تتجه حكومة سعد الدين العثماني إلى المصادقة على مشروع قانون جديد يعدل ظهير تنظيم الأملاك العمومية، والذي يعود تاريخه إلى أزيد من مائة سنة. وذكر مشروع القانون بأن الأملاك العامة تشكل رصيدا عقاريا مهما للدولة وآلية من آليات الاستثمار، وأنه أساسا موضوع رهن تصرف العموم وغبر قابل للتفويت، الأمر الذي جعل المشرع يخص استعماله بقواعد قانونية خاصة تميزت بالدقة والصرامة إلا أن هذه القواعد تعود حسب المصدر ذاته إلى ظهير أسس لشروط هذا الاستغلال، والذي صدر سنة 1918 أثناء فترة الحماية، لافتا إلى أن قدم النص "لم تعد معه بعض مقتضياته توفر الحماية اللازمة للملك العمومي"، مع "ظهور بعض الإشكالات والنواقص، بحيث يتم الترامي غير المشروع على عدة أجزاء من الملك العمومي دون اتباع المساطر القانونية من جهة، وكذا لكون بعض قواعده لم تعد تساير التحولات الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع الاستثمار". وتتمثل هذه النواقص حسب النص ذاته في "عدم خضوع الترخيص لمعايير موضوعية خاصة في ما يتعلق بملاءمة الترخيص ومدته وبالنشاط المرخص به"، وكذا "التجديد التلقائي لرخص الاستغلال، وهو ما يتنافى مع خصوصية هذا النوع من الأملاك". كما نبه المشروع إلى "هيمنة الاستغلال لأغراض شخصية على حساب الاستغلال لخدمة المشاريع الاستثمارية"، و"عدم تفريد التشريع الحالي لقواعد خاصة لأصحاب المشاريع الاستثمارية، وغياب ضمانات كافية للمستثمرين المستغلين للملك العمومي في حال تقرر إرجاع هذا الملك"، مع "محدودية العقوبات المقررة في حالة مخالفة قواعد وشروط الاستغلال". تبعا لذلك، تؤكد الحكومة على أن مشروع القانون الجديد يأتي ل"تجاوز الثغرات التي طبعت ظهير 1918"، ووضع قوانين تراعي خصوصية هذه الأملاك، و"توجيهها نحو الاستغلال الأمثل والعقلاني"، علاوة على "سن تدابير حمائية ضد جميع أنواع الاستغلال غير المشروع وغبر الملائم للأغراض المرخص بها". ويسن النص قواعد خاصة للاستغلال المؤقت للملك العمومي تتمثل في مسطرة الإعلان عن المنافسة، وجعل استغلال الملك العمومي يخضع لدفتر التحملات، مع إلزام المستغلين بإعداد دراسة التأثير على البيئة للمشاريع المزمع انشاؤها فوق الملك العمومي. علاوة على ذلك، ينص المشروع على تخصيص مقتضيات خاصة للمرافق العمومية التي يتطلب عملها التواجد فوق الملك العمومي، مع منع أي تفويت أو كراء لرخص الاستغلال تحت طائلة إلغاء الرخصة، ومنح المستغل إمكانية أداء إتاوات الاستغلال على شكل أقساط، إلى جانب وضع قواعد خاصة لعملية إرجاع الملك العمومي المستغل للدولة، وفرض عقوبات مالية صارمة في حال الإخلال بمقتضيات القانون.