تتواصل دعوات مطالبة مقاطعة المنتجات السويدية والهولندية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك ردا على حرق المصحف الشريف بهذين البلدين على يد متطرفين، وهو الفعل الذي أدانته مختلف الدول العربية والإسلامية، من بينها المملكة المغربية، وأيضا مختلف التنظيمات السياسية والمدنية. ومن المرتقب أن يظهر تأثير المقاطعة الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تزايد المنظمين إلى هذه الحملة وامتدادها أكثر في أنحاء عدة من العالم، لا سيما أنها دعوة صدرت عن الأزهر الشريف، الذي أصدر بيانا، طالب فيه لشعوب العربية والإسلامية بمقاطعة المنتجات الهولندية والسويدية بجميع أنواعها نصرة للقرآن الكريم، مؤكدا أن أن المقاطعة "ردا مناسبا لحكومتي هاتين الدولتين في إساءتهما إلى مليار ونصف مليار مسلم". وأعلن الأزهر رفضه "تمادي الدولتين في حماية الجرائم الدنيئة والبربرية تحت لافتة لا إنسانية ولا أخلاقية يسمونها حرية التعبير"، مضيفا أن "هؤلاء المنحرفين لن يدركوا قيمة هذا الدين، الذي لا يعرفون عنه شيئا، ويستفزون المسلمين بالتطاول عليه، إلا حين يكونون وجها لوجه أمام ضرورات المادة والمال والاقتصاد التي لا يفهمون لغة غير لغتها". وتتخوف السويد من آثار حملة المقاطعة، حيث حذر رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترشون، من دعوات مقاطعة دول إسلامية للبضائع السويدية، وأكد في حديث له بثه التلفزيون السويدي "من الواضح أن هذا قد يكون سيئًا للغاية بالنسبة للشركات السويدية". وتأسف عن دعوة الأزهر الشريف لمقاطعة المنتجات السويدية، واعتبر أن حادث حرق القرآن ليس جيدا بالنسبة لعلاقة بلده مع العديد من الدول الإسلامية المهمة. وعبر رئيس الوزراء السويدي تخوفه من مستقبل العلاقات مع تركيا، حيث أكد أن السويد لديها حالة سياسية أمنية خطيرة وأن الحوار الجيد مع تركيا مهم لعضوية الناتو السريعة. وردت تركيا بقوة على حرق المصحف الشريف لكونه تم قرب سفارتها بستوكلهوم، حيث استدعت الخارجية التركية سفيري هولنداوالسويد في أنقرة، وأبلغتهم احتجاجها على الاعتداء الذي طال القرآن الكريم، محذرة من تلك الممارسات. كما صرح رجب طيب أردوغان بأن على السويد ألا تتوقع من الآن فصاعدا دعم تركيا لملف عضويتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بعد حادث حرق المصحف أمام سفارتها. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أسماء الشركات والعلامات التجارية السويدية، مع دعوة لمقاطعتها، حتى تعاني هذه الشركات اقتصاديا. كما انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة بالاحتجاجات على نطاق واسع عبر الإنترنت حيث شوهد المتظاهرون وهم يرفعون شعارات ضد السويد ويطالبون بمقاطعة العلامات التجارية السويدية. وعرفت عدد من الدول تظاهرات من بينها باكستان، وأيضا تركيا، حيث نظم اتحاد الجاليات العربية مظاهرة أمام القنصلية السويدية بمدينة إسطنبول احتجاجا على حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد، حيث رفع المحتجون خلال المظاهرة لافتات اعتبرت حرق نسخة من القرآن عمل بربري ولا يمت للحرية بصلة. وقالت الجالية العربية في بيان لها "إن الجماهير المجتمعة هنا اليوم تدين العمل الرخيص بحرق كتاب الله أقدس مقدسات المسلمين". كما أدان البيان "بأشد العبارات الحكومة السويدية التي حمت وسهلت هذا العمل الإجرامي"، معتبرا أن "قولها بأن ما حدث حرية رأي كذبة سخيفة لأن الحكومة السويدية دائماً تكيل بمكيال مختلف إذا تعلق الأمر بالمسلمين". يذكر أن زعيم جماعة بيغيدا المتطرفة المناهضة للإسلام في هولندا، إدوين واجنسفيلد، حرق نسخة من القرآن الكريم بعد تمزيقها وتدنيسها، في مدينة لاهاي ، وذلك بعد يومين من حرق زعيم حزب الخط المتشدد الدانماركي نسخة من المصحف الشريف قرب سفارة تركيا بالعاصمة السويديةستوكهولم، وسط حماية مشددة من الشرطة. واستنكرت عدد من الدول من بينها المغرب والإمارات وقطر والسعودية ومصر والأردن وفلسطين، حرق المصحف الشريف، حيث أدانت المملكة المغربية بشدة إقدام متطرفين سويديين، بستوكهولم على إحراق المصحف الشريف، معبرة عن رفضها المطلق لهذا الفعل الخطير. وأعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في بلاغ لها عن "استغرابها سماح السلطات السويدية بهذا العمل غير المقبول الذي جرى أمام قوات الأمن السويدية، وتطالبها بالتدخل لعدم السماح بالمس بالقرآن الكريم وبالرموز الدينية المقدسة للمسلمين". وشددت الوزارة على أن "هذا العمل الشنيع الذي يمس بمشاعر أكثر من مليار مسلم من شأنه تأجيج مشاعر الغضب والكراهية بين الأديان والشعوب". وأكدت أن قيم التسامح والتعايش "تقتضي عدم الكيل بمكيالين والتعامل بنفس الحزم والصرامة مع كل مس بمقدسات الأديان ومشاعر المنتسبين لها".