"جنت على نفسها براقش". مثل عربي بليغ، ينطبق بحذافره على "المأزق" الذي أوجدَ نفسه فيه، نظام العسكر البائس في الجزائر، بقيادة كل من شنقريحة وتبون. وذلك بعدما انكشفت مخططاته، أمام الشعب الجزائري، الذي تفطّنَ الى ما يُمارسه في حقه، من نهب وسرقة وتبديد لثرواته، في وقت لا يجد فيه المواطن البسيط ما يسد به جوع أبنائه. يحدثُ كل هذا، بينما لم تعد تنطلي أسطوانة استعداء المغرب، و "سمفونية التهديدات الخارجية"، على أحد في الداخل الجزائري، مثلما لم تعد تنطلي عليه أيضا "خرافة دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها"، و"مناصرة الأمم من أجل التحرر"، وما الى ذلك من هرطقات، ما فتئ يرددها أزلام هذا النظام من بقايا "بوخروبة"، بشكل ببغائي من أجل تنويم الشعب وتخديره، والاستمرار في استنزاف مقدراته. ومنذ يومه الأول، اتخذ النظام العسكري الجزائري، من "معاداة المغرب" عقيدةً ودستورا له، فانطلق وعلى مدى ما يناهز الخمسين سنةً، يحيك المؤامرات والدسائس، لضرب الوحدة الترابية للمملكة المغربية، والتأليب ضدها، أملا في عرقلة نهضتها التنموية. "مؤامراتٌ" لم تزد المغرب، الا رفعة وسموا، واصرارا على مواصلة مسيرته في البناء والتقدم، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، وقبله الملك الراحل الحسن الثاني. وهذا بخلاف دولة "الكبرانات" التي سقطت الى "أسفل سافلين"، وباتت تحصد الفشل على كل المستويات، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، فصارت لا تبرح ذيل قوائم المنظمات الدولية، في مؤشرات الرفاهية، والحريات وحقوق الانسان وغيرها، برغم ما تمتكله من ثروات الغاز والبترول. والواقع أن العقدة الأزلية للهؤلاء الكابرانات، الساكنين قصر المرادية، أكثر من ثكناتهم، هي "عقدة النشأة"، وشعورهمبالدونية، كلما تذكروا أن فرنسا هي أمهم "البيولوجية"، وأن "الولادة القيصرية"، تمت في أراضي مسروقة من البلد الجار المغرب. ولذلك ما برحوا يدعمون انفصال الصحراء عن مغربها، حتى تظل هاته القضية دائما، شوكة في خصر المغرب، وحجر عثرة في حذائه، خوفا من مطالبته يوما بصحرائه الشرقية، تندوف وبشار والقنادسة وبير كندوز وغيرها. واليوم، وفي خضم الانتصارات الدبلوماسية، التي حققها المغرب، لصالح قضيته الاولى، ونجاح الملك محمد السادس في هدم أسطورة "المغرب العدو"، عبر نهجه سياسة اليد الممدودة في مختلف خطبه الاخيرة، أصبح زوال هذا النظام الموسوليني الفاشستي الفاشل، مجرد مسألة وقت ليس إلا. والأكيد أن التفاف المغاربة وراء ملكهم، واجماعهم على قضيتهم الوطينة الاولى، شكل صفعة موجعة للنظام العسكري، الذي فهم أخيرا أن مسألة الصحراء ليست، مجرد قضية "مخزن"، أو "وزير" أو "حكومة تأتي وأخرى تذهب"، أو قضية "ملك لوحده"، بل هي قضية الشعب المغربي بأكمله. ولذلك لم يجد اليوم، ما يواجه به كل هذا الزخم المغربي، غير استهداف رموز الأمة المغربية "الملك محمد السادس"، أملا في شق الصف المغربي، من خلال سياسة "فرّق تسد" التي هي نهج استعماري فرنسي، ولا غرابة أن يلجأ "أيتام فرنسا" في الجزائر، الى الاستعانة به. والحقيقة أن هذا الهجوم غير المسبوق للآلة الاعلامية العسكرية، يرمي بالاساس الى طمس الحقائق، وتصدير المشاكل الداخلية صوب الخارج، تزامنا مع حرائق الغابات، التي عجز "النظام العسكري" عن اطفائها، على غرار عجزه عن اطفاء جذوة "الحراك الشعبي"، الذي ما فتئ لهيبه يهدد"شنقريحة وصحبه"، بنهاية دارمية مأساوية، على غرار أفلام الرعب "الأمريكية". الخلاصة، أن النظام الجزائري يُنازع أنفاسه الأخيرة، ويحرق نفسه بنفسه، وكلما اقترب المغرب من حسم ملف الصحراء لصالحه، كلما اقترب النظام الجزائري أكثر من الزوال والنهاية.