حسن غنجة: اختمرت في دهني كتابة هد السيناريو, واستوحية فكرته عندما كنت بصدد تصوير برنامج تلفزيوني وأنا أعبر غابة ً أزرو ً متخذا وجهتي صوب مدينة الريصاني. قبل ما ينيف عن سبعين سنة خلت, كانت هده الغابة المهيبة مرتعا يأوي وحيشا من شتى الأصناف والفصائل: فهود, غزلان, وأسود الأطلس وغيرها من الأنواع والأجناس الحيوانية, ينضاف إلى هدا أكبر احتياطي في العالم من شجرة الأرز, تلك الأشجار المعمرة النبيلة التي قاومت نوائب الدهر وصروفه, والتي نجدها زينة لأفخم القصور التي شادتها السلالات الجليلة التي تعاقبت على الحكم بالمغرب على مر العصور والحقب. شجرة الأرز هاتة توشك أن تعرف نفس المصير المأساوي الذي يخيم على فصيل آخر من الأشجار, وهو ًالأركان ً الذي يتعرض سنة بعد الأخرى للانقراض. هد المصير يزداد مأساوية إذا ما علمنا أن شجرة ً الأركان ً وحيدة ولا نضير لها إلا في بلدنا الطيب هدا, حيت أن ارض المغرب المباركة وحدها دون شريك تنفرد بمنحنا هده الهبة العجيبة التي لا مثيل لها ولا تجود بها أي تربة في سائر أصقاع المعمور. من المؤكد إذن أن مصيرا مشئوما ومشتركا يؤلف بين الصنفين, فهما معا محكوم عليهما حتما بالاختفاء والاندثار إذا لم تعبأ الوسائل والطاقات الكفيلة بإنقاذها على وجه الاستعجال. أمام التجاهل السافر, بل لنقل انعدام الضمير لساكنة الأرض, وخاصة المسؤولين ورؤساء الجماعات القروية في جل المناطق الغابوية في بلادنا على وجه أدق, وبغية إثارة معضلة الجرائم الشنيعة التي تقترف في حق الطبيعة التي أهيم بها حبا وتعلقا إلى حد التقديس, أرتئيت أن من أولى واجباتي هو تسخير مهنتي وتجربتي المتواضعة لخدمة هد البلد والدود بكل ما أوتيت من جهد عن محيطه وبيئته وطبيعته الغنية والمعرضة لأسباب الهلاك والتفسخ. [ إن الشجرة تموت, لكنها لا تسقط أبدا, تبقى بعد موتها منتصبة في شموخ وكبرياء, رمزا للعظمة والشرف ] هكذا نطق جدي, وبهدا كان ينهج لسانه كل حين. هده المقولة الدالة الرصينة ضلت عالقة بفكري وفي أعمق أغوار ذاكرتي, وأيما مررت وجدتني أتملى بناضري في غابة أو حتى شجرة, تنبعث هده الكلمات متوجهة لتحيا من جديد في إدراكي , لتذكرني بواجبي: أن أحب الطبيعة, أن يعلو صوتي بنداء يفضح ويدق ناقوس الخطر أمام التجاوزات والجرائم النكراء المقترفة في حقها. ً أركانة إذن, شريط جعلت منه صدى لكل هده الأحاسيس النبيلة, عن طريق حكي قصة رشيد المفجعة لكي أسرد حبه لبلده, وحبه للطبيعة الذي أملاه عليه الإقدام والشجاعة والتضحية التي آلت إلى بتر إحدى ساقيه لتحويله إلى شاب كان بالأمس يطمح طموحا واندفاعا واستطلاعا إلى ابعد الآفاق ليصبح شخصا معاقا لا يملك حتى القدرة على الخطو على الأرض التي تحمله والتي كان يستطلع آفاقها البعيدة. كل هذا من أجل الدفاع عن أفكاره ومبادئ غاية في النبل, من أجل أن يعانق المغرب ما هو أهل له من رخاء, من أجلنا نحن حاضرا ومن أجل الخلف والأجيال اللاحقة. أن كلا من شخصية رشيد وتامغارت قد تمت دراستها بكل اهتمام ودقة, ودلك قصد إحداث أسلوب جديد وصياغة عقلية جديدة لشخوص الأفلام السينمائية, بعيدا عن أية مرجعية اعتبرها عتيقة ومتجاوزة, حيت النماذج المشكوكة الجاهزة والمبتذلة لأبطال الشريط السينمائي كما ألفناهم مفرغون في قالب واحد رتيب يفتقدون لأي طعم أو نكهة, نماذج من الشخوص تفتقر أيضا إلى دالك البعد الإنساني الذي يجعل الإنسان محور الاهتمام والإبداع بهمومه وآماله ومصائره. على أن ً أركانة ً ليس مجرد مرافعة يراد منها الدفاع عن البيئة والسعي لحمايتها بإيقاظ الضمائر المتخشبة الموات فحسب بل شريط ً أركانة ً رمز وأنشودة مديح في حق الطبيعة و صيحة استنجاد واستغاثت تردد: من يدافع عن شجرة واحدة فكأنما يدافع في الوقت عن خيرات البلاد برمتها, ومن, هنا, عن كل خيرات العالم جميعا وأينما وجدت حسن غنجة fiche technique/بطاقة تقنية ARGANA Maroc, 2007 Sortie nationale: 19 mars 2008. Réalisation: Hassan Rhanja Scénario: Fatima Chebchoub & Hassan Rhanja Interprétation: Touria Jabrane, Hamidou Benmasoud, Asmae El Hadrami, Mohamed Merouazi, Younes Megri, Abderrahim Maniari, Omar Chenbod, Hassan Foulane. Durée: 1h 45 min Langue: Arabe dialectal sous titré en français. Directeur de production : Ahmed Abounouom Image: Luca Luparini Ingénieur de Son: Antoine Ouvrier Montage: Fatema Mousaid et Yassin Benatia Musique: Younes Megri Mixage et effets sonores: Moncef Adyel. Production: Zaman production et Dunes Film Coproducteur : Soread 2M