بعدما تم التطرق لموضوع التعاون الأمني المغربي الإسباني في النسخة الأولى منه، اختار القائمون على مؤسسة الثقافة العربية المنظمة للمنتدى الإسباني المغربي حول الأمن ومكافحة الإرهاب في نسخته الثانية، التطرق لموضوع التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل "التي تعتبر منطقة جد حساسة ويصعب التحكم فيها، وكذلك بالنظر لكون التجربة المغربية الإسبانية في هذا الصدد، تعد جد مهمة لدول المنطقة للاستفادة منها في موضوع مكافحة الظاهرة الإرهابية"، حسب سعيد إدى حسن، رئيس المؤسسة. من جهته اعتبر وزير العدل المغربي، محمد أوجار في كلمته الافتتاحية لأشغال المنتدى، أن خطر الخلايا الإرهابية النشطة على شريط دول الساحل أصبح يقض مضجع كل متتبع للوضع بالمنطقة، بفعل تصاعد التهديد الذي تشكله الخلايا المنتمية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وغيره من التنظيمات الإرهابية، خصوصا مع ارتفاع عدد الخلايا والتنظيمات الإرهابية المرتبطة به، وكذا الخطر الكبير الذي أضحى يتهدد أمن دول المنطقة في ظل استغلال هذا التنظيم للوضع الجيوسياسي المتسم بعدم الاستقرار والتوتر جراء تداعيات الثورات التي وقعت في بعض هذه الدول. ورأى المتحدث أن الأمر أصبح يقتضي إيجاد أرضية تعاون مشتركة بين مختلف دول الساحل، تأخذ بعين الاعتبار البعد الإقليمي لنشاط هذه الخلايا والتنظيمات والخصوصيات الجغرافية للمنطقة والاختلافات والتقارب الحاصل بين الأنظمة القانونية لدولها، علما أن المجهودات الوطنية التي تبذلها كل دولة للقضاء على الأنشطة الإرهابية وفق ما هيأته من خطط وبرامج داخلية لا يحقق النتائج المرجوة ما لم تتعاون معها باقي الدول الأخرى المعنية لمنع الإرهابيين من وجود الملاذ الآمن فوق ترابها. وخلص أوجار إلى أن التعاون الدولي يبقى هو مفتاح نجاح كل مخطط يروم مكافحة الإرهاب والوقاية منه، ذلك أن العولمة واختراق الحدود الوطنية التي توصف بها هذه الظاهرة تفرض تظافر جهود جميع الدول لضمان مواجهة فعالة للتنظيمات الإرهابية التي تنشط على المستوى الدولي. من جهة أخرى قدم عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، التابع للاستخبارات المغربية، من خلال مداخلته خلال أشغال المنتدى معطيات عن منجزات المغرب بفضل سياسته الاستباقية في تعامله مع قضايا الإرهاب، مبرزا أنه تمكن منذ عام 2002 من تفكيك ما يصل إلى 170 خلية إرهابية، وإيقاف 3137 شخصا في هذا السياق وإحباط 344 مشروعا يستهدف المملكة، مشيرًا أن عدد الملتحقين بالتنظيمات الجهادية في سوريا والعراق انخفض بشكل كبير منذ يناير 2014. كما أبرز العرض أن المغرب يواجه عدة تحديات أمنية بسبب تمدد "الروابط بين جبهة البوليساريو وتنظيمات إرهابية في منطقة الساحل، لا سيما ل"تدرج مجموعة من الانفصاليين في رتب تنظيم القاعدة"، كما أن مخيمات تندوف تعدّ "مصدرا للقلق بالمنطقة وفي الساحل المتوسطي بما أنها تخدم عملية انسحاب عناصر من تنظيم القاعدة". وشدد الخيام على كون الوضع يحتاج "تدخلا دوليا للوقوف في وجه خطر تحويل هذه المخيمات لأماكن خاصة بالجهاديين"، قبل أن ينتقل للحديث عن "الفوضى في ليبيا" وما تخلقه من "تحديات أمنية على المستوى الإقليمي"، ومن ذلك نشر السلاح وانضمام الأفراد إلى الجماعات الإرهابية ك"داعش". تجدر الإشارة إلى كون المنتدى عرف مشاركة نخبة من الخبراء الإسبانيين، على رأسهم القاضي الإسباني اسماييل مورينو، الذي نبه إلى أن "الإرهاب الجهادي" لم يعد ظاهرة محلية، بل دولية، وهو ما يتطلب ردا دوليا، مبرزا أن العمل لمكافحة العمل الإرهابي اليوم بات يتطلب تطوير الآليات القانونية للتعاون ما بين الدول. كما تحدثت أنا كيما مارتن، أستاذة القانون الدولي بمدريد، عن أهمية تبادل التجارب ما بين الدول في مجال محاربة الإرهاب قائلة: "المنظومات الإقليمية أكثر فعالية، ويجب أن نتعلم من بعضنا وأن نتبادل الخبرات". الحدود