عزيز بوزاوي من المسرحيين الصامتين بمراكش لكنه من الفاعلين والمدافعين عن المسرح وخاصة ألتراتي منه وذلك لطبيعة المدينة وتاريخها ..يصعب الحديث عن عزيز دون الحديث عن باقي أعضاء الورشة لكن طبيعة العمل الصحفي تفرض أن نحاور المخرج والممثل للاطلاع على عمل "ورشة إبداع دراما " من خلاله وأسباب اشتغالها على التراث وبالإضافة إلى أسئلة الشأن المسرحي محليا ووطنيا . فكان الحوار التالي . مراكش (المغرب) : المخرج والممثل عزيز بوزاوي يكشف عن سر نجاح تجربة" ورشة إبداع دراما" في التعامل مع التراث مسرحيا. بوزاوي : مدينة مراكش غنية بالتراث المسرحي سواء بساحة جامع الفنا او النكتة و الفرجة مما ساعدنا على مسرحة التراث
السؤال : كيف بدأت التجربة المسرحية الأخ عزيز ؟ وكيف تأسست "ورشة إبداع دراما " ؟ الجواب : بدأت المسرح بالمدرسة وبالضبط بثانوية ابن يوسف للتعليم الأصيل. وفي سنة 1977 بدأت العمل مع جمعية الجيل الصاعد ومن ثمة ربطت العلاقة مع الأخ توهراش الذي يشتغل معنا في الورشة اليوم . وبعد ذلك استفدت من تداريب هامة جدا اشرف عليها فرنسيون وألمان . وتبقى العلاقة التي توطدت مع عبد الهادي توهراش ذات فائدة هامة بتوجيهي إلى الاشتغال حول العرض المسرحي بمساعدة المخرج عبد الله المعاوي دون أن انسي إخوة آخرين مثل احمد الطبيكي و عمر بوتكروت . كما تمت الاستفادة من الكتب و المجلات بالإضافة إلى التشخيص وغيره . لكن العشق المسرحي سيتعمق منذ بدأت المشاركة في المهرجانات .حققنا مجموعة من الأعمال في الجيل الصاعد حتى وقع الاختلاف بين الأعضاء . فأسسنا " نادي خشبة الحي " سنة 1982 وهنا تعمقت المسؤولية الإدارية لإنتاج مجموعة من الأعمال منها " المفتاح " "شطحات جحجوح" " الدجال والقناع" .... وهي نصوص ليوسف العاني و عبد الكريم برشيد ثم "لكع بن لكع " لإميل حبيبي . وما دام الاختلاف قدرنا . فقد خرجنا للمرة الثانية من اجل تأسيس " ورشة إبداع دراما " سنة 1990 إلى اليوم مع الصديق عبد الهادي توهراش ونادية فردوس دائما لتتعمق المسؤولية من جديد لكن الاتجاه كان إلى الاحتراف بعد أن دام الاشتغال ولمدة سنتين في إطار الهواة ولاتبات الذات . وانتقلنا إلى المسرح شبه الاحترافي ونراعي فيه الإعمال الاحترافية . وفي هذا الصدد بدأنا الاشتغال مع سعد الله عبد المجيد فكان إنتاج مسرحية " تخريفت هرما عند عبيدات الرما " . وهي فرصة للاطلاع على التراث وبه كان قرارنا الاشتغال على التراث المغربي إلى اليوم . فقررت الورشة الاشتغال مع عبد اللطيف فردوس الكاتب و المؤلف المسرحي ليسمى "مسرح التراث المغربي " بالرغم من الصعوبات التي يعاني منها التعاطي مع هذا المجال . ولحد الآن أنجزنا ستة أعمال 1. عبيدات الرما 2. الفراجة ف البساط 3. شكون 4. ضرسة العقل 5. لبسايطية 6. تخريفت هرما مع هذه التجربة أصبحت المهمة جد صعبة لأننا اخترنا موضوعا صعبا للغاية حيث الاشتغال على الفرجة الشعبية و الفراجة المغربية ولازال في الجعبة ما يقال خصوصا مع المؤلف عبد اللطيف فردوس و الحكم للجمهور . السؤال : لماذا الاشتغال على التراث فقط ؟ الجواب : أولا لأننا مغاربة بالإضافة إلى وجود تلك الظواهر التي يمكنها إن تتمسرح . وفي هذا الإطار لعبنا ليوسف العاني وإميل حبيبي . والاختيار كذلك نابع من الرغبة في إيصال هذا التراث للجيل الجديد . تتم مسرحة الظاهرة المغربية ومن خلالها نطرح المشاكل السياسية و الاجتماعية و غيرها . وبحكم المدينة فقد كان تطعيم جامع الفنا لنا بتراثها العريق السؤال : أكيد إن القارئ يريد توضيحا عن كيفية معالجة التراث و كيف تتم مسرحته ؟ الجواب : في الحقيقة هناك صعوبات لذي المؤلف والذي يخاف التكرار من عمل إلى آخر وحتى لا تتكرر المعلومات . لذى وجب البحث عن المعلومات الجديدة ومن حسن حظنا أننا كلنا مراكشيون ومن أجيال متفاوتة . فعبد الجبار الوزير من جيل الاربعينات (1948) وعبد الرحيم رضى من جيل التسعينات ( 1996 ) وكلهم عاشوا المدينة وتراثها خاصة ساحة جامع الفنا . وفي الإخراج : لم أكن أتصور أن أكون مخرجا بل ممثلا لان اللعب هو هوايتي . لكن الإخراج فرض علي وبدعم من الإخوة في الورشة الذين شجعوني على قيادته معهم وبهم وبالتالي قيادة سفينة الورشة علما أن العمل هو بالدرجة الأولى جماعي بما فيهم المؤلف . وامتياز الورشة أنها تناقش حتى مع المؤلف . بالأحرى باقي الأعضاء في الورشة حول طريقة الكتابة . ونظرا لدور الممثل في العمل المسرحي فان النص يكتب كذلك على مقاس الممثل وهي تجربة ناجحة في الورشة أتمنى أن تعمم واقصد هنا الاشتغال على شكل ورشة حيث يقوم الممثل بدور صاحب الديكور مثلا وهكذا . ويرجع الفضل في ذلك إلى تجربة مسرح الهواة التي كانت عبارة عن جامعة بالنسبة لنا حيث الإبداعات الهامة و الكتابات المتميزة . وقد كان افتخارا لنا مما سمح بوجود مجموعة من الفنانين . وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى المعهد العالي للتنشيط والفن المسرحي الذي ساهم وبجدية في تخرج ممثلين وسينوغراف عوض الديكور .. السؤال : كيف تمكنت الورشة لتصل إلى هذا العدد من الأعمال المسرحية ؟ الجواب : أولا ومن حيث الموضوع ركزنا على البعد الإنساني حيث الخير و الشر و الحب . إننا نتوجه إلى الإنسان بحثا عن النبيل فيه ليبقى القاسم المشترك هو الإنسان . أما المواضيع الأخرى سواء السياسية أو الاجتماعية فهي على الهامش . لاحظ ما وقع بين مسرحية "عبيدات الرما" و تخريفت هرما" الاولى من تأليف عبد اللطيف فردوس والثانية من تأليف سعد الله عبد المجيد لكن الإعداد الدرامي المسرحي كان من طرف عبد اللطيف فردوس حيث الإنسان انسجاما مع ما كتبه سعد الله عبد المجيد . لابد من التأكيد بان ورشة الكتابة الدرامية لا تقتصر على مؤلف واحد ( فردوس مثلا) لنتمكن من ارتفاع عدد النصوص التي تخدم الكتابة المسرحية بالبلاد و حيث القراءة النقدية كذلك . وأشير إلى أنا إعمال الهواة المسرحية أصبحت في حاجة إلى إعادة كتابتها لتقيس جمهورا واسعا خصوصا مع الدعم والترويج الذي تقدمه وزارة الشؤون الثقافية . إذ وصلنا اليوم إلى 26 عرض عوض ستة في عهد الهواة . وعملنا سيبقى مركزا على التراث لأنه غني جدا يحتاج منا فقط أن نمسرحه . السؤال : ماذا عن جمهور الورشة ؟ الجواب : الجميل في المسالة هو العلاقة الجيدة مع الجمهور سواء داخل المدينة أو خارجها وبمختلف شرائحه لأنه حسب رأي الجمهور : انه النوع المسرحي المرغوب . وكذلك الفرجة المطلوبة ونحن نعلم أن الجمهور أصعب ما في العمل المسرحي لأنه هو المستهلك الحقيقي له و العامل الأساسي في ترويجه . فما علينا سوى إقناعه بأعمالنا . فمثلا حينما قدمنا مسرحية "كود و جا " تعاملنا فيها مع العبث وبطريقتنا وبالرغم من انه أعجب بعض المشاهدين . فان النصيحة التي قدمت لنا هي أن هذا العمل ( مسرح بيكيت ) ليس مألوفا لدى الجمهور الذي اعتاد الفرجة و انتقلنا في مسرحية " المحطة 21" إلى الحقل السياسي الذي يعيشه العالم و الولاياتالمتحدة وحول مشاكل هذا العالم وعلاقة العرب بالعرب وطرحنا تصورنا لكن الجمهور قال كلمته : أننا ابتعدنا عن التراث . من هنا عدنا إلى مسرحية "سلطان الطلبة" و "لبسايطية " دون أن نسقط في التكرار . فتوطدت العلاقة مع الجمهور كثيرا . السؤال : كيف تقيمون علاقتكم مع وزارة الثقافة ؟ الجواب : بالرغم مما قيل عن الدعم و نظرا للظروف التي كنا نعيشها في المدينة حيث لا يدعمنا المسؤولون بالشكل الذي يلبي حاجياتنا في الورشة فان الدعم قد ساعدنا لكن عليه أن يتطور هو كذلك خاصة أن اللجنة تتعامل مع الملفات التي يجب أن تكون في المستوى وعلى الدولة أن تشجع كل المسرحيين علما أن كل تجربة لها ايجابياتها و سلبياتها حتى لا يسود الإحباط لدى الفنان المغربي. لقد استفادت الورشة من الدعم وبه تتطور وعن طريقه يتم الاجتهاد . ف "ضرسة العقل" حصلت على الدعم أما "كودو جا " فقد حصلت على الترويج . في حصلت أعمال أخرى على الدعم والترويج مثل "شكون" و"سلطان الطلبة" و "لبسايطية" في موسم 2005/2006 ثم "تخريفت هرما" لموسم 2006/2007 ز نعم هناك اقتناع بالدعم والترويج حيث ثم شراء العروض في البيضاء لأربع تظاهرات واكادير لعرضين سنويا باستثناء مراكش ؟؟؟؟؟ و التي لا تطبع حتى الملصق . وهنا يطرح السؤال : كيف لا تدعم المدينة مسرحها ؟ وأين مسؤوليها ؟ وبالرغم من ذلك فالورشة لن تتوقف ورسالة الإبداع مستمرة وقد حصلت على الجائزة الكبرى سنة 2006 . السؤال : وعن تنظيم المهرجان الدولي للمسرح المنظم من طرف النقابة ؟ الجواب : النقابة يرجع لها الفضل في تنظيم هذا المهرجان وقد تمكنت من الربط بين الماضي والحاضر . الماضي هو ملتقى الحمراء و الحاضر هو المهرجان الذي يلتقي فيه مسرحيو العالم . انه إبداع جميل في هذه المدينة الجميلة لكن : هل المسؤولين لهم رغبة في تطويره ودعمه كما يدعموا المهرجان الدولي للسينما بالمدينة ونحن نعلم آن المهرجان يساعد على تربية الدوق الفني لدى الجمهور و خاصة العشاق منه . وليس المهرجان إلا استمرار لتجارب سابقة بدءا من ملتقى الحمراء المسرحي إلى المسرح الجامعي و الذي حصلت عبره مراكش على العديد من الجوائز . كيف نتخلى عن هذا التراث الغني ؟ والمهرجان في تطور مستفيدا من هفواته كالتقليص من العروض المسرحية . السؤال : ما هو في نظرك مستقبل المسرح في مراكش ؟ الجواب : من خلال تجربتي المتواضعة كان هناك تحول من طرف المتعاطين مع المسرح . و من السبعينات إلى الثمانينات حصل نوع من التوقف من لذن بعض المجموعات بفعل الإحباط بعد ضرب مسرح الهواة . فانتهت تضحيات عدد من المسرحيين . لكن ومنذ بداية التسعينات بدا المسرح ينتعش نسبيا رابطا بين الماضي و الحاضر . واليوم هناك اشتغال حسب الطاقات و الرغبة . إذ هناك الحاجة إلى الدعم و التكوين المسرحي وليكن أكاديميا ثم المشاهدة المتكررة و المهرجان الذي نطمح في تطوره . دون أن ننسى حاجتنا إلى مسرح الطفل طامحين في الأجيال المقبلة . بل يحتاج الإخوة المشتغلون في المسرح المدرسي إلى التكوين المستمر في الكتابة والإخراج والتمثيل ز تشخيص الكبار للصغار والصغار للصغار . والحاجة تزداد لإقامة الندوات و اللقاءات . بل نتساءل لماذا لا ينظم مهرجان مسرح الطفل إلى جانب مسرح الكبار أو مهرجان الحلايقية ( نسبة إلى الحلقة) العالمي . السؤال : عمل الورشة المقبل . الجواب : انه بدون عنوان لحد الآن ولا زال في ورشة الكتابة وسيبقى في نفس السياق حيث الاشتغال على الظواهر الفرجوية بالمغرب سيكزن النص جاهزا في نهاية 2007 . أجرى الحوار : حسن وهبي