بلغت استثمارات الإمارات العربية المتحدة في المغرب مع نهاية سنة 2020، أزيد من 20 مليار دولار. رقم كاف لوحده ليبرز العلاقات الاستراتيجية المتينة بين الرباط و أبوظبي في مختلف المجالات، وهي علاقات قوامها التفاهم، والتشاور المستمر إزاء عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. هذا الرقم الذي تحقق على مستوى الاستثمارات، لم يكن في واقع الأمر ليتحقق لولا العلاقات الأخوية، والإنسانية القوية بين جلالة الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة. وترتبط الأسرة الملكية في المملكة المغربية، بوشائج أسرية قوية مع الشيوخ حكام دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث دأب جلالة الملك محمد السادس ومعه أسرته الصغيرة على تبادل الزيارات بينه وبين كبار شيوخ وحكام الإمارات. في 10 شتنبر 2018، استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث تباحث القائدان العلاقات الأخوية المتميزة التي تجمع دولة الامارات والمغرب وسبل تعزيزها وتطويرها ومجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. هذه الزيارة شكلت تحولا نوعيا في علاقات تاريخية ليست وليدة اليوم، حيث ناقش جلالة الملك محمد السادس، و صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، سبل تطوير علاقات التعاون الثنائي والعمل المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية بين الرباط و أبوظبي. زيارة جاءت آنذاك في وقت حاولت فيه البعض الجهات "تسميم" العلاقات الثنائية بين الرباط و أبوظبي، قبل أن تفند هذه الزيارة التاريخية كل الأقاويل، لتؤكد على أن زخم هذه العلاقات القوية يملك إمكانات قوية لتنويع وتوسيع هذه العلاقات إلى آفاق أرحب وأشمل بما يحقق تطلعات البلدين وشعبيهما الشقيقين. ويبقى أهم مكسب على المستوى السياسي لهذه العلاقات القوية هو افتتاح دولة الامارات العربية المتحدة كأول دولة عربية لقنصلية بمدينة العيون المغربية، مما شكل امتدادا تاريخيا موصولا لدعم مغربية الصحراء، ووقوف أبوظبي الثابت الى جانب المغرب في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ووقوفها الدائم إلى جانبه في مختلف المحافل الجهوية والدولية. دعم اماراتي ثابت للوحدة الترابية للمملكة المغربية، زكاه اشادة أبوظبي بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقاضي بالاعتراف بسيادة المملكة المغربية على كافة منطقة الصحراء المغربية، مما أكد بالملموس موقفَ دولة الإمارات التاريخي والثابت في دعم المغرب في سيادته على كافة أراضيه. أما على الصعيد الاقتصادي، فالأرقام، والمؤشرات تتحدث عن نفسها، لتنطق حقيقة واضحة هو حفاظ الامارات على المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمغرب، بفضل التدفق الكبير لاستثمارات "صندوق أبوظبي للتنمية"، و"الشركة المغربية الإماراتية للتنمية"، وشركة طاقة، وشركة المعبر الدولية للاستثمار، ومجموعة إعمار، وشركة دبي العالمية، وشركة القدرة القابضة، الشركة العالمية البترولية للاستثمار، وكلها مؤسسات تسهم بشكل كبير في عدد من المشاريع التي تحققت في المغرب. وبلغة الأرقام، التي لا تقبل التأويل، فاق حجم الاستثمارات الإماراتية المباشرة في المغرب برسم سنة 2020، مليارا و 300 مليون درهم، بعدما بلغت سنة 2018 مليارين و79 مليون درهم، وما يناهز مليارين و441 مليون درهم سنة 2019. وفي هذا الصدد، ساهم صندوق أبوظبي للتنمية في تمويل 82 مشروعا تنموي في المغرب بقيمة مالية تناهز 2.45 مليار دولار، كما بلغت مساهمة الإمارات العربية المتحدة في إطار المنحة الخليجية للمغرب حوالي 1.25 مليار دولار، همت تمويل عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية. هذا التعاون الاقتصادي بين المغرب والإمارات، ليس سوى انعكاس، وتجسيد واضح لقوة ومتانة العلاقات التي تجمع بين البلدين، علما أن مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين كانت تقتصر في بدايتها على قطاعات محدودة مثل السياحة والعقار، قبل أن تتسع لتشمل مجالات أوسع، مع تركيز الجهود على جذب المستثمرين الإماراتيين، وتوجيه اهتمامهم نحو قطاعات أخرى كالطاقات المتجددة، والاقتصاد الأزرق. وفتح المنتدى الاقتصادي المغربي الإماراتي، الذي انعقد شهر يوليوز المنصرم، الفرصة أمام التعاون الاقتصادي المغربي- الإماراتي ليلامس آفاقا واعدة، حيث فتح المغرب أبوابه أمام المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين الإماراتيين للاطلاع على الفرص الكبيرة التي توفرها الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، بفضل الحركية الدبلوماسية غير مسبوقة التي عرفتها بعد افتتاح عدد من الدول لتمثيليات دبلوماسية لها بكل من مدينتي العيون والداخلة، و المؤهلات الاقتصادية الواعدة، التي تعد بيئة خصبة للاستثمار.