تعليق جمهورية الإكوادور اعترافها بجبهة البوليساريو الانفصالية ضربة قاصمة أخرى للنظام الجزائري، ودبلوماسيته الفاشلة. لا يكاد هذا النظام يستفيق من صدمة حتى يجد أخرى في طريقه. منذ أكثر من 4 سنوات تُراكم الدبلوماسية الجزائرية الفشل والعجز، وتغير باستمرار وزراءها ومسؤوليها دون جدوى، بينما يواصل وزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة عمله على رأس هذه الحقيبة، بكل ثبات وهدوء، ويحصد يوما بعد يوم المزيد من النجاحات والنتائج المبهرة. عودة الدبلوماسية المغربية إلى اختراق أميركا اللاتينية باعتبارها المعقل الرئيسي السابق لأطروحة الانفصال، يمثل في الوقت الراهن ضربة قاضية لأوهام الانفصاليين. من المؤكد أن تعليق اعتراف الإكوادور الذي يأتي قبيل تصويت مجلس الأمن على قرار تمديد ولاية بعثة المينورسو، ومباشرة بعد تدارس تقرير الأمين العام ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، دليل على أن الدينامية الإيجابية التي تشهدها القضية الوطنية متواصلة، ولا تأخذ أبعادا جغرافية أو جيواستراتيجية في اتجاه واحد. صحيح أن ما تحقق من فتوحات دبلوماسية مهمة في الدول الأوربية على الخصوص، يشكل إنجازا بارزا، ولا سيما في إسبانيا وفرنسا والدول الإسكندنافية، لكن إكمال هذا الزخم بانتزاع موقف إيجابي من دولة في أميركا اللاتينية يمثل في الظرفية الحالية "ضربة معلم"، سيكون لها ما بعدها. لقد سجلت قائمة الدول المعترفة بالجبهة الانفصالية تراجعا كبيرا في الأعوام الماضية، ولم تعد الجبهة المسلحة تجد لها موطئ قدم خارج الجزائر إلا بشقّ الأنفس. وهذا الاعتراف يؤكد أن العزلة التي يعيشها النظام الجزائري تزيد يوما بعد يوم. وأن هوامش المناورة للترويج لأطروحة ميتة لم تعد تقنع غير بعض الأنظمة المارقة والمتسلطة مثل النظام الإيراني والنظام الجنوب إفريقي. في الجهة الأخرى من العالم حيث معقل اليسار الراديكالي بدأت الأوضاع السياسية تتزحزح، وتقترب هذه الأطروحة من فقدان الدعم أو التأييد بالمرة. حتى دولة كوبا التي كانت في الماضي من أشرس الداعمين للبوليساريو بالتدريب والتأطير الأيديولوجي والسلاح لم تعد تخفي رغبتها في تطبيع العلاقات مع بلادنا، وفتح آفاق جديدة وأكثر عمقا في التعاون الاقتصادي والثقافي والدبلوماسي. وسقوط علم الانفصال في بعض الكيانات التي تعودت على استغلال هذه القضية ضد بلادنا أمر محتوم لا محالة. لا يُغني إيران مثلا أنها أعلنت رسميا أمام اللجنة الرابعة دعمها لأطروحة الانفصال بإيعاز وتحريض من الجزائر. ونحن متأكدون أن هذا النظام المارق الذي يلعب بأمن واستقرار العديد من الدول العربية، إنما هو وبال ونقمة على الجزائر وربيبتها البوليساريو. والذي يؤكد ذلك أن تعليق اعتراف الإكوادور يعكس أن هذا الوهم مهما طال فإنه إلى زوال. لقد اعترفت الإكوادور بجمهورية الوهم سنة 1983. هذا يعني أنها قررت أخيرا وبعد مرور أكثر من 40 عاما أن تصحح هذا الخطأ، وفضلت العودة إلى علاقات طبيعية مع المغرب، بعيدا عن هذا الوهم الانفصالي. وهو بالمناسبة وهم تضرّرت منه دول أميركا اللاتينية نفسها كثيرا. ولعل التحول الذي شهده النظام السياسي في كيتو العام الماضي، بصعود الرئيس اليميني دانييل نوبوا إلى سدة الحكم، كان له دور كبير في مراجعة هذا البلد علاقاته مع جبهة البوليساريو الانفصالية. ومن المؤكد أن شجاعة هذا الرئيس الشاب، الذي ولد بعد اعتراف بلاده بالجبهة الانفصالية بأربع سنوات، كان لها الدور الكبير في اتخاذ هذا القرار الذي سيكون له أثر مهم في علاقات المغرب والإكوادور. وحدهم بعض الرؤساء الدُّمى من أجيال الحرب الباردة، يمكنهم أن ينخدعوا بدعايات الانفصال والإيديولوجيات الفارغة، التي تنتمي إلى حقبة انتهت أسباب وجودها. دانييل نوبوا وحكومة الإكوادور أطلقوا من حيث يدرون أو لا يدرون، رصاصة الرحمة على وهم الانفصال وأحلام الكابرانات. فلتحيا إذاً الصداقة الإكوادورية المغربية.