في ظل تقلبات أسعار النفط على الصعيد العالمي، وتأثيراتها على كبريات الاقتصادات، صلت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات، خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام2022، إلى 1.4 تريليون درهم، وفقا لمعطيات قدمها وزير دولة للتجارة الخارجية، الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي. رقم يؤكد بالملموس أن الإمارات ليست دولة تعتمد على النفط فقط، حيث سجلت تجارة الإمارات الخارجية غير النفطية في عام 2021 قفزة سنوية بنسبة 27% إلى 1.9 تريليون درهم (517 مليار دولار). في هذا الصدد، أكد "معهد التمويل الدولي" أن الإمارات تعد من أكثر اقتصادات المنطقة تنوّعًا، ومن ثمّ تبتعد إلى حدٍّ ما عن الاعتماد على النفط، بفضل امتلاكها خيارات متعدّدة لتعزيز الوضع المالي، واستدامة نموّها الاقتصادي عند مستويات جيّدة، بالمقارنة بالاقتصادات النفطية الأخرى الأقلّ تنوعًا في المنطقة. ويعتبر اقتصاد الإمارات، الأكثر قدرة على امتصاص الهزّات الماليّة والاقتصادية الخارجية، بفضل جهود التنويع الاقتصادي، وما تتمتّع به الدولة من استقرار سياسي وبُنية تحتيّة ممتازة ونظام مصرفي عالي الشفافية ومعزّز تشريعيًا. وتنتهج الامارات إستراتيجية التنويع الاقتصادي، والتي تعدّ الأسرع خليجيًا منذ أكثر من عقد، والتي أفرزت تراجعًا ملحوظاً في مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلّي الإجمالي للدولة، لتصل إلى أقلّ من 30%، كما أن التنوّع الاقتصادي وجهود توسعة قاعدة النموّ في الإمارات، تخدم الاقتصاد بشكل لافت، خاصة في ظل تقلبات أسعار النفط على الصعيد الدولي. و سعت الإمارات إلى تنويع مصادر دخلها لتخفيف الاعتماد على النفط، حيث أعدت الحكومة الاتحادية استراتيجية طويلة الأجل لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن الاعتماد على النفط، حيث تتزايد المؤشرات بأن نمو القطاع غير النفطي في الإمارات يتخذ منحى تصاعديا باتجاه بلوغ الأهداف التي رسمتها الحكومة والمتعلقة بترسيخ أرضية صلبة للنمو المستدام، ما يجعلها تتمتع بأكبر اقتصاد متنوع في منطقة الخليج والمنطقة العربية عموما. وتبنت الامارات نموذجا متفردا في التنويع الاقتصادي مقارنة مع اقتصادات جاراتها النفطية في المنطقة الخليجية والعربية، وهو النموذج، الذي يسير بثبات دون قلق من تقلبات أسعار النفط والتي بدأت تحلق فوق مئة دولار إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا بعدما شهدت تراجعا منذ منتصف 2014. وتشير معطيات بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، لشهر أبريل المنصرم، الى أن مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي للبلد العام الماضي، بلغت نحو 72.3 في المئة مقابل 71.3 في المئة بمقارنة سنوية ما يجعلها تقترب كثيرا من الهدف الذي حددته الحكومة في 2018 عند 80 في المئة. وقررت الامارات اتباع استراتيجيات مبنية على الإصلاحات الاقتصادية بهدف تسهيل عملية الانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط، حيث تعكف وزارة الاقتصاد على تطوير مختلف القوانين المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية وتنظيم الصناعة وحماية الملكية الصناعية والتصاميم الصناعية والمعاملات التجارية والتحكيم بغية تعزيز الإنتاجية الاقتصادية وتوسيع مساهمات القطاعات غير النفطية. في هذا الاطار، ساهمت السياسات الاقتصادية والمالية المعمول بها منذ 2015 في مواجهة الحكومة الاتحادية للضغوط الاقتصادية العالمية ومكنتها من الحفاظ على استقرارها المالي والنقدي وتعزيز مستويات النمو. ويشمل ذلك جهود ضبط الأوضاع المالية التي نجمت عنها زيادة في رسوم استهلاك الكهرباء والمياه ورفع الدعم عن الوقود وغيرها من الأمور.