على الرغم من المجهودات الكبيرة التي بدلها المغرب سواء على المستوى الدبلوماسي أو الإعلامي لدعم مقترحه للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، والمساعي الحثيثة لإقناع القوى العظمى و الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بجدوى وفعالية الطرح المغربي . إلا أن هذا المقترح أي الحكم الذاتي- والذي يعتبر بمثابة خطوة شجاعة بالنظر إلى عدة عوامل متعددة منها ما هو سياسي و اقتصادي و اجتماعي و ثقافي أيضا- لا يزال يعاني من عدة نواقص و ثغرات، نحاول أن نناقش أبعادها الإعلامية “التسويقية الترويجية” أكثر نظرا لتزامنها مع الحملة الإعلامية من طرف وسائل الإعلام الاسبانية ومن طرف منابر إعلامية أخرى ضد المغرب على خلفية أحداث الثامن من نونبر الجاري بالعيون. إذ يتخلل المقاربة المغربية لتسيير قضية الصحراء تقصيرا واضحا من حيث المعالجة الإعلامية للقضية ، فيما يخص بالأساس الترويج للموقف المغربي على المستوى الخارجي حتى يتسنى استهداف الرأي العام الدولي بدل الاقتصار على الداخل ، وذلك من اجل الوصول إلى ثلاث غايات أساسية : تتمحور حول تفسير الملابسات التاريخية والسياسية للقضية ، ثم الإقناع تبعا للقراءة والرؤية المغربية، ومن تم استقطاب أصوات مؤيدة للمشروع المغربي . ويظهر هذا التقصير من خلال غياب سياسة إعلامية مرافقة ومكملة للعمل الدبلوماسي ، والأمثلة حول هذا الأمر متعددة ،كان آخرها خبر اختطاف مصطفى سلمة ولد سيدي مولود والذي رافقه نوع من العشوائية والسذاجة في التعاطي الإعلامي مع الخبر والترويج له، مما ضيع على المغرب فرصة حقيقة لفضح ممارسات البوليساريو ومن وراءها الجزائر التي تنصب نفسها فوق العادة كطرف مدافع عن حقوق الإنسان. في مقابل هذا الإهمال الرسمي المغربي لدور الإعلام الذي يعتبر الوسيلة الناجعة لتحقيق الغايات السالفة الذكر، يبدو أن جبهة البوليساريو و بدعم من الجزائر أجادت توظيف وسائل الإعلام وبالأخص الإعلام الاسباني المستأجر. هذا التوظيف الممنهج والمحكم أدى فعلا إلى تحقيق أهدافه و غاياته تماشيا مع عدة إرهاصات لعل أبرزها ملف اميناتو حيدر وأحداث العيون الأخيرة، فقد تم” فبركة” الأحداث وتزييف الحقائق و أدلجة الأفكار اعتمادا على بعض المنابر الإعلامية الاسبانية سواء المكتوبة أو السمعية المرئية ،الشيء الذي أدى بشكل تلقائي إلى إقناع الرأي العام الاسباني، ثم استقطاب بعض فعاليات المجتمع المدني للدفاع عن الأطروحة الانفصالية، وهذا هو الهدف والمغزى الرئيسي للحملات الإعلامية التي تشنها كل من الجزائر والبوليساريو تارة لعرقلة مسار المفاوضات و الامتداد الدبلوماسي المغربي، وتارة أخرى للترويج لما يصطلح عليه ” حق الشعب الصحراوي” لحشد الدعم من جهات خارجية . أمام هذا الاستغلال الواضح والفاضح لكل الوسائل سواء المشروعة و غير المشروعة من طرف خصوم الوحدة الترابية للمغرب، أضحى من المفروض، بل من الضروري على صناع القرار السياسي والمسؤولين على ملف الصحراء المغربية تبني سياسة إعلامية واضحة المعالم بالموازاة مع ما يبذل من مجهود على الصعيد الدبلوماسي ، لإعطاء الزخم الإعلامي الكافي للموقف المغربي و إدراك الغايات المرجوة والمتمثلة في دعم مقترح منح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة. ومادامت السياسة فنا للممكن و مادام المغرب صاحب حق في هذه القضية فالسؤال يبقى دائما مطروحا: لماذا لا نتوفر على لوبي إعلامي قوي سواء في اسبانيا التي تعتبر الآن المعقل الرئيس لتمرير الأفكار والايدولوجيا الانفصالية، أو حتى في مختلف عواصم صنع القرار؟ وذلك لما أصبحت تستأثر به السلطة الرابعة من اهتمام متزايد من لدن الرأي العام و دورها الكبير في توجيه السياسات والضغط على الحكومات وتغيير مجريات الأحداث ونيل عطف منظمات المجتمع المدني .