أصدر مركز "مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني"، غشت 2018، كتابا تحت عنوان "أولويات الإصلاح بين السياسي والثقافي". إن قيمة هذا المؤلّف الذي شارك في تأليف صفحاته ال 142 ذات الحجم العادي، والمتنوعة محتوياته بين المقالات والترجمات والتقارير والإبداعات، مجموعة من المثقفين المغاربة والعرب والأجانب. تكمن في التساؤلات الكبرى التي يطرحها كل كاتب من وجهة نظره. تطرقت المقالة الأولى للمفكر المغربي عبدالاله بلقزيز إلى موضوع الإصلاح الديني وراهنتيه. حيث ذكّر في مستهلها بالدعوة القديمة التي بدأها إصلاحيو العهد القديم (الكلاسيكي) أمثال الأفغاني ورشيد رضا، معتبرا إياها فعلا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، حدث تلقائيا من داخل المنظومة الإسلامية. وانتقد بلقزيز تمسك الحركة الإصلاحية الإسلامية الحديثة بالموروث العربي الإسلامي والكلاسيكي. وأنهى الكاتب مقالته بطرح سؤال: لماذا أخفق مشروع الإصلاح؟ قبل أن يجيب أن نجاحه لا يتم إلا عبر طريقين: طريق تاريخي يقر أن الإصلاح الديني كان رديفا للإصلاح السياسي الذي شهدته بعض البلدان الإسلامية. كما هو الشأن في مصر مع محمد علي باشا، وتونس في عهد أحمد باي، والمغرب في عهد السلطانين محمد الرابع والحسن الأول، إضافة إلى السياسات الإصلاحية التي اتخذتها تركيا. وشرح الكاتب عوامل الفشل في خمسة أهمها: 1. الاحتلال الأجنبي 2. تردد الدولة الوطنية 3. افتقاد المشروع الإصلاحي إلى الحامل الاجتماعي. 4. انقضاض الإحيائية الإسلامية على التراث 5. التحلل الفكري العربي الحديث. أما عبدالله بوصوف فقد كتب مقالة بعنوان: الإصلاح الديني: في نقد فكرة النموذج" عالج فيه نموذج الإصلاح الديني في الفكر المسيحي المبني على أفكار ماترن لوثر. وتساءل عن مدى سلامة الرأي الداعي إلى الإقتداء ب"اللوثرية" لإصلاح الإسلام؟ وهل يفتقر الإسلاميون إلى ميكانيزمات ذاتية لهذا الإصلاح؟ قبل أن يجيب أن أمة انبنت على فكرة أن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها ليست بحاجة إلى تبني نموذج ديني لإصلاحه. "الثقافي والسياسي: عوائق الإصلاح الاجتماعي" هكذا عنون المفكر المغربي سعيد يطين مساهمته البحثية، التي بدأها بما أسماها "الأسئلة الحرجة" التالية: بأي صفة نعالج موضوع الإصلاح؟ مثقفين؟ مفكرين؟ كتابا، أم متدخلين في الشأن السياسي؟ يقول سعيد يقطين "نعيش الآن مرحلة الحرب على الإرهاب. ماذا أنتجنا من معرفة، قرابة أزيد من عقد من الزمان؟ دعوات إلى "تجديد الخطاب الديني" قصائد في الهجاء.. المزيد من قنوات التطرف الطائفي والديني، مقالات مرتجلة" مقالة يقطين تطرقت أيضا إلى دور الوساطة الثقافية التي كان يلعبها المثقف بحكم تملكه للمعلومة الفكرية والفلسفية غير المتاحة للجميع، ثم يترجمها في قصيدة حماسية أو مقال ناري، أما اليوم في ظل انتشار وسائط التواصل الاجتماعي هذا الدور أصبح متجاوزا. داعيا إلى إعادة النظر في مفهوم "الثقافي" و"السياسي" وربطهما ب"الاجتماعي". وفي نفس السياق، جاءت مقالة عبدالرزاق بلعقروز تحت عنوان "الاتجاه من إصلاح العقل إلى تقوية الوجدان في الخطاب الإصلاحي الراهن: مقاربة تفسيرية" وقد اعتمد الكاتب في دراسته على مفهومين حاول من خلالهما دراسة "الإصلاح" وهما: إصلاح العقل وتقوية الوجدان. ثم تطرق إلى سمات الإصلاح العقلي وحصرها في ثلاث: أولا/ أزمة في الفكر وعلاجها إصلاح مناهجها التفكير وتصحيح منطلقاته. ثانيا/ إصلاح العقل دون تجاوز لمقالة العقل الحداثي والعقل التراثي في التفكير. ثالثا/ إصلاح العقل بمعنى تحرير التفكير على شروط المناهج العقلية والمعايير والعلمية المستجدة. قبل أن ينتقل إلى السمات الثلاث للإصلاح الوجداني وحددها في: أولا/ تقوية الإرادة والوجدان وإنجاز التكامل بين المعرفي والوجداني في المشروع الإصلاحي المنشود، ثانيا/ الأصالة الوجدانية هي المولدة للفاعلية الإصلاحية، وثالثا/ إحياء قلب الإنسان المعاصر: الصورة الحية للإصلاح. وانتهت المقالة إلى اعتبار الثقافة هي "الأكثر دواما وقدرة على امتلاك قوة الأمة. معتبرا السياسي ليس إلا جزءا منها" كانت هذه بعض المقالات المهمة في هذا الكتاب الجماعي، إضافة إلى بعض "القبسات"لمفكرين كبار مثل الأصفهاني، وعلال الفاسي. إلى كتاب آخر..