منذ اقتراف تلك الجريمة البشعة بطنجة في حق الطفل عدنان بوشوف، لو تتوقف الأخبار القادمة من كل مكان حول القبض على مغتصبي الأطفال، سواء بعد قيامهم بأفعالهم الدنيئة أو خلال محاولتهم ذلك، وكأن دم المرحوم عدنان يرفض أن يبرد، ويحاول أن يفضح المجرمين الباقين الذين يترصدون بالبراءة في الشوارع والمنازل والمؤسسات التعليمية. كانت جريمة عدنان بوشوف مكتملة الأركان في بشاعتها، فقد فعل السفاح كل شيء بسرعة وفي زمن قياسي، حتى أنه لم يترك للقدر فرصة العثور على عدنان حيا، فقضى عليه بوحشية نادرا ما عاينها المغاربة، لذلك كان ذلك التعاطف المهيب بين كل أطياف المجتمع المغربي والدولي مع أسرة الضحية. ساعات فقط بعد رحيل عدنان، قبض السكان في طنجة على "بيدوفيل" آخر وهو يترصد ضحيته، وألقى سكان آسفي القبض على مجرم آخر، وصارت الأخبار تتوالى من كل مكان حول مجرمين يترصدون تلك الأرواح البريئة عند كل منعطف. ونادرا ما تكون للجرائم البشعة إيجابيات، لكن من قدر الطفل عدنان أن يموت ثم يحيا من يأتون بعده، وهذا ما حدث عندما تم فضح الكثير من الحالات المسكوت عنها، حيث قرر عدد من الأطفال كشف أسرار لم يكونوا قادرين على البوح بها، شجعهم في ذلك التعاطف غير المسبوق مع أسرة الطفل عدنان. هذا ما دفع عددا من الفتيات الصغيرات في إحدى قرى ضواحي طنجة، وفي قرية الزميج بجماعة ملوسة، على اتخاذ خطوة شجاعة عندما كشفن لأسرهن ما يتعرضن له في كتاب قرآني في مسجد تابع لزاوية "بنعجيبة"، فكانت فضيحة لم يتوقعها الكثيرون، أولا لأنها استمرت لسنوات، وثانيا لأن من قام بها فقيه وإمام مسجد تابع لإحدى الزوايا التي تحظى باحترام في المنطقة. هذه الفضيحة الجديدة كشفت عن كون "الفقيه" دأب على هتك عرض طفلات لا يتجاوز سنهن الخامسة، واستمر ذلك لسنوات، ولولا ما جرى للطفل عدنان لما تجرأت الضحايا على كشف ما جرى، وقد يكون عدد الضحايا أكبر بكثير. الطفل عدنان، عصفور الجنة، مبارك في حياته ومماته، لقد مات فهب المجتمع بكامله ليقف سدا منيعا أمام هذه الجرائم البشعة لاغتصاب الأطفال. إن دم هذا الطفل المغدور لن يبرد أبدا ما دامت هذه الجرائم البشعة تحدث بيننا.