يبدو أنه في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، أدركت وكالات الأنباء الافريقية و نظيرتها في العالم ، أن زمن احتكار المعلومة قد ولى بلا رجعة ، وبالتالي يطرح السؤال العريض حول كيفية إدماج قنوات التواصل الاجتماعي الجديدة في استراتيجياتها. وشكلت هذه الاشكالية المتعددة الأبعاد ،محورا هاما في النقاش الذي انخرط فيه مسؤولو هذه المؤسسات ، بمناسبة التئامهم ،اليوم الخميس بالدار البيضاء ، في إطار ندوة حول موضوع " إدماج شبكات التواصل الاجتماعي في استراتيجيات وكالات الأنباء الأفريقية". وأجمع كبار المسؤولين في وكالات الأنباء الافريقية ، المجتمعين بمناسبة انعقاد الجمع العام الثالث للفدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية ،على التأثير الكبير و الواقعي ، الذي أضحت تمارسه شبكات التواصل الاجتماعي ،منذ عشر سنوات خلت ، على مستوى المتابعة الجماهيرية . و استشعارا منهم بمدى خطورة هذه الظاهرة التي باتت تهدد المهمة الأساسية لوكالة الأنباء، المتمثلة في نشر المعلومة الموثوقة وذات المصداقية ، فقد توصل مسؤولو هذه الوكالات إلى استنتاج موحد يشدد على حتمية الولوج الكامل و الشامل لشبكات التواصل الاجتماعي في طريقة عملها مع تكييفها و متطلبات أخلاقيات المهنية . و في هذا السياق ، يرى المدير العام السابق لوكالة الانباء الإيفوارية (إيب) السيد سامبا كوني ، أن شبكات التواصل الاجتماعي ،أضحت في آن واحد " شرا لا بد منه" ، و "أداة لا غنى عنها" للوصول إلى جمهور أوسع، بالإضافة إلى فرض نفسها كقاعدة للبيانات ومصدر لتحديد المعلومة. ومن خلال التجربة التي راكمها في مجال الاعلام، لم يتردد ، الرئيس المدير العام الحالي لمجموعة (أكتيون سيد ميديا) في توجيه انتقاداته لهذه الشبكات ، مشيرا إلى أنها أضحت مصدرا "للانتشار السريع للشائعات والأخبار الكاذبة و الزائفة ". و لتقويم هذا الوضع ، اقترح السيد كوني، خلق تحالف بين شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للمقاومة، بينما ظل يدافع في إطار الفدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية (فابا) عن استراتيجية للمراقبة، ستجعل من الوكالات الأعضاء المصادر الوحيدة الموثوقة لبلدانها. و بالتالي ، فإن نظام المراقبة هذا يهيئ المجال لفرض "شهادة" للمعلومة ، بعيدا عن التجاوزات والانزلاقات التي يحدثها غالبا السباق المحموم على نشر المعلومة الحصرية و الانفراد . و كمتحدث عن الجيل الجديد للاعلاميين ، اعتبر الشاب يوسف كمال، المدير العام لموقع (كيد .ما) أن شبكات التواصل الاجتماعي تمثل فرصة لوكالات الأنباء الأفريقية لتوسيع "مجال تأثيرها " و "أهميتها" لدى السلطات العمومية ، و الرفع من نسبة متابعة منتوجها، مع ضمانها مصدرا جديدا للدخل (الإعلانات)، مشيرا إلى أنه يتعين على هذه المؤسسات ،أولا وقبل كل شيء، دمج هذه الوسيلة في استراتيجياتها من خلال تسريع انتقالها الرقمي. و شدد على ضرورة أن يكون العنصر البشري في صلب هذه الاستراتيجيات، خاصة و أن الامر يتعلق بالانخراط في مهن جديدة تتطلب التكوين و نمادج محددة. وفي معرض تلخيصه لوجهتي النظر السابقتين ، أكد المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء السيد خليل الهاشيمي الإدريسي، أن وكالات الأنباء، و إن كانت في واقع الأمر ، مطالبة بشدة لدخول غمار مرحلة جديدة من التطور ، لكنها بالرغم من ذلك تظل تنعم دائما بدورها المركزي. وأوضح أنه ، حتى لو كانت تفقد أحيانا الصراع من أجل السرعة، فإن وكالات الأنباء، ستظل بفضل صرامتها وحسها الأخلاقي، الأكثر قدرة على مواكبة وتسليط الضوء على الأحداث. و بعد أن وصف الأنباء المزيفة ب" الخطيئة الأصلية " لشبكات التواصل الاجتماعي ، أثار السيد خليل الهاشمي الادريسي ، الذي يشغل حاليا منصب ، رئيس الفدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية، الانتباه إلى أن "الصحفيين الالكترونييين "غالبا ما يقعون في الخطأ جراء التسرع. و شدد السيد الهاشمي الادريسي ، على أنه يتعين على وكالات الانباء الافريقية "التحضير بجدية" لرفع تحدي التحول الرقمى وتأهيل الموارد البشرية لولوج العصر الجديد من بابه الواسع .