درس حسن غنجة الإخراج السينمائي في بلجيكا التي استقر بها قرابة عقد من الزمن، وبعد عودته لبلده الأم المغرب، أنجز غنجة عددا من الأفلام الروائية القصيرة والمسلسلات التليفزيونية، قبل أن يقدم أول أفلامه السينمائية الطويلة "أركانة" الذي عرض في عدة مهرجانات وملتقيات سينمائية وطنية وعربية. يمثل فيلمه "أركانة" جزءا من سيرة هذا المخرج المغربي المجرب، والذي يمتح أسلوبه في البناء السينمائي برؤى سينما المؤلف التي لا تخطئها العين الناقدة، خاصة مع فيلمه "أركانة" حيث قوة الفكرة السينمائية التي اشتغل عليها حسن غنجة وتوظيفه الصورة السينمائية الصادمة لشخوص بوجوه حادة وصارمة، هي إذن فكرة التضحية من أجل المبادئ والقيم النبيلة الضاربة جذورها في عمق الثربة المغربية وفي وجدان المغاربة الشرفاء، عبر عنها غنجة سينمائيا من خلال "أركانة" هذه الشجرة المباركة والطيبة التي تأبى الموت والانكسار، وتظل واقفة شامخة شموخ من زرعوها وسقوها ورعوها حتى ترعرعت ونمت وكبرت واستوي عودها.شامخة شموخ أهلها بأنفة وعزة نفس. عرف عن حسن غنجة توقيعه للعديد من المسلسلات والأفلام التلفزيونية لفائدة القناة الثانية المغربية كأعماله "جنجاه"، "الحوت الأعمى" و"الفراشة السوداء" و"الذبابة البيضاء"... "أركانة"... شجرة مباركة تأبى السقوط وقع المخرج المغربي حسن غنجة على أول فيلم سينمائي مطول له سنة فيلم "أركانة ً والذي قامت ببطولته المسرحية ولفنانة الكبيرة المعروفة، ثريا جبران، والتي كانت قد تحملت حقيبة وزارة الثقافة المغربية في وقت من الأوقات. شجر "الأركان" أو "الأركانة" ترمز فيما ترمز إليه في الموروث الشعبي المغربي إلى الأصالة والصبر والثبات على المبدأ والتشبث بالأرض. وتتماهى بطلة فيلم ''أركانه'' مع الشجرة في تعلقها بالأرض وثباتها على المبدأ، فكما تواجه الشجرة تهديدات مستمرة من الإنسان والتأثيرات المناخية بالاقتلاع، تواجه البطلة سلطة ونفوذ اقطاعي مستبد يتحكم في قرية من قرى الأمازيغ، ويملي القرارات على أهلها. وبهذا المعنى يكيّف الفيلم رسالته، مستفيدا من انشغال المخرج حسن غنجة بحكاية التعلّق بالأرض، ورفض الماديات التي تسلُب الحياة معنى الحياة. رسائل حسن غنجة حول التشبث بالأرض والثبات على المبدأ حد الموت وتدور أحداث الفيلم حول قرية أولوز النّائية بالجنوب المغربي التي ترزح تحت وطأة شخصية إقطاعية، تحاول جاهدة استغلال خوف وسذاجة السكان لطمس معالم وهوية القرية، وبين محاولات حمو الذي أدى دوره باقتدار الممثل حميدو بنمسعود ومقاومة رشيد (الممثل محمد مرزاوي) تبرز شجرة الأركان التي يهددها الزوال، حيث حاول المخرج ربط هذا الصراع الذي يجري في القرية بواقع الشجرة مستغلا المكانة التي تحظى بها شجرة أركان عند قبائل الأمازيغ، لتمرير رسائل حول أهمية التشبث بالأرض والدفاع عنها والبحث عن عوامل التحدي والمقاومة لكي تستمر الحياة التي نريد. وأدَّت وزيرة الثقافة السابقة ثريا جبران دور البطولة متقمّصةً شخصيةً قروية أمازيغية صعبة المراس، لن تتردد في إطلاق النار على كل من يحاول تغيير معالم قريتها، ومحو آثارها من النبل والشهامة والعزة عن أهلها. "تامغارت" ... أو تلك الشجرة المعمرة التي يعشقها رشيد هكذا يقحمنا مخرج "أركانة" حسن غنجة بدون استئذان منا في قصة "رشيد" الذي يعود إلى قريته بعد عقد من الزمن، إثر سنوات الجهد المضني والدراسة الدءوبة بأرض المهجر، أثمرت حصوله على دكتوراه في علم النبات. عاد الشاب مشحونا بالطموح والطاقة، عاد وقد استبد به هم واحد، وهو حماية أشجار الأركان، وعلى الأخص تلك الشجرة المعمرة، التي تنتصب منذ زمن طويل وسط قريته أولوز النّائية بالجنوب المغربي. فينشأ رشيد معملا متواضعا لاستخلاص زيوت الأركان. وفي غضون بضعة شهور لا غير، يكتب لمشروعه النجاح. غير أن هذا النجاح سوف يفجر حقدا أسود وضغينة مقيتة لدى "حمو"، رئيس الجماعة القروية المحلية. هذا الأخير أبرم صفقة مشبوهة لشق طريق يخترق صلب القرية. وإن أنجز المشروع، فإنه سيأتي على المئات بل الآلاف من أشجار الأركان، ومنها تلك الشجرة المعمرة التي يعشقها رشيد.وبين ليلة وضحاها سيتطور الأمر إلى صراع علني بين خبير النباتات ورئيس الجماعة. وفي هذا الصراع لن يحظى رشيد سوى بدعم ومآزرة شخص واحد من أهالي القرية، وهي امرأة تحمل حقدا دفينا لحمو واسمها "تامغارت". على أن رشيد في الواقع لم يكن لينكر ما لشق الطريق من أهمية في ربط القرية بالعالم الخارجي، ولم يكن في الحقيقة يمانع، ومع ذلك فهو متيقن أشد ما يكون أن اختراق الطريق للقرية لا يندر بأي خير. صٌورت مشاهد فيلم "أركانة" بجنوب المغرب الذي يعتبر الحاضن الوحيد في العالم لشجرة الأركان، ومخرجه حسن غنجة يخوض تجربة الإخراج السينمائي للمرة الأولى بعد ثمانية عشر عاما وما يزيد من الاخراج التلفزي، وتعاون غنجة في كتابة فيلم "أركانة"مع الشاعرة الراحلة فاطمة شبشوب، وقام بأدوار البطولة في الفيلم الذي تستغرق أحداثه ساعة و45 دقيقة، ثريا جبران وحميدو بنمسعود ويونس ميكري وأسماء الحضرامي ومحمد مروازي. سعيد فردي خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة