تتجه الحكومة نحو تشديد إجراءات المراقبة على الاستغلال المؤقت للملك العمومي، حيث أعدت وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، مشروع قانون جديد يتضمن شروطا صارمة، لمنح تراخيص الاستغلال المؤقت للملك العمومي، ويفتح باب المتابعات القضائية في حق المتطاولين عليه “دون اتباع المساطر القانونية”. مشروع هذا القانون، الذي يعدل ظهير 1918 المتعلق ب”الاحتلال المؤقت للملك العمومي”، أشار في مذكرته التقديمية، إلى أن الأملاك العامة تشكل “رصيدا عقاريا مهما للدولة، وآلية من آليات الاستثمار، وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، موضحا أن هذا الملك “موضوع رهن تصرف العموم، وغير قابل للتفويت”. وقالت المذكرة إن “التشريع المغربي خص استعمال الملك العمومي بقواعد قانونية خاصة، تميزت بالدقة والصرامة، والتي تجسدت في إصدار ظهير 30 نونبر 1918، الذي أسس لشروط هذا الإستغلال”، موضحة أنه نتيجة ل”قدم هذا النص الذي يعود لفترة الحماية” لم تعد معه “بعض مقتضياته توفر الحماية اللازمة للملك العمومي”، علاوة على “ظهور بعض الاشكالات والنواقص”، والتي تشجع على “الترامي غير المشروع على عدة أجزاء من الملك العمومي دون اتباع المساطر القانونية”، إلى جانب “كون بعض قواعد هذا الظهير “لم تعد تساير التحولات الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع الاستثمار”. وحسب المذكرة التقديمية، فإن هذه النواقص والاشكالات، تتمثل في “عدم خضوع الترخيص لمعايير موضوعية خاصة فيما يتعلق بملاءمة الترخيص ومدته، وبالنشاط المرخص به”، وكذا “هيمنة استغلال الملك العمومي لأغراض شخصية على حساب استغلاله لخدمة المشاريع الاستثمارية”. ومن ضمن الثغرات أيضا التي وقف عندها المشروع، الذي اطلعت “رسالة 24” على مضامينه “التجديد التلقائي لرخص الاستغلال”، وهو ما يتنافى “مع خصوصية هذا النوع من الأملاك”، يؤكد مشروع القانون، الذي نبه إلى “عدم تفريد التشريع الحالي لقواعد خاصة لأصحاب المشاريع الاستثمارية، و”غياب ضمانات كافية للمستثمرين المستغلين للملك العمومي في حال تقرر إرجاع هذا الملك”، فضلا عن “محدودية العقوبات المقررة في حالة مخالفة قواعد وشروط الاستغلال”. وأكدت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، ضمن التقديم ذاته، أن إعداد مشروع هذا القانون، يأتي ل”تجاوز الثغرات التي طبعت ظهير 1918، ووضع قوانين تراعي خصوصية هذه الأملاك، وتوجيهها نحو الاستغلال الأمثل والعقلاني”، علاوة على “سن تدابير حمائية ضد جميع أنواع الاستغلال غير المشروع وغبر الملائم للأغراض المرخص بها”. وسن مشروع القانون قواعد خاصة للاستغلال المؤقت للملك العمومي تتمثل بالخصوص في “مسطرة الإعلان عن المنافسة”، مع “إخضاع استغلال هذا الملك لدفتر التحملات”، و”إلزام المستغلين بإعداد دراسة التأثير على البيئة للمشاريع المزمع انشاؤها فوق الملك العمومي”. وفتح النص، الباب أمام امكانية منح “رخصة الاستغلال المؤقت للملك العمومي بواسطة عقد امتياز”، خاصة في الحالات المرتبطة ب”بناء منشاة عامة وصيانتها واستغلالها”، أو “إنجاز مشاريع استثمارية تفوق قيمتها 20 مليون درهم”، فيما حددت المادة ال6 من المشروع الحالات التي تمنح فيها التراخيص بشكل مباشرة، ومنها أن يكون “الإعلان عن المنافسة عديم الجدوى”، أو أن الأمر يتعلق ب”إنشاء مراكز الاصطياف من طرف مؤسسات الأعمال الاجتماعية التابعة للإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية”. ونص مشروع القانون على “إلزام الإدارة بدراسة طلب التراخيص المباشرة داخل اجل لا يتعدى 60 يوما من تاريخ إيداع الطلب”، بينما نصت المادة ال9 منه على أن “يمنح الترخيص بالاستغلال المؤقت للملك العمومي لمدة أقصاها أربعون (40) سنة، قابلة للتجديد مرة واحدة لمدة أقصاها أربعون (40) سنة، إذا تبين للإدارة المختصة ضرورة استمرارية النشاط موضوع الترخيص.” واستثنى مشروع القانون من شرط تحديد المدة، الرخص المتعلقة ب”تهيئة الطرق الرابطة بين ملك مجاور للطريق العمومية وبين هذه الطريق مع السماح بالمرور على جانبي الطريق المذكورة أو عدم السماح به”، أو المرتبطة ب””تهيئة ممرات للربط بين قطعتين أو أكثر مملوكة لشخص واحد”، أو الرخص ذات الصلة ب”ربط القنوات العمومية بالسواقي المعدة لتصريف المياه عن الأملاك الخاصة أو لريها”. ومنع النص أي تفويت أو كراء لرخص الاستغلال تحت طائلة إلغاء الرخصة، كما منح الإدارة صلاحية سحب الرخصة قبل انتهاء اجلها لأغراض المصلحة العامة مع منح المستغل الحق في التعويض عن الضررالذي لحقه جراء هذا السحب، مشيرا إلى أنه “لا يمكن أن يغطي التعويض سوى الأضرار المباشرة والمادية والحقيقية”. كما منح مشروع هذا القانون المستغل إمكانية أداء إتاوات الاستغلال على شكل أقساط، إلى جانب وضع قواعد خاصة لعملية إرجاع الملك العمومي المستغل للدولة، وفرض عقوبات مالية صارمة في حال الإخلال بمقتضيات القانون. وفي هذا الصدد، نص مشروع القانون على أن يوجه إلى “كل شخص يستغل الملك العمومي دون الحصول على ترخيص اعذار بالتوقف عن الاستغلال غير الشرعي”، على أن يعاقب على كل “ترام على الملك العمومي بغرامة تعادل عشر مرات مبلغ الإتاوة السنوية المستحقة في الحالات العادية للاستغلال.” ونص المشروع أنه “إذا كان الترامي مرتبطا بانجاز بناء يتم توجيه اعذار إلى المخالف لإزالة البناء داخل اجل 15 يوما”، مضيفا أنه في حالة “عدم امتثاله يتم هدم البناء طبقا لمقتضيات القوانين المتعلقة بالتعمير”، وذلك دون “الإخلال بالمتابعة القضائية،” مع إلزام “المخالف بأداء غرامة تساوي 20 مرة مبلغ الإتاوة السنوية العادية المستحقة في حالة الاستفادة من الترخيص.”