يتزامن هذا المقال مع التصريح الذي أدلى به مباشرة على الهواء المخرج هشام عيوش لإذاعة "مارس" حين عبر عن أمنيته أن يصبح رئيسا "للجمهورية المغربية" وهو ما يعتبر استهتارا بثوابت المملكة المغربية وبنظامها الملكي ودستورها الذي يتوافق عليه الشعب المغربي. كما ان التصريح سبب إحراجا عميقا لإدارة الإذاعة التي قررت قطع علاقتها مع المخرج. أما بخصوص شريطه "شقوق" الذي يعرض حاليا في القاعات السينمائية فيمكن الحديث عليه من زاوية قانونية أولا ثم نقدية ثانيا. "تعمل لجنة النظر في صلاحية الأشرطة الأشرطة على رفض تأشيرة أو الحذف من مضمون الأشرطة السينماتوغرافية التي تتضمن متنافية مع الأخلاق والآداب العامة أو مضرة للشباب أو منع القاصرين الذين تقل أعماهم عن ستة عشرة سنة من مشاهدة عرض بعض الأشرطة". هذا ما جاء في المادة 8 (تأشيرة الاستغلال) من القانون المنظم للصناعة السينمائية بالمغرب. غير أن المركز السينمائي المغربي خرق هذا القانون باعطاء التأشيرة لشريط "شقوق" لمخرجه نبيل عيوش(اخو نبيل عيوش وابن نورالدين عيوش). وهو الشريط الذي سبق وان تحدثت عنه في سياق مقالات سابقة عندما تم عرضه في مراكش وكذلك في طنجة. وهو شريط منحط و "زنقوي" على جميع المستويات سواء في حواره المبتذل أو مشاهده الفاضحة وخاصة الجنسية التي تميل إلى البورنوغرافية، ومشاهد السكر والعربدة في الشوارع وأمام الناس (حيث التقطت مشاهد حية في شوارع طنجة) وفي تهكمه على المشاهد باعتبار أن الشريط الذي صور بدون سيناريو ولا يقدم أي قصة تذكر(إلا ما كان من المخرج الذي صرح أن قصة الفيلم عاشها هو في حياته) إضافة إلى غياب أي معالجة فنية. بمعنى العبث والتسيب عوض الإبداع و الجمالية والمعالجة السينمائية. وأنا على يقين أن فرنسا التي يعيش فيها هشام عيوش وعائلته لن تقبل على تراهاته السينمائية واستيهاماته وقصص مراهقته. ولكن العيب في من قدم له الدعم لإخراج شريطه وأعطى له الحرية المطلقة لتصوير ما يريد. على أن المركز السينمائي خالف من قبل البند الثامن حينما ساهم في تتويج الشريط ببعض الجوائز خاصة جائزة أحسن عمل أول وجائزة المونطاج(في غياب السيناريو). وهو قمة السخرية. وكما قال احد المخرجين المغاربة(من بين الذين استاءوا من مستوى مهرجان طنجة في دورته الأخيرة) "إن الأفلام التي باتت تتوج في المهرجانات، خصوصا الوطنية، أفلام ساقطة ومبتذلة ولا تشرف السينما المغربية في الخارج". والغريب أن شريط "شقوق" خلف استياء واسعا لدى الجمهور(ومن بينهم النقاد أيضا) الذي رآه أول مرة سواء في مراكش وطنجة. بل إن المخرج لم يحضر لنقاش شريطه في مهرجان طنجة الأخير، ولكن قام الممثل المغربي الذي شارك في الشريط باستفزاز الحاضرين وشتمهم لأنهم رفضوا نقاش الشريط. وهذا الاستياء في علم اللجنة المنظمة للعرض ما قبل الأول للشريط الذي نظم في الأسبوع الماضي بالدارالبيضاء. لا افهم المغزى من هذا كله؟ ولا اعرف أين تتجه السينما المغربية في ظل هذه الرذالة؟ إن هناك أشرطة قد لا يتفق معها المرء على صعيد مضامينها ومعالجتها، لكن يتفق مع جانبها الفني والجمالي. فكيف بشريط تغيب فيه كل هذه المعطيات؟ ورغم أنني فكرت من قبل ألا أناقش مثل هذه الأفلام التي يروج لها بالضجات الإعلامية، لكنها المسؤولية النقدية والأمانة التاريخية تفرض علي الخوض في ذلك، ولذلك أقول: إن حصول شريط "شقوق" على تأشيرة المرور للقاعات السينمائية المغربية يعد استفزازا لمشاعر الملايين من المغاربة وتهكما على ذكائهم واستهتارا بقيمهم. إن هذا الفعل يعتبر تشجيعا على الرذالة والانحطاط وليس على الفن الحقيقي والإبداع السينمائي في وقت يمر فيه الوضع السينمائي المغربي من أزمة المصداقية وأزمة التسيير. إن على المركز السينمائي المغربي الذي هو مؤسسة عمومية وطنية والذي يضم كفاءات إدارية مسؤولية تاريخية وفكرية أمام المغاربة الذين يدفعون من أموالهم للمركز السينمائي ولغيره من المؤسسات العمومية، وهو مساؤل أمامهم وأمام التاريخ قبل أن يساءل من طرف مجلس الحاسابات، وعليه أن يقدم تفسيرا لهذا الخطأ الفادح وأخطاء أخرى. مصطفى الطالب ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة