أعود مجددا إلى حياة "محمد خيا" بائع الصحف الذي كان يبيع الصحف ليلا في شارع محمد الخامس بالرباط ، والذي توارى عن الأنظار. حين يكون هناك حدث مدوٍ يضطر خيا أن يذرع الشارع ذهاباً ومجيئاً إلى حيث مكتب شركة التوزيع حاملاً في كل مرة كمية من الصحف التي ما أن يضعها حتى يتخاطفها قراء متعطشين. في حوار جرى معه قبل سنوات يقول خيا إن أكبر كمية من الصحف باعها كانت خلال الأيام التي تلت وفاة الملك الحسن الثاني في يوليو 1999 .والحدث الثاني الذي يتذكره خيا كذلك وبلغت فيه مبيعات الصحف أرقاماً قياسية كان في نوفمبر 1999، في ذلك الشهر تمت إقالة الرجل الذي ظل متنفذاً في الحياة السياسية لما يزيد عن 20 سنة . أيام بعد تلك الاقالة تحول البصري إلى زبون دائم لدى خيا. يأتي كل مساء إذا كان في الرباط رفقة صديقه أنس دينيا إلى حيث يفترش خيا صحفه ويشتري منه جميع الصحف و ينفحه قدراً من المال يزيد عن المطلوب في غالب الأحيان. كان البصري يأتي ما بين التاسعة والعاشرة يقف بسيارته أمام الرصيف الذي تفرش فوقه الصحف. يجمع خيا الصحف ويسلمها للبصري عبر نافذة السيارة ثم يتجاذب معه أطراف حديث لدقائق وأحياناً يطلب الرجل، الذي كان مالئ دنيا المغرب وشاغل ناسه قبل وفاته، سيجارة من بائع الصحف… تلطفاً. ثمة علاقة كانت تربط البصري بخيا وهي أن كليهما من منطقة الشاوية جنوب الدارالبيضاء. غدا أواصل حكايات أشهر بائع صحف في المغرب.