يتداول مصريون في أرصفة الشوارع منذ أيام، وثائق سرية وحساسة مقابل أقل من نصف دولار، تتضمن مراسلات لجهاز أمن الدولة وتقارير مفصلة عن أدوار ومهام أوكلت خلال الأيام الأخيرة لمشاهير من إعلاميين ومسؤولين لإخماد ثورة 52 جانفي المنصرم، على غرار عمر موسى الأمين العامة لجامعة الدولة العربية الذي استعان به الجهاز الاستخباراتي المصري لفض المتظاهرين في ميدان التحرير وقبوله كرئيس للجنة الحكماء مع بعض الرموز لإنهاء الاعتصام. ويأتي استرجاع هذه الوثائق التي يتم تداولها بسعر جنيهين مصريين، إثر اقتحام متظاهرين عدة مقرات لجهاز أمن الدولة في القاهرة والإسكندرية وبعض المدن المصرية يومي الجمعة والسبت 4 و5 مارس الجاري، حيث صادروا عشرات الوثائق السرية بعد أن قام ضباط بحرق وإتلاف بعضها. وحسبما جاء في إحدى هذه الوثائق المؤرخة بتاريخ 7 فيفري 2011 الساعة السادسة مساء من مباحث أمن الدولة ''أ.م للتنظيمات''، فإنه ''في إطار متابعة مسار الموقف بالنسبة للتحركات الاحتجاجية التي تنظمها عدد من القوى السياسية ببعض محافظات الجمهورية للمطالبة ببعض الإصلاحات والمطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالبلاد، نفيد بأن الرائد خالد محمد محسن الشرقاوي (المسجل 112874 قوات مسلحة يقيم في 2 شارع عبد المجيد سليم، كوبرى القبة) قد تردد على مقر جامعة الدول العربية وقام بترك رسالة لعمرو موسى الأمين العام للجامعة تتضمن إشارة إلى ضرورة قيامه بدور في إنهاء أزمة المتجمعين بميدان التحرير اعتمادا على مكانته الجماهيرية، مشيرا إلى استجابة القيادة السياسية لحوالي 95 من المطالب ووجود أزمة بسبب افتقاد الشباب المعتصمين لقيادة تتحدث باسمهم، مشيرا إلى إمكانية إنهاء الأزمة من خلال تشكيل لجنة حكماء برئاسة عمرو موسى وبعض الرموز الدينية والرياضية والفنية''. يذكر أن عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية قام بدعوة الشباب أثناء ثورة 25 جانفي المنصرم إلى قبول بقاء الرئيس السابق حسني مبارك في السلطة حتى نهاية ولايته. ويتزامن الكشف عن هذه الوثيقة مع إعلان عمرو موسى منذ حوالي أسبوع عن نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك في 11 فيفري المنصرم بعدما أعلنت القوات المسلحة التي تولت تسيير شؤون البلاد التحضير لتنظيم اقتراع لاختيار الرئيس الجديد في الأشهر القليلة القادمة. أمن الدولة تحكّم في تعيين المسؤولين ونتائج الانتخابات من جهة أخرى، كشف الكاتب والسيناريست بلال فضل في مداخلة مع برنامج ''العاشرة مساء'' بقناة ''دريم'' وقناة ''أون تي في'' المصريتين، إنه يمتلك الكثير من الوثائق التي تدين جهاز أمن الدولة، بالتحكم في تعيين الأشخاص في شركات الغاز والبترول، فضلا عن التدخل لإسقاط أحد المرشحين لمجلس الشعب وإنجاح مرشح الحزب الوطني، وكذا إخضاع هواتف العديد من الناشطين السياسيين للمراقبة، كما قرأ وثيقة تخص تكليف رئيس جهاز أمن الدولة لبعض الوزراء، لعرقلة نواب المعارضة والإخوان في مجلس الشعب للتأثير عليهم في دوائرهم الانتخابية. وبالموازاة مع ذلك، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا حذر فيه من تداول وثائق أمن الدولة لخطورة ذلك على الأمن القومي، وقال إن عدم تسليمها لاتخاذ الإجراءات بشأنها، يعرض حامليها للمساءلة القانونية، بينما دعا مجلس الوزراء في صفحته الخاصة على ''الفيس بوك'' جميع الناشطين السياسيين إلى عدم نشر الوثائق، يحدث هذا في وقت طالب فيه موقع ''ويكيليكس'' الشهير على حسابه الشخصي في الموقع الاجتماعي ''توتير'' المصريين بعدم التفريط في الأوراق والمستندات التي حاول الضباط إتلافها في مقرات الأجهزة المختلفة عبر أنحاء الجمهورية خوفا من اقتحام الثوار المصريين للمباني والاستيلاء عليها.