إسبانيا تجدد موقفها الداعم لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، جمهورية جنوب السودان تؤكد أنها لا تعترف إلا بالدول الأعضاء في الأممالمتحدة، الصومال تقرر فتح قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية، غواتيمالا تستعد لفتح قنصلية لها بمدينة الداخلة…هذه بعض من التطورات التي عرفتها قضية وحدتنا الترابية في ظرف 48 ساعة الأخيرة لتعصف بالدعاية الجزائرية الخرقاء وتطعن جهود الوشاية والمكائد التي لا يتوقف الكابرانات عن الترويج لها ومحاولة تمويلها وشراء ولاءاتها بأموال المواطنين الجزائريين المغلوبين على أمرهم. هذه التطورات والقرارات المكثفة التي شهدها هذا الأسبوع وغيرها ممن لم نشر إليها تؤكد حقيقة واحدة بارزة وهي أن ملف الصحراء المغربية يسير بخطى ثابتة عن الإنهاء الرسمي والدائم بعد أن بدأت أصوات المحتجزين المطالبين بفتح الحواجز الأمنية للعودة إلى حضن الوطن. هناك دينامية غير مسبوقة تعيشها قضية وحدتنا الترابية منذ أكثر من سنتين، والمهم في هذه الدينامية الإيجابية أنها تتسارع شيئا فشيئا نحو اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة ونحو القضاء التام على ما تبقى من دعامات الوهم وأسانيد التغرير في أوساط بعض الدول الإفريقية وفي أمريكا اللاتينية من الأنظمة السياسية المتأثرة بإرث إيديولوجيا الحرب الباردة، أو تلك التي تخضع للأسف لتأثير البترودولار الجزائري المدفوع بسخاء. لكن من الواضح أن شيكات البترودولار نفسها لم تعد كافية اليوم لوقف هذا المد الكبير من العودة إلى الرشد وإلى حقيقة الصواب خصوصا في أوساط بلدان إفريقية عديدة من أجل جمع النصاب الكافي لطرد ممثلي الميليشيا الانفصالية بشكل رسمي من منظمة الاتحاد الإفريقي. سينفق نظام الكابرانات إذن أموال الشعب الجزائري ويهدرونها في حرب لا ناقة لهذا الشعب ولا جمل له فيها، لكنها ستنقلب على خططهم، ويصبح المغرّر بهم بهذه الصكوك غدا من المعترفين بمغربية الصحراء، ومن الذين سيسارعون إلى افتتاح قنصليات في الداخلة والعيون. هذه الدينامية الجديدة المتسارعة هي التي تخلق اليوم ارتباكا واضحا في أوساط الكابرانات وهم لا يكادون يستفيقون من صفعة كينيا حتى يواجهوا بلكمة من غواتيمالا أو ركلة من الصومال. لقد كان نظام العسكر يعتقد دائما أن بعض الأنظمة السياسية التي تعاني من الفقر والديون في إفريقيا على الخصوص سهلة الاستمالة والتغرير من أجل انتزاع اعترافات صورية بجمهورية الوهم المزعومة، لكن ما لم يضعه الجنرالات "العواجيز" في الحسبان أن المغرب اليوم لا يستند فقط إلى جبهة داخلية موحدة ومتشبثة بحقها الوطني والشرعي، بل يعتمد أيضا على حلفاء وازنين من الأشقاء والأصدقاء، لا يتأخرون عن دعم وحدته الترابية والدفاع عنه وإقناع شركائهم في كل مكان في هذا العالم بأن ما كان يجري في الصحراء المغربية هو مجرد مؤامرة من مؤامرات الحرب الباردة وأنه أمر بلغ مبلغا متقدما من الوهن والضعف الذي ينبغي معه إنهاءه والحسم فيه. يستطيع نظام الكابرانات أن يؤثر في قرار دويلة صغيرة من الدويلات التي تتعاقب عليها الأنظمة العسكرية صباح مساء بالانقلابات، لكن ما الذي سيقوله شنقريحة وأزلامه بعد أن عادة الحكومة الإسبانية التي تعد القوة الاستعمارية التاريخية بدعمها لمخطط الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي الوحيد للنزاع؟ هل يستطيع شنقريحة وتبون اليوم أن يوقفا تصدير الغاز إلى إسبانيا عقابا لها على هذا الموقف؟ طبعا، هذا قرار شجاع لا يستطيعه الجبناء. نظام الكابرانات الذي كان يرغد ويزبد عندما قررت إسبانيا في مارس الماضي العودة إلى رشدها حاول تهديدها بعقوبات تجارية لكنه سرعان ما اعتذر وعاد إلى التأكيد على احترام اتفاقياته التجارية معها بعد أن تلقى تحذيرا صريحا من الاتحاد الأوربي. ما على العسكر اليوم إلا أن يحضروا وجوههم للمزيد من الصفعات واللكمات وربما قريبا للضربة القاضية التي ستنهي تاريخا طويلا من الاستغلال السياسي والتوظيف الداخلي لقضية وحدتنا الترابية.