بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على أداء سلبي    أسعار اللحوم في المغرب.. انخفاض بنحو 30 درهما والناظور خارج التغطية    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس    حادث سير مروع يتسبب في وفاة شخصين بعد اصطدام شاحنتين    إطلاق برنامج طلبات عروض مشاريع دعم الجمعيات والهيئات الثقافية والنقابات الفنية والمهرجانات برسم سنة 2025    بنك المغرب يحذر من أخبار مضللة ويعلن عن اتخاذ إجراءات قانونية    انتخاب المغرب نائبا لرئيس مجلس الوزارء الأفارقة المكلفين بالماء بشمال إفريقيا    أمن فاس يوقف 6 أشخاص متورطون في الخطف والإحتجاز    استئنافية مراكش ترفع عقوبة رئيس تنسيقية زلزال الحوز    مجلس جهة الشمال يصادق على مشروع لإعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء بالحسيمة    مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو    التفوق الأمريكي وفرضية التخلي على الأوروبيين .. هل المغرب محقا في تفضيله الحليف الأمريكي؟    دونالد ترامب يأمر بتجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا    الوكالة القضائية للمملكة تعلن استصدار 360 حكما ضد المحتلين للمساكن الوظيفية    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    مسلسل معاوية التاريخي يترنح بين المنع والانتقاد خلال العرض الرمضاني    ألباريس: العلاقات الجيدة بين المغرب وترامب لن تؤثر على وضعية سبتة ومليلية    الركراكي يوجه دعوة إلى لاعب دينامو زغرب سامي مايي للانضمام إلى منتخب المغرب قبيل مباراتي النيجر وتنزانيا    أسعار الأكباش تنخفض 50%.. الكسابة يحذرون من انهيار القطاع في جهة الشرق    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    مصادر: اغتيال مسؤول كبير بحزب الله    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية بالقدس الشريف    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    الاتحاد العربي للجولف يطلق سلسلة بطولات تتضمن نظام تصنيف رسمي ومستقل    بنك المغرب يحذر من محتوى احتيالي    المغاربة المقيمون بالخارج.. تحويلات تفوق 9,45 مليار درهم خلال يناير    مبادرة تشريعية تهدف إلى تعزيز حقوق المستهلك وتمكينه من حق التراجع عن الشراء    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    جمع عام استثنائي لنادي مولودية وجدة في 20 مارس    فنربخشه يقرر تفعيل خيار شراء سفيان أمرابط    ‬ما ‬دلالة ‬رئاسة ‬المغرب ‬لمجلس ‬الأمن ‬والسلم ‬في ‬الاتحاد ‬الأفريقي ‬للمرة ‬الرابعة ‬؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    تصعيد نقابي في قطاع الصحة بجهة الداخلة وادي الذهب.. وقفة احتجاجية واعتصام إنذاري ومطالب بصرف التعويضات    الصين: افتتاح الدورتين، الحدث السياسي الأبرز في السنة    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    بتعليمات ملكية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان" لفائدة مليون أسرة مغربية    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بوزيان بنعلي: آل حسون خاصة ، والسليمانيين عامة كان لهم طالع مبين في سماء التصوف


الحلقة 3
محمد بن محمد بن أبي بكر بن الشيخ الودرني : وهو كابن السادات من تلامذة الدرقاوي الآخذين عنه مباشرة ، بل إنه كان كسلفه
من أقرب المقربين إليه ، وأشدهم حبا له وإخلاصا ، حتى إنه كان يمدحه ويتوسل عليه بأزجال تؤكد رغم ضعف أسلوبها تعلقه به ، وشوقه إليه ، ومن أقواله :
وبالأستاذ مولاي العربي وشيخه موْلانا علي الجمال عمرني بالذكر
وبالأقطاب والأوتاد واهل الدائرة أهل حزبنا وغيرهم نفّذ أمري
وبالأسماء الحسنى التي علمت منها وما لم أعلمْ ن ربّ أيّدني بالنصر
أنت المغيث والناصر على العدا وأنت المفجي الكروب يا مال الأمر
* محمد بن محمد بن الشيخ بن يحيى بن أحمد بن علي بن أبي بكر الودرني : درقاوي بامتياز ، أخذ مباشرة عن مؤسس الطريقة ، كان بقيد الحياة عام 1239 ه .. وقد أثر عنه أنه كان يلهج باستمرار ببعض ابتهالات المتصوفة وينسخها ، من قبيل : " إلهي ، ما أقربك مني ، وأبعدني عنك ! وما أرأفك بي ! فما الذي يحجبني عنك ؟ .. إلهي ، كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك .. وكلما أيأستني أوصافي أطمعتْني مننُك .. إلهي ، ما ألطفك بي مع عظيم جهلي ! وما أرحمك بي مع قبيح فعلي ! .. عميتْ عيْن لا تراك عليها رقيبا ، وخسرتْ صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا ... إلخ
ونختم هذه النبذة التي لا نعتبرها سوى بذْرة تتطلب من يتعهدها بالسقي والرعاية لتنمو وتكبر ، وتصبح موضوعا كشجرة ظليلة ، نختمها بدرقاوي آخر ، نرجح أنه التقى بالسابقين في حضرة الشيخ الدرقاوي ، وربما في عرصات القرويين بفاس .. لكنه لم يعدْ كما فعل أولئك إلى فجيج ، بل طاب له المقام بفاس ، فاستقر بها بقية حياته ، وصار له بها أهل وأصحاب ، ومعجبون ومحبون احتفظوا لنا بذكره ونسبه في تراجم متشابهة .. وقدموه لنا تحت هذا الاسم :
- أبو عبد الله محمد بن الحاج محمد بن يعقوب ( بالقاف المعقودة ) بن القاسم السليماني الفجيجي .. انتقل إلى فاس ، وتلقى العلم على يد غير واحد من الأساتيذ والشيوخ كما جاء في سلوة الأنفاس .. بيْد أن نزوعه إلى المجاهدات الروحية ، وتعقبه لأساليب تزكية النفوس وسلامة القلوب رمت به إلى حضرة العربي الدرقاوي ، فلازمه وصافاه حتى غدا من أخص أصحابه ، وأقربهم منزلة إليه
حلاّه الكتاني في سلوة الأنفاس بالشريف الفاضل ، العارف الكامل ، وضرب إلى أنه كان يخبر بالاجتماع بالمصطفى صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما ، ويشير كثيرا إلى ما أنعم الله به عليْه من ذلك ، ويتحدث به ..
ولم يقف اهتمام أبي عبد الله السليماني عند غشيان حلقات العلم ، ومجالس التصوف فحسب ، وإنما كان شديد الحرص على ربط علاقات بأعلام الفكر والتصوف الذين كانت تعج بهم زاوية شيخه .. كما سعى جاهدا في نشر طريقته .. ولم يفته في خضمّ ذلك أن يجعل من آكد واجباته وأوراده خدمة شيخه في زاويته ، وبيته ، فكان يقوم ببعض شؤونه ، ويرعى وده وبرّه .. ومن أمارات تعلقه اللامحدود بالطريقة أنه دأب على بعث الهمة في نفوس المريدين ، وإحياء نفوسهم بما كان ينسخه من مصنفات كبار المتصوفة واشعارهم ، من نماذجها التي وصلتنا عينية الشيخ عبد الكريم الجيلي المتوفى عام 832 ه ، نسخها في شهر رمضان الأبرك بدار شيخه العامرة ، وأولها : ( بحر الطويل )
سأُنشي روايات إلى الحتق أسندت وأضرب أمثالا لما أنا واضع
ولعل أهم ما يميز هذا العلم الشامخ عمن تقدمه من متصوفة أولاد سليمان دخوله معترك التأليف الطرقي المحض ، عبر مؤلفات تتناغم ومشربه .. لكنه للأسف الشديد لم يصلنا منها إلا إشارات عابرة أو عناوين يتيمة لا تتعدى عنوانيْن ، هما :
1/ مرتع القلوب من حضرة علاّم الغيوب :
وهو عبارة عن إخبارات بما منّ الله عليه من مشاهدات في اليقظة أو المرائي المنامية .. وقد اطلع على هذا التاليف صاحب السلوة ، ونقل منه إحدى مشاهداته ، نوردها للاستئناس ، والتأكيد على اتجاهه : " شاهدته عليه السلام ، وهو يبكي ، ويمرّغ وجهه في التراب ، ثم يقول : يا حسرتى على أمتي ، ثلاث مرات .. جهلوا مولاهم ، وتركوا سنتي ، واتبعوا أهواءهم ، وإذا جاءهم أحد يذكر الله ويوحّده ويعظّمه يستهزئون به .. وهو يقول : أمّتي ، ثلاثا ، يا من كان بعباده رؤوفا رحيما .. "
2/ المواهب اللدنية في العلوم الغيبية من حضرة الألوهية :
ذكره في المصدر السابق .. وربما دار موضوعه كما يتجلى من حرفية عنوانه حول المكاشفات التي يغلب عليها الرمز ، والتي لا تُقرأ إلا بعين القلب كما يزعم المتصوفة وقد تكون تلك المواهب نوعا آخر أو حتى تتمة للمشاهدات التي يحتضنها كتابه الأول .
والمؤلّفان معا مفقودان ، مما فوّت علينا فرصة التعرف إلى بعض الجوانب من مسيرته العلمية ، وحياته الصوفية بصفة خاصة ..
أصيب أبو عبد الله السليماني في بصره ، فاحتسب ، وصبر وشكر ، وبقي على حاله من الزهد والعبادة والتقلل من الدنيا ، حتى أدركه الموت بفاس بين العشاءيْن من يوم الاثنين سابع عشر ذي القعدةعام 1264 ه .. ودفن بروضة أبي محمد عبد السلام بن أحمد جسوس ، أحد العلماء البارزين في النحو والفقه واللغة والحديث والتفسير والأصول والبيان وعلم الكلام ..
وقد بني على روضته قوس حسبما ذكر الكتاني في سلوته .. وموقع هذه الروضة قرب سيدي أبي غالب رحمهم الله أجمعين ..
وبالنظر فيما سبق نستطيع أن نقول : إن قصر أولاد سليمان عرف نشاطا صوفيا مبكرا مقارنة بعدد من القصور الأخرى ، وأن شريحة واسعة من تركيبته البشرية ذاقت نفحات المجاهدات الروحية ، تحت نظر شيوخ ورعين عارفين ، وفق ما تقدمه الشواهد والبراهين التي استشرناها .. ولا تزال ثمة كما قلنا في المدخل وثائق ومخطوطات تعيش بين ظهرانيْ أهلنا كما يعيش الدر في الأصداف البحرية ، بإمكانها لو تم استثمارها بشكل صحيح أن تحدد لنا معالم التصوف الفجيجي ، وتلقي المزيد من الأضواء على تاريخه الذي لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه لحد الآن ، رغم ما يشاع من أن الواحة كانت تتنفس هواء صوفيا منذ عهود قديمة ، وأنها كانت مرتعا لكل ما يظهر من طرق صوفية .. ولعل هذا ما سنكشفه فيما يستقبل من الزمان ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.