شكل موضوع "الحماية القانونية للتراث الثقافي، الرهانات والآفاق"، محور مائدة مستديرة نظمتها وزارة الثقافة والشباب والرياضة، الخميس، بشراكة مع مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، التي ترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء. وشكل اللقاء مناسبة جمعت خلالها الوزارة، بتعاون مع مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، خبراء دوليين وفاعلين وطنيين للتبادل بشأن تطورات مفهوم "التراث الثقافي المادي واللامادي" في إطاره القانوني الدولي وإمكانيات تعزيز التشريع الوطني لمواكبة المعايير الكونية. وأبرز المنظمون في بلاغ أن مفهوم "التراث الثقافي" ما فتئ يتطور، إذ كان في الأصل يحيل على مجرد الأطلال والمآثر المعمارية، ليمتد، على مر السنين، تدريجيا ليشمل عناصر تمثيلية ومتجانسة، على المستوى الجمالي تشمل المجموعات العمرانية والمواقع الطبيعية والفضاءات الثقافية، إلى حد إدراج الجوانب اللامادية من قبيل المعارف والعادات والتقاليد. ولم يقتصر هدف الندوة، التي عرفت مشاركة خبراء وطنيين ودوليين، وجامعيين، ومهنيين والمجتمع المدني، على تقديم رؤية استعادية لمختلف التطورات، بل شمل أيضا التفكير، بشكل استشرافي، في الحقل التراثي ضمن مقاربة تطورية ومقارنة في ارتباط بالتشريع الدولي لحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي. ويعد القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، الذي تمت المصادقة عليه في 1981 وتم تغييره وتتميمه في 2006 بواسطة القانون 19.05، أهم إطار يتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي بالمغرب. فمن خلال قراءة نقدية لهذا القانون، مكن هذا اللقاء وزارة الثقافة والشباب والرياضة من استقاء، وضمن مقاربة تشاركية، توصيات مختلف الخبراء والفاعلين في المجال من أجل تعزيز الإطار القانوني المغربي، بهدف مواءمته مع المعايير الكونية. ومن خلال مائدتين مستديرتين، تناولتا التراث الثقافي في القانون الدولي وفي القانون المغربي، مكن هذا اللقاء من رصد الوضعية، وتحديد الرهانات والإشكاليات التنظيمية المتعلقة بالحماية القانونية للتراث المغربي في تفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي، بغية التوصل لصياغة التطورات المأمولة في التشريع الوطني، خاصة من خلال تحيين القانون رقم 22.80 الذي يؤطر الحفاظ على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات. وتدعو التوصيات إلى تجميع مجموع التشريعات والقوانين المنظمة في إطار قانوني وطني واحد للتراث الثقافي، وتوحيد المفهوم والمفاهيم الجديدة المتعلقة بالتراث الثقافي في التشريع المغربي، على ضوء الاتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب. كما أوصى المشاركون بتضمين نص القانون المقتضيات المتعلقة بمعاهد التكوين ومهن التراث، والإجراءات التحفيزية والأشكال الجديدة للتمويل من أجل حماية وترميم التراث الثقافي، داعين إلى بلورة آلية تتيح التشاور ومشاركة المجتمع المدني والمواطنين في تدبير والحفاظ على التراث الثقافي، ومراجعة مسطرة الجرد والإدراج والتصنيف من أجل نجاعة أكبر. من جانب آخر، دعا المشاركون في أشغال المائدة المستديرة إلى تضمين القانون أنماطا جديدة لتدبير وحكامة التراث الثقافي، من قبيل إحداث شركات التنمية المحلية، وتحديد مفهوم مخطط التهيئة والحفاظ ضمن قوانين التعمير. يشار إلى أن مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط تعمل، ومنذ إدراج العاصمة ضمن لائحة التراث العالمي للإنسانية في 2012، باعتبارها هيئة لتنسيق مبادرات الحفاظ وتأهيل التراث المتضمنة في مخطط التدبير، آلية حكامة التراث المدرج من قبل اليونسكو. كما تعمل على نقل القيم التاريخية والمعمارية والفنية والمجالية والمادية واللامادية المرتبطة بتراث الرباط. وتسهر، لتحقيق ذلك، على المشاريع قيد الإنجاز، كما تعمل على تشجيع الانسجام بين الفاعلين المعنيين بالحفاظ على التراث والتوعية، إلى جانب الترويج وتقييم وضعية الحفاظ على التراث. المصدر: الدار– وم ع