في إطار الموعد الثاني من سلسلة ندواته "نظرات نحو المستقبل" للدورة 2021، نظم معهد صندوق الإيداع والتدبير يوم 25 ماي الماضي لقاء عن بعد خصص لمقاربة المنظومة البيئية المغربية للمقاولات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية (fintechs)، وذلك بشراكة مع برنامج "212Founders" التابع لصندوق الإيداع والتدبير للاستثمار. وجاء في بلاغ مشترك أن هذا اللقاء، الذي نظم بتقنية المناظرة عن بعد، أشرف على تسييره السيد يوسف مامو، مدير برنامج «212Founders» -صندوق الإيداع والتدبير للاستثمار. كما جمع أربعة خبراء تبادلوا التجارب والآراء حول موضوع "أي مستقبل للمقاولات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية بالمغرب ؟". ويتعلق الأمر بكل من السادة عبد الكريم أكومي مدير قطب خدمة الزبناء والقنوات البديلة لدى بنك القرض العقاري والسياحي، وعبد السلام العلوي الإسماعيلي، مدير عام HPS، وياسين الركراكي خبير في التكنولوجيا المالية (fintechs ) وإطار مسير سابق في شركة"Alipay » الفرع التمويلي لمجموعة »Alibaba»، وجان ميشيل هيوت، شريك في مكتب الخبرة « point Bearing ». ومن خلال تسليط الضوء على المنظومة البيئية للتكنولوجيا المالية (fintechs ) بالمغرب، أبرز اللقاء منظورا جديدا بشأن عمق السوق المغربية وطبيعة التفاعلات بين مختلف الفاعلين وإكراهات وآفاق تطور هذا القطاع. كما شكل اللقاء، يضيف المصدر ذاته، مناسبة لطرح عدة تساؤلات، على الخصوص تلك التي تتعلق بتطوير وتغيير عادات الزبناء، ومرونة الفاعلين المتواجدين، إضافة إلى الجوانب المتعلقة بالتنظيم والتقنين. كما شكل اللقاء فرصة للتبادل حول متطلبات نجاح تدابير المواكبة التي يجب اعتمادها لإعداد الظروف الملائمة لانبثاق المنظومة البيئية لصناعة «fintechs » في المغرب. وأبرزت خلال النقاشات التي عرفها اللقاء العديد من الأفكار التي توافق حولها الخبراء المشاركون في الندوة عن بعد. ومن بينها، أن "fintechs " تشكل وسيلة لابتكار وتطوير استعمالات جديدة لدى الزبناء، ولكن أيضا طرقا جديدة لبناء الشراكات بين المقاولات. فالحقل الجديد الذي تفتحه هذه التكنولوجيا لا يقتصر على وسائل الأداء وتحويل الأموال فحسب، بل يهم كذلك جوانب أخرى، خاصة بالتأمين والتمويل. ومكنت مقاولات « fintechs » من الوصول إلى مناطق لم تستطع البنوك أن تطرح فيها خدماتها بشكل فعال. والأكيد أن عنصر التكنولوجيا كان أساسيا في تحقيق ذلك، غير أن الاستقلالية والمرونة كانت أيضا مهمة وبشكل أكبر فيما يخص انبثاق أفكار جديدة. وحاليا، تعمل البنوك جاهدة من أجل تقليص الهوة والالتحاق بالركب، عن طريق الابتكار بشراكة مع مقاولات « fintechs » خاصة من خلال حلول «البنك المفتوح ». كما أنها، أصبحت تتموقع بشكل طبيعي كمقاولات" fintechs » في خدمة الاستعمالات الجديدة لزبنائها. وعرف قطاع «fintechs » المغربي بعض التأخر مقارنة مع بعض البلدان الإفريقية. ويعود ذلك على الخصوص إلى المستوى الجيد للاستبناك في المغرب والأفضلية الكبرى التي يوليها المستعملون للسيولة النقدية في التعاملات. كما أن تغيير عادات الأداء يتم عبر سيرورة اجتماعية تتطلب بعض الوقت. ولذلك فإن اعتماد حلول التمويلات النقالة من طرف البنوك المغربية الكبرى سيمكن على الاقل من التأثير الإيجابي على عادات المستعملين. وترتبط تنمية المنظومة الصناعية ل»fintechs » بالمغرب برغبة البنوك في تشارك خبرتها، ومهاراتها، وبيانات زبنائها، إضافة إلى الاتفاقيات التي تبرمها مع المقاولات الناشئة الحاملة للمشاريع المبتكرة. ويعد تقاسم معطيات الزبناء عبر البنك المفتوح حاسما بالنسبة لتطوير القطاع. وأرسى الإطار التنظيمي المغربي نظام ثقة وجعل جميع المستعملين ينضمون إليه. ولم يضع أية قيود خاصة لكبح تطور قطاع التكنولوجيا المالية. إلا أنه سيكون من المفيد جدا بالنسبة للقطاع أن يتم أيضا وضع إطار تنظيمي خاص للبنك المفتوح. كما أن تنمية المنظومة الصناعية ل " fintechs » ستستفيد أيضا من إحداث منصة وحيدة، في إطار تعاون بين الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات وبنك المغرب، والتي تجمع كل الفاعلين (البنوك، متعهدي الاتصالات، المقاولات الناشئة، إلخ). حيث يمكن لكل واحد أن يقترح عرضه الخاص من الخدمات التي تدخل في نطاق نشاطه. وللدولة كذلك دور مهم في تسهيل اعتماد الاستعمالات الجديدة، وعلى الخصوص من خلال كونها هي ذاتها مستعملا لها. ويجب أيضا تطوير روح الابتكار وريادة الأعمال والمجازفة لدى الشباب ولدى الأقل شبابا أيضا. فالابتكار لا يقتصر فحسب على اقتراح أفكار جديدة، وإنما أيضا القدرة على « تسويق" تلك الأفكار: إيجاد مرشدين، إقناع شركاء، صياغة خطط الأعمال، البحث عن تمويلات وتأمينها، إلخ. كما أن للمغاربة علاقة غير صحية مع الفشل. فهذا الأخير لا يجب أن يعتبر قدرا محتوما، ولكن كجزء من مسلسل التعلم. وأخيرا ونظرا لضيق السوق المغربية، فإن تطوير أبطال وطنيين في مجال « fintechs » يمر بالضرورة عبر التنمية الدولية: وهذا يتطلب استثمار الأسواق الأخرى على المستوى الإقليمي، وخاصة الأسواق الإفريقية. ويذكر أن معهد صندوق الإيداع والتدبير يصبو إلى أن يشكل رافعة لتحويل المعلومة إلى معرفة جديدة مشتركة، والتي يمكن أن تشكل إضافة نوعية وإغناء لمجموعة صندوق الإيداع والتدبير، سواء من حيث إدراك المجموعة لمحيطها الاجتماعي والاقتصادي، أم على مستوى ممارستها وسبل اشتغالها. كما يوفر معهد صندوق الإيداع والتدبير فضاء للتفكير من أجل التشجيع على انبثاق أفكار مبتكرة وحلول بناءة في إطار المساهمة في النقاشات الوطنية الكبرى. كما أن برنامج «212Founders » غايته المواكبة والتمويل من أجل تسريع تنمية المقاولات الناشئة في المغرب وعلى الصعيد العالمي، قامت ببلورته مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير للاستثمار، في إطار استراتيجيتها الاستثمارية التي تعتمد على أخذ مساهمات أقلية في قطاعات ومقاولات ذات الإمكانيات التنموية الهائلة، تساهم مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير للاستثمار من خلال ذلك في التحول الهيكلي للاقتصاد المغربي.