هو ورش يحظى بتتبع ملكي شخصي، الى جانب أوراش مهيكلة أخرى، يعد ورش الاستثمار أحد أهم القضايا التي يوليها المغرب اهتماما لافتا. في ال16 فبراير 2022، ترأس جلالة الملك محمد السادس، في بوزنيقة، جلسة عمل خصصت للميثاق الجديد للاستثمار، وهي الجلسة التي تأتي امتدادا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في خطاب افتتاح البرلمان؛ الداعية إلى اعتماد ميثاق تنافسي جديد للاستثمار في أسرع وقت. وقد عرفت الجلسة تقديم عرض حول الخطوط الكبرى لمشروع الميثاق الجديد للاستثمار، بين يدي حلالة الملك، حيث يندرج هذا المشروع في إطار روح وطموح النموذج التنموي الجديد، على الخصوص، إلى تغيير التوجه الحالي والذي يمثل فيه الاستثمار الخاص حوالي ثلث الاستثمار الإجمالي فيما يمثل الاستثمار العمومي الثلثين. حيث يسعى إلى رفع حصة الاستثمار الخاص لتبلغ ثلثي الاستثمار الإجمالي في أفق 2035. و تتمثل الأهداف الرئيسية المحددة في الميثاق الجديد للاستثمار في إحداث مناصب الشغل، والنهوض بتنمية منصفة للمجال، وتحديد القطاعات الواعدة ذات الأولوية بالنسبة للاقتصاد الوطني، كما يضم مشروع الميثاق الجديد على الخصوص تدابير رئيسية للدعم تتكون من تعويضات مشتركة لدعم الاستثمارات انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، وأهداف النموذج التنموي الجديد وكذا الأولويات التي حددتها الحكومة، وايضا تعويضا مجاليا إضافي يروم تشجيع الاستثمار في الأقاليم الأكثر هشاشة، وتعويضا قطاعيا إضافيا يمنح تحفيزات بهدف إنعاش القطاعات الواعدة. من جهة أخرى، ينص المشروع على اتخاذ إجراءات للدعم خاصة بالمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي، من قبيل صناعات الدفاع أو الصناعة الصيدلانية في إطار اللجنة الوطنية للإستثمارات، إلى جانب تدابير خاصة للدعم موجهة إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، فضلا عن تدابير أخرى للنهوض بالاستثمارات المغربية بالخارج. الجالس على العرش سيعود مجددا للحديث عن ورش الاستثمار، حيث خصص حيزا مهما في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان اليوم الجمعة 14 أكتوبر الماضي، للحديث عن هذا الموضوع الحيوي بالنسبة للمملكة، من خلال التأكيد على أن المغرب يراهن اليوم على الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط البلاد في القطاعات الواعدة. ويعول المغرب، كما أكد على ذلك جلالة الملك، على الاستثمار، لأنه يوفر فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية، غير أن ذلك مشروط برفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات، كماء جاء في الخطاب الملك بمناسبة افتتاح البرلمان. وضمن ميثاق الاستثمار، ينتظر أن يعهد الى المراكز الجهوية للاستثمار، بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود، كما يتعين، كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس، التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع، وكذا تعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال. إنجاح ورش الاستثمار رهين، أيضا باشراك القطاع الخاص، وايلائه المكانة التي يستحقها، في مجال الاستثمار، كمحرك حقيقي للاقتصاد الوطني، الى جانب القطاع البنكي والمالي الوطني، المطالب، أيضا، بدعم وتمويل الجيل الجديد، من المستثمرين والمقاولين، خاصة الشباب والمقاولات الصغرى والمتوسطة. وقد صادق مجلس النواب، الثلاثاء 18 أكتوبر الماضي، على مشروع القانون الإطار 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار؛ حيث تشير النسخة النهائية من الميثاق كما عدلتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، الى أن تنزيل السياسات العمومية في مجال التنمية والاستثمار وتفعيلها على الصعيد الوطني أو الترابي يتم من لدن السلطات الحكومية المختصة في مجال الاستثمار والمؤسسات والمقاولات العمومية المعنية ومن طرف لجنة وزارية تم التنصيص عليها وعلى مهامها في المادة 34 من هذا القانون. وبموجب هذا الميثاق، فان الدولة تلتزم باتخاذ تدابير لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في مجال الولوج إلى الطلبيات العمومية وتعزيز القدرات الإنتاجية وتحسين التنافسية والتكوين والمواكبة، كما تنص المادة 21 من القانون على أن الدولة تضع نظام دعم خالصا من أجل تشجيع تواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي. أما المادة ال 23 فتؤكد على أن الدولة تسهر على تسهيل ولوج المستثمرين إلى عقار يمكن تعبئته بسهولة وبأسعار تنافسية؛ ولهذه الغاية ستتخذ الدولة التدابير اللازمة قصد تشجيع تهيئة مناطق للأنشطة في مجالات الصناعة واللوجيستيك والتجارة والسياحة والخدمات تستجيب لحاجيات المستثمرين والسهر على تنميتها واستغلالها، وتثمين القطع الأرضية المخصصة لمشاريع الاستثمار ذات القيمة المضافة والمحدثة لمناصب شغل قارة. ومن أجل تعزيز تنافسية المقاولات، تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لإصلاح قطاع الطاقة وتشجيع اللجوء إلى الطاقات المتجددة، وتعمل الدولة بشراكة مع القطاع الخاص على النهوض بأنشطة البحث والتطوير وتشجيع الإبداع والابتكار وتسهيل الولوج إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة. وينص القانون الجديد للاستثمار في بلادنا على أن الدولة تلتزم بمواصلة عملية تبسيط المساطر الإدارية المرتبطة بإنجاز الاستثمارات ورقمنتها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. وكشف بنك المغرب، في تقرير سابق، بأن قيمة متوسط الاستثمار تناهز 32,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي ما بين سنتي 2000 و2019، مقابل 25,6 في المائة كمتوسط مسجل على المستوى العالمي. ووفقا لذات المصدر، تتجاوز نسبة الاستثمار من الناتج الداخلي الخام في المغرب تلك المسجلة في عدد من الدول، من بينها كوريا الجنوبية وتركيا وإسبانيا وفرنسا، إضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبولندا والبرتغال والبرازيل ومصر، لكن رغم ذلك، يبقى تأثير الاستثمار في المغرب على خلق فرص الشغل ضعيفاً، حيث تشير معطيات بنك المغرب إلى أن كل نقطة من النمو كانت تخلق أكثر من 30 ألف منصب شغل سنوياً ما بين 2000 و2009، أما في الفترة 2010-2019 فقد انخفض المعدل بشكل كبير إلى أقل من 21 ألف منصب شغل. وقد خصصت الحكومة ضمن قانون مالية 2022 استثماراً عمومياً قدره 245 مليار درهم، مقابل 230 مليار درهم سنة 2021، و198 مليار درهم سنة 2020. ويضم هذا الغلاف المالي من الاستثمار حصة ستنجزها الإدارات المركزية والمحلية، إضافة إلى المؤسسات والمقاولات العمومية. وعموما، يمثل الاستثمار العمومي حوالي الثلثين من الاستثمار الإجمالي في المغرب، فيما تناهز حصة الاستثمار الخاص المنجز من طرف المقاولات حوالي 35 في المائة. لذلك، يراهن المغرب، من خلال هذا الميثاق على رفع حصة الاستثمار الخاص لتبلغ ثلثي الاستثمار الإجمالي في أفق 2035، كما يتوخى الميثاق توجيه الاستثمار نحو القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية، وتحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى تعزيز جاذبية المملكة وجعلها قطبا قاريا ودوليا في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذا تحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار، والرفع من مساهمة الاستثمار الخاص الوطني والأجنبي، كما يراهن المغرب على رفع حصة الاستثمار الخاص لتوفير هوامش مالية على مستوى الميزانية العامة للدولة وتوجيهها نحو نفقات ذات أهمية كبرى، على رأسها تأهيل القطاعات الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.