية على مشارف نقطة الجزاء ليتسرب مثل »الزرزف« ويقنبل في الزاوية الثانية مشعلا لهيب الحماس في جمهور »فريميجة« إصابة مبكرة زادت من مصاعب الخضر في مراجعة خطة الدفاع حراسة لصيقة وتغطية (أي ثنائية الدفاع الفردي ودفاع المنطقة (د 9). الإصابة الودادية بقدر ما رفعت معنويات الحمر، بقدر ما رفعت درجة التشنج و الارتباك عند أصدقاء جريندو. فكيف ذلك؟ من الناحية الجسمانية: كان واضحاً أن فريق الرجاء مازال يعاني من قصور في القوة البدنية، كما يؤكد ذلك الضعف في التدافع والتقافز وتغيير السرعة والرجوع إلى مراكز الدفاع بنفس القوة التي توفرت للوداد ورقمياً تقول العمليات أن الرجاء »منحت« للوداد 11 كرة مقابل 6، وأن التدخلات العنيفة كانت رجاوية أكثر (9/17)، نظراً للحالة النفسية ولغياب التركيز الضروري لتحقيق التعادل. وأمام الزحف الودادي، جنى مدافعو الرجاء 6 زوايا ضدهم مقابل 4 وحتى يتمكنوا من استرداد الأنفاس، فضلوا إرجاع الكرة إلى الخلف لترتيب بناء هادىء على يد كريندو. تكتيكيا: عرف الزاكي كيف يؤثث وسط الميدان ويتحكم في تداول الكرة باللمسات القصيرة والتبادلات المتتالية، إذ سجلنا له 5 مرات تجاوزت فيها التبادلات رقم 8 مقابل مرة واحدة للرجاء، مما أكد تيهان الخضر في غياب منسق ومهندس مركزي، كما أن التسربات الجانبية كانت أكثر عند الوداد (9 مقابل 5) مما وفر لها 7 تقويسات حاسمة مقابل 4 لكنها ساخنة للرجاء، أما التسربات العمودية نحو مربع العمليات فكانت ودادية 9 مقابل 5. وعن »سخونة الطرح« (أي مستوى العراك)، فإن اللقاء لم يعرف لحظات عنف غير رياضية، رغم أن عدد الأخطاء المرتكبة كان متساوياً (15/16)، ورغم أن عدد الورقات الصفراء بلغ 8 (5 للوداد و 3 للرجاء)، وأغلب هذه الإنذارات كانت بسبب التظاهر بالسقوط في مربع العمليات، لكن يقظة الحكم كانت حاضرة، رغم أن ذبابة (ربما) أصابت عينه، عندما أسقط لاعب ودادي في مربع الرجاء... الخلاصة أن واقع الحالة الجسمانية للرجاء تأكد طيلة اللقاء أنه مازال دون المأمول إلى درجة أن أصدقاء اللويسي انتفخوا ثقة في النفس أكثر من اللازم ولم ينتبهوا لقوة التدخل عند اللاعب نكوم الذي ضغط بكل ثقله ليوفر للنجدي فرصة تحقيق التعادل نتيجة نفس الخطأ الذي ارتكبه دفاع الرجاء (د87). هكذا إذن كاد الوداديون أن يبصموا خلالها على تفوق ليس فقط بالنتيجة الرقمية، ولكن أيضاً بالحراك داخل الملعب و »الكلام« بالكرة في إطار التبادلات القصيرة أمام تثاقل أصدقاء كريندو، لكن الحسم كان الخمس الأخيرة بواسطة نكوم، الذي عبد للنجدي طريق تحقيق التعادل (د 88). فهل تنهي هاته النتيجة الإيجابية زمن وشلال التساؤلات بالنسبة لروماو؟ وهل هي انطلاقة جديدة للرجاء؟