يأتي استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، لزعيم انفصاليي جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في وقت ينهج فيه المغرب دبلوماسية واقعية وواضحة في قضة الصحراء المغربية قوامها دفع الدول الصديقة والشقيقة الى الوضوح في مواقفها تجاه هذا النزاع الإقليمي المصطنع حول الوحدة الترابية للمملكة. دبلوماسية شدد عليها جلالة الملك محمد السادس في خطاب 20 غشت الجاري، حينما أكد أن " قضية الصحراء بوصلة محددة لنظرة المغرب صوب الخارج، ومحددا رئيسيا للعلاقات مع باقي بلدان العالم، وبأن الموقف من قضية الصحراء لا ينفصل عن الشراكات الاقتصادية". حزم المغرب تجاه المواقف المعادية لوحدته الترابية بدأ واضحا في اللغة التي كتب بها بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذي تحدث عن " مضاعفة تونس لمواقفها وأفعالها السلبية المستهدفة للمملكة المغربية ومصالحها العليا"، وهو ما يعني ضمنيا أن المغرب كان يتابع عن كثب التحركات التونسية-الجزائرية الأخيرة، التي كانت تستهدف المغرب في وحدته الترابية، وبأن استقبال زعيم البوليساريو، اليوم الجمعة، ليس سوى تجسيد لهذه التحركات البئيسة. كما أن رد فعل المغرب على الخطوة الطائشة للرئيس التونسي، قيس سعيد، لم يتأخر كثيرا، اذ قررت المملكة سحب سفيرها من تونس للتشاور، وعدم المشاركة ضمن القمة اليابانية-الافريقية "تيكاد 8" في تونس، يومي 27 و28 غشت الجاري غير أن الحكمة المغربية ودبلوماسية الرزينة، التي يقودها جلالة الملك بحكنة وتبصر، لم تدفع المغرب الى الإعلان عن موقف خصوم مع الشعب التونسي الشقيق، حيث أكد بلاغ الخارجية المغربية أن " هذا القرار لن يؤثر على الروابط القوية والمتينة بين الشعبين المغربي والتونسي، ولا ما يتقاسمانه في التاريخ الموحد والمصير المشترك، كما لا يطال أيضا ارتباط المملكة المغربية بمصالح القارة الإفريقية ولا المبادرات في الاتحاد الإفريقي، ويبقى بعيدا عن انخراط المغرب في "تيكاد"، وهو إشارة قوية مفادها أن المغرب يضع حدا بين تصرفات الرئيس التونسي، قيس سعيد، ومشاعر الشعب التونسي، الذي ظل دوما يدعم المغرب في وحدته الترابية حزمة العقوبات التي يعدها المغرب ضد تونس بعد خروجها من موقف "الحياد الإيجابي" في قضية الصحراء المغربية بفعل تصرفات طائشة من الرئيس قيس سعيد، تندرج في اطار مقاربة "الانتقال من التدبير الى التغيير" في قضية الصحراء، التي ينهجها المغرب، والتي تقوم على جعل هذه القضية أساس الاصطفافات، وإقامة الشراكات وتكوين الصداقات. علاوة على ذلك، تندرج هذه العقوبات، أيضا في سياق رغبة المغرب في معرفة من هم شركائه الحقيقين و "المزيفين"، الذين يلعبون على الحبلين في قضية الصحراء، ومن هنا جاءت الدعوة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس، في خطاب ثورة الملك والشعب، حينما دعا " شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها". يشار الى أن تونس ظلت تاريخيا ملتزمة بالحياد الايجابي تجاه النزاع المصطنع حول مغربية الصحراء، لكن نوعا من الفتور خيم على العلاقات بين تونس والجزائر جعل التكهنات تتصاعد بشأن وجود محاولات جزائرية لاستمالة جارتها الشرقية في هذا الملف؛ وهو ما تحقق على أرض الواقع اليوم الجمعة باستقبال رسمي خصه الرئيس التونسي، قيس سعيد، لزعيم صعاليك "البوليساريو"، وهو ما لقي رفضا واسعا من الشعب التونسي.