يرى عبد الله السعيدي أن الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها الاتحاد يوم السبت 12 دجنبر 2009 بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بالرباط، تأتي تتويجا لمرحلة نضالية أقرتها اللجنة الادارية، نظرا لتجاهل الحكومة لمطالب هذه الفئة التي تقدر ب 35 ألف مهندس، منهم 8000 مهندس ينتمون إلى الوظيفة العمومية. واستغرب رئيس الاتحاد الوطني من الموقف الذي أبداه وزير الاقتصاد والمالية الذي رفض استقبال الاتحاد بالرغم من أوامر الوزير الأول. واعتبر أن مسار الاتحاد منذ المؤتمر الاخير سار يبحث عن التفاؤل وتجربة فريدة ونموذجية في بناء التوافقات كما تطرق في حوار مع الجريدة إلى أهم النقاط المطلبية لهذا الاطار وإلى العديد من القضايا الاخرى التي لها علاقة بالمهنة ومستقبلها في ظل تحرير الخدمات الذي سيتم تفعيلها سنة 2010. ماهي دواعي الوقفة الاحتجاجية التي دعوتم إليها يوم السبت 12 دجنبر 2009؟ تأتي هذه الوقفة الاحتجاجية تتويجا لمرحلة نضالية أقرتها اللجنة الادارية للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة خلال اجتماعها بتاريخ 26 شتنبر 2009. وتميزت هذه المرحلة بعقد تجمعات جهوية كبرى على مستوى أهم المدن بالمغرب، كان آخرها التجمع الذي احتضنته مدينة العيون، حيث حضره المهندسون من مختلف أقاليمنا الصحراوية، ومن المحطات المهمة في هذه المرحلة التي تم فيها حمل الشارة يوم 11 نونبر من هذه السنة، وقد عرف حمل الشارة نجاحا كبيرا، سواء بالنسبة للمهندسين العاملين بالوظيفة العمومية أو المؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو القطاع الخاص. وهو ما يؤكد أن المهندسين معبأون ومستعدون للدفاع عن قضاياهم ومطالبهم المشروعة. أما بالنسبة للتجمع الاحتجاجي الذي دعا إليه الاتحاد يوم السبت 12 دجنبر، فهو تجمع احتجاجي سيحضره المهندسون من مختلف الجهات، وسيكون بمثابة المحطة الاخيرة في هذه المرحلة. بعد ذلك سينعقد لقاء للجنة الادارية في أواخر شهر دجنبر 2009، التي ستعمل على تقييم الأوضاع وستتخذ خطوات نضالية أخرى في حالة ما إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا. نددتم من خلال بلاغ صادر عن الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة بما سميتموه بالتجاهل والتماطل الحكومي في معالجة الأوضاع المادية، هل ترى الحكومة أن مطالبكم تعجيزية؟ لابد من التذكير من الناحية الموضوعية، بأنه حينما عرضنا المذكرة المطلبية على أنظار السيد الوزير الأول في نونبر 2008، بادر هذا الأخير إلى مراسلة عدد من الوزراء لفتح حوار مع المكتب الوطني للاتحاد قصد الإطلاع على مضامين المذكرة. وتكوين رأي حول مطلبنا، ويتعلق الأمر بكل من وزارة التجهيز والنقل ووزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية ووزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة الاقتصاد والمالية، إلا أن هذا الأخير لم يستقبل مكتبنا الوطني رغم أوامر السيد الوزير الأول وإلحاحنا أيضا، بعدما استنفدنا مرحلة شرح مضامين المذكرة المطلبية أمام السادة الوزارء المعنيين، وبعد استمرار وزير الاقتصاد والمالية في موقفه الرافض لاستقبالنا. اعتبرنا أن الوقت قد حان من أجل أن يبادر الوزير الأول لجمع كل الأطراف الحكومية المعنية بملفنا حول طاولةالحوار، وقد كاتبناه في هذا الشأن، غير أننا لم نتلق أي جواب لحد الآن. وانطلاقا من هذا الواقع قررت الأجهزة التقريرية للاتحاد الدخول في هذه المرحلة النضالية للفت انتباه الحكومة إلى أن المهندسين المغاربة لم يعودوا يتحملون تجاهل مطالبهم، ولا تؤخذ بالجدية اللازمة، خصوصا وأن أوضاعهم المادية في تدهور مستمر، كما أن ما طرحوه في الجانب المهني يشكل مطالب موضوعية ومشروعة و ذات أهمية وطنية كبرى. لماذا في نظركم لم يستجب وزير الاقتصاد والمالية لأوامر الوزير الأول ورفض اللقاء؟ لحد الساعة نجهل الأسباب ونستغرب لهذا الموقف غير المبرر خصوصا أن وزارة الاقتصاد والمالية هي من أكبر الوزارات ومن أهمها من حيث تواجد المهندسين. ولابد هنا من الإشادة بالدور الذي يلعبه المهندسون والمهندسات في هذا القطاع، خاصة وأن الجميع يعلم بأن المهندسين يلعبون دورا أساسيا في تحديث كل آليات التسيير داخل هذه الوزارة، كما أن هذه الفئة هي المسؤولة بدرجة كبرى عن عملية تحديث وعصرنة القطاع. طالبتم بفتح حوار جاد ومسؤول مع الاتحاد تحت اشراف الوزير الأول، لماذا هذا الإلحاح؟ هذه المطالبة تأتي بحكم أن المهندسين يتواجدون في جميع القطاعات الحكومية وبالمؤسسات العمومية والجماعات المحلية. ومن هذا المنطلق، فإن المخاطب المباشر هو الوزير الأول، أو من ينتدبه من أعضاء الحكومة لمباشرة هذه المهمة. ما هي أهم مضامين المذكرة التي رفعتموها الى الحكومة؟ من أهم المضامين، هناك أولا ضمان جودة التكوين الهندسي، وتحصين المهنة الهندسية، وتنظيم ممارستها، وكذلك إعادة النظر في الآليات التي تحكم المسار المهني للمهندسين، هذا فيما يتعلق بالجانب المهني، أما فيما يتعلق بالأوضاع المادية والإدارية، فقد طالبنا بإدخال بعض التعديلات على النظام الاساسي الخاص بهيئة المهندسين والمهندسين المعماريين المشتركة بين الوزارات (مرسوم 1985)، ذلك أن الوضعية المادية لهذه الفئة لم تعرف أي تعديل منذ ربع قرن ماعدا التعديل الذي كان سنة 2000، الذي يهم الأجور، والذي أصبح اليوم متجاوزا قياسا مع باقي الفئات المماثلة للمهندسين التي عرفت أوضاعها تحسنا ملموسا في السنوات الأخيرة. ماهي طبيعة الاختلالات في ممارسة المهنة؟ تتمثل في غياب ضوابط قانونية، من شأنها، ألا يتم إدراج في سلك المهندسين إلا خريجي المدارس والمعاهد العليا المتخصصة في هذا المجال، كما أن تنظيم ممارسة المهنة يحتاج كذلك على مستوى القطاع الخاص إلى وضع قوانين تنظمها، وتقنن كيفية مزاولتها. هل تعتبرون بأن الوضعية المادية للمهندسين في القطاع العام تساهم في هروب المهندسين نحو القطاع الخاص؟ هذا الواقع أصبح ملموسا بحكم أن أعدادا كبيرة من المهندسين في مختلف التخصصات قد غادرت المغرب نحو بلدان أخرى نتيجة هذه الوضعية. وعلى المستوى الوطني فإن عددا من الوزارات التي أرادت أن توظف مهندسين، لم تجد الاستجابة في هذا الباب، ونعتقد بأن هذا الوضع إذا استمر سيخلق وضعية خصاص على مستوى تأطير الأوراش الكبرى للبلاد، خصوصا وأن الدولة هي التي تعتبر المبادرة في مجال هذه الأوراش. وكما هو معلوم، فإنه في سنة 2010 سيتم تحرير الخدمات، مما سيجعل مكاتب الهندسة المغربية مهددة بالتهميش، لأنها لاتمتلك اليوم الطاقات الكافية للمنافسة، لذلك فنحن ألححنا في مذكرتنا المطلبية على ضرورة بلورة آليات تمكن من دعم وتشجيع الخبرة الهندسية الوطنية، بما يجعلها قادرة على المنافسة. وبما يحصنها ضد الافلاس او في أحسن الاحوال التهميش، ولابد هنا من التذكير بأن تجربة بعض المكاتب التي دعمتها الدولة، تعتبر اليوم من المكاتب في ميدان الخبرة الهندسية، التي باستطاعتها أن تصمد امام المنافسة الأجنبية، وتضاهي في كفاءتها المكاتب الأجنبية. ماهي وجهة نظركم في استراتيجية الدولة المتعلقة بتكوين 10 آلاف مهندس في افق سنة 2010، وتقييمكم لهذه الاستراتيجية بالنظر الى الوضع المتردي الذي تعرفه منظومة التعليم؟ كما هو وارد في المذكرة المطلبية للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، فإننا لسنا ضد هذه المبادرة، شريطة ان توفر لها كل الشروط الضرورية من تمويل وبنية تحتية وتجهيزات، وبالاخص التأطير البيداغوجي، لذلك نطالب اليوم بضرورة تقييم نتائج هذه المبادرة من باب الحرص على ألا يكون الكم هو المهيمن على الكيف. وحتى لايدمج في سلك المهندسين من لم يتلق تكوينا هندسيا حقيقيا وفق المقاييس المتعارف عليها. ماهي وجهة نظركم في النظام التعليمي الحالي لتكوين المهندسين، ألا تعتبرون أن النظام الحالي هو نظام لا يساهم في نجاعة مساهمة المهندس في تطوير الاقتصاد الوطني؟ لا يمكن أن ننعت النظام الحالي لتكوين مهندسينا بهذا النعت، فالنظام الحالي داخل المدارس والمعاهد العليا يعرف تحسنا مستمرا، ويواكب المستجدات العالمية ومستوى الاطر الهندسية التي يفرزها، لا يمكن لنا الا ان نفتخر بها ولابد أن نشير هنا الى أن الطلبة الذين يتابعون التكوين الهندسي يصنفون في خانة نخبة النخب على مستوى التفوق الدراسي. ماهو تقييمكم لمسار الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة منذ المؤتمر الاخير؟ مسار الاتحاد الوطني منذ مؤتمر الأخير المنعقد في الرياض في مارس 2008 مسار متميز ويبعث على التفاؤل. فالتجربة من الناحية التنظيمية، نعتبرها تجربة فريدة ونموذجية في بناء التوافقات. وفي تحويل الاختلافات الى غنى يمكن من جعل المنظمة قوة اقتراحية تشتغل بشكل تكاملي و بمنهجية تعتمد العمل المشترك والشفافية الكاملة واحترام حق الاختلاف، وبهذا المعنى فالاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة يساهم في بناء ثقافة جديدة للعمل داخل المنظمات الجماهيرية. ونحن نتحدث عن الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، لابد من ذكر أحد الاعمدة التي أعطت الكثير لهذا الاطار ويتعلق الأمر بالفقيد يوسف ازواوي، ماذا يمثل لك هذا الاسم؟ يوسف الزواوي رحمه الله كان رئيسا بالاجماع للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة مابين 1984 و 1986 وكان مثالا للنزاهة والاستقامة والكفاءة المهنية. كان رجلا كبيرا بأفكاره ومبادراته، مترفعا عن الحساسيات والذاتية.. بسيطا كان وشفافا في حياته. أتذكر دائما ابتسامته الرائعة التي تبعث على الأمل، وتحث على العطاء والعمل.