الحكومة: انتهينا من تأهيل 934 مركزا صحيا أوليا    مقاطعة طنجة المدينة تساهم في فعاليات المنتدى الاقتصادي المغربي الافريقي بحضور وفد روسي رفيع    تحذير مقلق.. "ناسا" ترفع احتمالية اصطدام كويكب بالأرض    الحرس الإسباني يحقق في وجود أنفاق لنقل الحشيش من المغرب    نقابة CDT تنظم مسيرة احتجاجية ثانية الأحد على خلفية الارتفاع المهول للأسعار وانتشار الفساد وتضارب المصالح    خبير إسباني: المغرب مرجع دولي في مجال مكافحة الإرهاب    من ساحة السراغنة إلى قلب الدار البيضاء…ذاكرة لا تُمحى    طالبي ينال الجنسية الرياضية المغربية    الدكتور نجيب بوليف يصدر كتابه الجديد: "الانتقال الطاقي بالمغرب… اختيار أم ضرورة؟"    اندلاع حريق في سيارة نفعية بمدينة الحسيمة    اعتقال متورطين في مقتل شاب مغربي بإسطنبول بعد رميه من نافذة شقة    نتنياهو: "يوم مؤلم" ينتظر إسرائيل    المغرب يلتقي بمصنعِين في الصين    مبيعات الإسمنت ترتفع في المغرب    وديتان للمنتخب المغربي في يونيو    المغرب يوجه ضربة جديدة للتنظيمات الإرهابية بإحباط مخطط "داعش"    الأرصاد الجوية تترقب يومين من التساقطات الإضافية في شمال المغرب    إيقاف بيلينغهام وريال مدريد يستأنف    أزمة المستحقات بين الشوبي ومالزي    "بويذونان".. دراما مشوقة على قناة "تمازيغت" تفضح خبايا الفساد ومافيا العقار بالريف    أطلنطاسند للتأمين تفوز بجائزة الابتكار في تأمين السيارات المستعملة ضمن جوائز التأمين بالمغرب وافريقيا 2025    شراكة استراتيجية في مجالي الدفاع والأمن بين الجيش المغربي ولوكهيد مارتن الأمريكية    تحت شعار «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع التنموي الديمقراطي» الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين    المغرب التطواني يفك ارتباطه بمحمد بنشريفة ويخلفه الدريدب    بعد الكركرات.. طريق استراتيجي يربط المغرب بالحدود الموريتانية: نحو تعزيز التنمية والتكامل الإقليمي    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    مجلس النواب ينظم المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية    عامل الحسيمة ينصب عمر السليماني كاتبًا عامًا جديدًا للعمالة    وزيرة الثقافة الفرنسية: المغرب يمثل مرجعية ثقافية عالمية    إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    مندوبية السجون تعلن عن إحداث دبلوم جامعي في الطب السجني    مسؤول إسباني: المغرب مصدر إلهام للبلدان الإفريقية في جودة البنيات التحتية الطرقية    عمر هلال ل"برلمان.كوم": المغرب لديه الريادة في سياسة السلامة الطرقية    وفاة المطربة آسيا مدني مرسال الفلكلور السوداني    الاستعدادات لمونديال 2030 محور لقاء لقجع ورئيس الاتحاد الإسباني    ناشر مؤلفات بوعلام صنصال: "أخباره ليست ممتازة" بعد ثلاثة أشهر على سجنه    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أبطال أوروبا .. البايرن وبنفيكا وفينورد وكلوب بروج إلى ثمن النهائي والإيطاليون يتعثرون    جهة الشرق.. التساقطات المطرية الأخيرة تعزز الموارد المائية وتنعش النشاط الفلاحي    رشيدة داتي: زيارتي للأقاليم الجنوبية تندرج في إطار الكتاب الجديد للعلاقات بين فرنسا والمغرب    رامز جلال يكشف اسم برنامجه الجديد خلال شهر رمضان    النفط يصعد وسط مخاوف تعطل الإمدادات الأمريكية والروسية    احتجاجات في الرباط تندد بزيارة وزيرة إسرائيلية للمغرب    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    دوري أبطال أوروبا.. بنفيكا يعبر إلى ثمن النهائي على حساب موناكو    ترامب يعلن عن إقالة مدعين عامين    بحضور وزير الثقافة.. توقيع شراكة استراتيجية بين سلمى بناني وسفير فرنسا لتطوير البريكين    منتدى يستنكر تطرف حزب "فوكس"    بعد تأجيلها.. تحديد موعد جديد للقمة العربية الطارئة    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    السعرات الحرارية الصباحية تكافح اكتئاب مرضى القلب    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهايكو في المغرب

من المؤسف حقا على مثقفينا العرب – الذين توجهوا غربا مشدودين إلى نهضة الفن الغربي الحديث الممتد وراء إلى خمسة قرون والنازع إلى التفكير المادي العقلاني...- ألا يلتفتوا إلى جذور الثورة الجمالية في الثقافات الشرقية ذات القيم الروحية الطافحة بالحكمة والتصوف، بالرغم من الالتفاتات الفردية إلى الشعر الشرقي خاصة منه الياباني في شكل قصيدة الهايكو، الأصغر والأجمل على الصعيد العالمي، والتي اكتسبت شهرة عالمية قل نظيرها.
ما يلاحظ على الشعر العربي اعتماده على التشبيه والاستعارة، بيد أن نظيره الياباني ينهل من الإحساس الجمالي أو النظرة الجمالية إلى الوجود والطبيعة بوساطة مجموعة من القيم كالبساطة والاختصار والصفاء في الرؤية والإيحاء واللاتماثل وصفة الفناء الملازمة للأشياء بدءا من الرسم والمعمار ولباس الكيمونو الأنيق وطقوس تقديم الشاي وتنسيق الزهور...من هنا تطورت قصيدة الهايكو عن أشكال شعرية سبقتها كالرنجا والتانغا...وهي قصيدة تصويرية واضحة مكثفة خالية من ضروب الاستعارة تتألف من 17مقطعا وفق النسق الإيقاعي:5-7-5، موزعة على ثلاثة أسطر تعتمد على ثلاثة عناصر ضرورية هي: الموضوع والمكان والزمان، ولعل أهم عناصرها الكلمة الموسمية المحيلة على الزمان أو على المواسم الطبيعية الأربعة، والتي يقول عنها أوتسوجي أحد شعرائها البارزين:«إن الموضوعة الموسمية هي الشعور الذي يبرز من الرؤية المنزهة عن الغرض، ممتدحا نبل الطبيعة الخالية من الزخرف، وهي أيضا شعور باستنارة شبيهة بالنيرفانا، وهي أحد العناصر التي لا يمكن حذفها من شكل الهايكو»، إن كتابة قصيدة هايكو رهين بالحالة التي يصل فيها الشاعر إلى حرية تامة وتجرد تامين من الألم و الذاتية بحيث يحس أنه بإمكانه الفناء بشكل طبيعي، ويضيف أوتسوجي أيضا أنه:«لتأليف قصيدة هايكو ليست هناك ضرورة للإيمان بأيديولوجية معينة أو فلسفة شخصية، لأنه مادامت الأيديولوجية والفلسفة تتضمنان أفكارا تطل هنالك خشية من أن يؤلف الشاعر هايكو بوساطة المنطق في الوقت الذي يجب أن يكون فيه الشعور الصرف هو الدافع إلى التأليف.».
ونظرا لشعبيتها في اليابان، استطاعت أن تقفز خارجا إلى القارات الأخرى، وأن تنال استحسانا وانجذابا لم يستطع معه حتى كبار الشعراء التصويريين من مثل أزرا باوند أن يضاهي كبارها، فبقيت إلى حد اليوم تشكل قارة بكرا لا يبرح بعض شعراء المعمور أن يبحروا نحوها، إنها شكل تقليدي آسر تعبر عن عبقرية الشعرية اليابانية قديمها وحديثها.
في المغرب،وفي إفريقيا أيضا،كانت أول مباراة للهايكو ، بالعربية والفرنسية سنة 1982، حيث شارك فيها 155 شاعرا، بعد السنيغال التي تنظم فيها سنويا منذ 1979، حيث تضاعف العدد إلى 730 شاعرا زنجيا (1982)، وبعد أن نشر بعض المقالات في الصحف المحلية، حدد السيد سونو يوشيدا(سفير اليابان في السنيغال آنذاك) قواعد الهايكو وفق ما يلي:
-1- يجب أن تعكس عاطفة نشعر بها اتجاه الطبيعة .
-2- يجب أن تتضمن ثلاثة أسطر شعرية قصيرة عوض الاشتغال على الإيقاع ذي النسق المكون من المقاطع الصوتية 5-7-5، كما في اليابانية.
-3- يجب أن تذكر فيها كلمة موحية لفصل ما (شتوي أو جاف كما في غرب إفريقيا) والتي تسمى بالموضوعة الموسمية.
وقد تضمنت لجنة التحكيم الأساتذة عبد الجليل الحجمري، ومحمد أبو طالب من جامعة محمد الخامس، وأحمد عبد السلام البقالي شاعرا ، والسيد سونو يوشيدا، وسنستحضر هنا ست قصائد هايكو لستة مشاركين مغاربة مذيلة بشهادات تحليلية للسيد سونو يوشيدا كما وردت في كتابه: haïku: le poème le plus cours du monde*
-1-
وقطرة المطر
Et la goutte de pluie
تتفتح في البركة
S'évanouit dans l'étang
مثل نحيب بعيد.
Comme un sanglot lointain.
ف.م.الفاطمي
يعتبر الفاطمي أول فائز بجائزة أحسن هايكو بالمغرب لسنة 1982. في هذه الهايكو، كلمة «المطر» توحي بالشتاء، الفصل الذي تمطر فيه بشكل عام في المغرب.
تعبر هذه القصيدة كثيرا عن الجو الكئيب لهذا الفصل حيث معظم الأشجار والشجيرات قد فقدت أوراقها، وحيث السماء دائما ملبدة بسحب دكناء، وتنزل درجات الحرارة أيضا.
مر الفصل السعيد، وهذا يجعلنا كئيبين، إنه زوال، في هذا الجو، يكشف المؤلف عن صورة دقيقة، قطرة مطر- ربما الأولى- التي تتفتح في ماء البركة وتحدث دوائر تتسع باستمرار هادئ...«مثل نحيب بعيد» يموت.
في هذه الهايكو، عبر الشاعر عن الصورة بشكل ملموس، وبفضل هذا يمكن أن يبرز المشهد الموصوف بشكل جلي.
فضلا عن ذلك، فكلمة «المطر» خصيصة فصل الشتاء، هي فعالة لإثراء هذه الهايكو، وهي تقدم الجو العام لهذا الفصل، كخلفية لهذه الصورة ، إنه السبب الذي من أجله يستوجب الاقتصاد في كلمات الهايكو.
وجدت في هذه القصيدة حساسية المغاربة الشديدة للغنائية، تلك الغير معروفة بالضرورة في باقي العالم، إن هذه الهايكو أكثر وضوحا بالنظر إلى كون أعضاء لجنة التحكيم المغاربة قد اختاروها.
-1-
-2-
درب طويل
Un long sentier
عجوز يسير
un vieillard marche
ريح الخريف تهب.
Le vent d'automne soufflé
لحسن بخري
الصورة واضحة، والكلمة الموسمية هي« ريح الخريف».لم يحبذ أعضاء لجنة التحكيم أن تذكر الكلمة الموسمية مباشرة في القصيدة. أتفهم التقليد الشعري المحلي الذي يخالف هذا، لكن في هذه الهايكو إذا لم يكن من الممكن التعبير بدقة عن موسم بواسطة كلمة مطابقة، فإنه لا يمكن تجنب ذكرها. في اليابان، هناك صنف من المعجم يسمى« سايجيكي» يبين الألفاظ المقبولة ككلمات توحي إلى فصل. لقد وجدنا هنا « ريح الخريف». من جهة أخرى هناك العديد من قصائد الهايكو الشهيرة لباشو، بوسون، شيكي، كيوشي الخ...تتضمن هذا التعبير.
في هذه القصيدة، قدم المؤلف الصورة بطريقة رمزية، درب طويل عبر حقل قاحل يمتد إلى الأفق بلا نهاية، إنه مشهد وحيد وحزين.
لقد رأينا عجوزا على الدرب، سيره يشير إلى جو مقفر، ويوحي أيضا بعلاقة الطبيعة بالإنسان، أو فصل الشتاء بالشيخوخة.
« ريح الخريف تهب»...كهاتف القدر الذي ينبغي أن يواجهه الإنسان وحيدا في هذه الحياة الوحيدة إلى أخر العمر.
في معنى مشابه، كتب كيجو موراكامي(1865-1938) ما يلي:
فو- يو- با- تشي - نو
La guêpe d'hiver
شي- ني- دو – كو – رو – نا – كو
ne trouvant où
آ – رو – كي- كي – ري
Marche.
( زنبور الشتاء
لم يجد أين يموت
يسير.) كيجو موراكامي
تذكرني هذه الهايكو، من جانب أخر، على مايبدو، بقصيدتين مماثلتين لقصيدة بخري، بيد أن المميزات مختلفة تماما.
هاهي واحدة لبونشو نوزاوا (؟- 1714 )، والذي كان تلميذا لباشو ماتسيو لمدة عامين:
نا – گا –نا – گا – تو
Allongé
كا – وا – هي – تو – سو – جي –يا
le seul cours d'une rivière
يو – كي –نو – ها – را.
La plaine de neige
( ممددا
مجرى النهر الوحيد
سهل الثلج) بونشو نوناوا
من جانب أخر، ألف كيوشي تاكاهاما ، وهو في 26 من عمره من عام 1900، الهايكو التالية، وكانت أولى تحفه وإحدى أهم ما قدمه:
تو – أو – يا – ما – ني
Sur la montagne lointaine
هي – نو - آ – تا – ري- تا - رو
le soleil rayonne
كا – ري- نو –كا – نا
la plaine dépouillée.
( فوق الجبل البعيد
تلمع الشمس
السهل عار). كيوشي تاكاهاما
إنه مشهد لفصل الشتاء خلال الشفق، لكن في هذه النظرة المقفرة، أبصر كيوشي لذة عميقة أو بالأحرى بعض الأشياء التي من خلالها يمكنه عد أشعة الشمس الحارة في عالم أجرد.
بالعودة إلى هذه القصيدة المغربية، لو وصف المؤلف العجوز بشكل أكثر محسوسية وهو يعبر عن سمته بطريقة حادة لكانت الدلالة أكثر عمقا.
هذا الجو الصافي لهذه الهايكو يذكرني بالتي كتبها سويها واتانابي (1882-1946) (أقدم مأدبة شعرية جنب مجرى ماء متموج) في جبل كانو- زان(3534م) بإقليم شيبا في الجنوب الشرقي لطوكيو، إنها:
كا- تا- ما- ت-تي
Groupées
أو-سو- كي- هي- كا-ري- نو
une lumière pâle
سو- مي-ري- كا- نا.
Les violettes
( متجمعة
ضوء شاحب
البنفسجات.) سويها
-2-
-3-
بحيرة معلقة متحركة
لها من الحلم سماء
الضباب الربيعي.
(وردت هذه الهايكو بالعربية في النص الفرنسي)
محمد بورورو
بما أن للكلمات العربية دلالات عديدة، فيصعب تأويل هذه الهايكو، لكن قصيدة الربيع هذه تعبر عن صورة «خاصة بالحكم».
«الضباب الربيعي» الذي ولد في الجبال خاصة هو دائما متحرك، لكن تخيل بأن البحيرة «المعلقة» في الهواء رائعة.لقد وصف جو الضباب بطريقة مغربية.
لقد قال المؤلف بأنه حصل على هذه الصورة حينما اكتشف بأن للضباب الجبلي نفس لون وشكل البحيرة، أزرق أيضا كما ماؤها العميق، ومتحرك كما الدوائر المتموجة.
تبدو هذه الصورة أيضا فوق الطبيعة، كقصة خرافية، أو كلوحات عجيبة يسيطر فيها الأزرق القاتم ل Marc Chagall
(1887- ؟) حيث شبان هواة وحيوانات تطير بحرية في الهواء ضد الجاذبية مثل رواد الفضاء.
اللعب للحظات على مشهد خارق الطبيعة يحتاج إلى نوع من الانفلات من الواقع. تذكرني هذه الهايكو بقصيدة هاكيو إشيدا:
تسو- كا- نو- ما- يا
Pour un instant
كا- ن- و- ن- مو-أ-تي
les nuages froids brûlant
كي- ن- شو-أو- دو.
La ruine s'est dorée
(للحظة
الغيوم الباردة المشتعلة
يغدو الخراب بلون الذهب.) هاكيو إشيدا
بعيني هاكيو المتعبتين وبلا أمل، وسط خراب طوكيو في غشت1945 للحظة واحدة، اشتعلت الغيوم بلون أصفر قوي عاكسة ضوء الشمس أثناء الغروب... كما لو أن الخرائب تحولت إلى جنة من ذهب!
لقد أضفت عاطفة الشاعر العميقة على هذا المشهد الطبيعي الخارق سموا أكبر.
-4-
في قلب يدي
Dans ma paume fond
بلورة الثلج الأولى
le premier cristal de neige
فجر شتاء جذلان.
Aude gaie d'hiver
Pierre wick
تعبر هذه الهايكو عن إحساس جد مرهف وبسيط، والذي يتقاسمه جميع الناس، الرجل والمرأة، الشاب والطفل. أساس هذا الموضوع هو الفرح والدهشة عند اكتشاف سر الطبيعة في عالم أصغر يفوتنا كل يوم.
إن عبارة «في قلب يدي بلورة الثلج الأولى» جد ملموسة، وتنقل الصورة إلى القراء بشكل ناجع.
المؤلف عازف على البيانو والناي وابن الثلاثين، إنه بلا شك الانطباع الذي جعلني أسمع إلى نغمة جميلة عندما قرأت هذه القصيدة.
ومع ذلك، ففي هذه القصيدة كلمتان موسميتان ليستا بالضرورة أن تذكرا جمعا، باعتبار أن الألفاظ محدودة في الهايكو، فمبدئيا لا ينصح باستعمال أكثر من كلمة موسمية، هنا«ثلج» يكفي أن تكون هي المعبرة عن مشهد الشتاء.
وقد ذكرتني هذه القصيدة بأخرى لشيكي ماسا أوكا رائد الهايكو المعاصرة:
دا- أي بو- تسو- نو
Le grand bouddha,
كا- تا- ها- وا- نو- يو- كي
la neige sur une épaule
تو- كي- ني- كي- ري.
A fondu.
( بوذا الكبير
ثلج على كتفه
ذاب.) شيكي
تمثال بوذا الكبير وقور. ربما كان من البرونز، وهو يجلس في الخارج. رغم أن العواطف تختلف في هاتين القصيدتين إلا أن ثيمتيهما تتشابه.
ربما هل كان التعبير عن الفرح بسيطا لكنه مثير لدى wick مقتسما بشكل أفضل مع هايكو تيجو ناكامورا الشهير(1900-..) معلم مدرسة «كازاهانا» (ندف الثلج في طقس صحو). كما يلي:
تو- ني- مو- دي- يو
Viens dehors
فو- رو- رو- با- كا- ري- ني
Si proche q'on pourrait la toucher
ها- رو- نو- تسو- كي
La lune printanière
(آت من الخارج
قريب حد اللمس
القمر الربيعي.) تيجو ناكامورا
-3-
-5-
أطياف إوزات الشتاء
L'ombre des cygnes d'hiver
تظل ثابتة
restera à jamais fixée
على البحيرة الواسعة الفضية.
Sur le vaste lac argenté.
إيمان عزمي
هذه القصيدة ألفتها آنسة شابة.
تبدو السماء غير منتهية ولازوردية، الفضاء الفسيح للبحيرة المترامية الفضية، الهواء بارد، وفكر المؤلفة مجهد، هاهي أطياف بضعة إوزات ثابتة- كما لو أنها لا تتحرك أبدا ، ناهيك عن الطيران- منظر روحاني جدير بالتصوير. ويمكن للقراء استعادة هذه القصيدة الصافية بفضل الكلمة الموسمية «إوزات الشتاء».
تذكرني أيضا هذه القصيدة بقصيدة سيكيتي هارا (1951-1886) وهي كالتالي:
يو- كي- ني- كي- تي
Arrivant à la neige,
مي- گو- تو- نا- تو- ري- نو
un oiseau magnifique garde
دا- ما- ري- أو- رو.
Le silence.
(حين وصل إلى الثلج
طائر جميل لزم
الصمت). سيكيتي هارا
-6-
أثر نار شمسية
Trace de feu solaire
للأرض غضون
la terre a des sillons
أكثر كبريتية من الغضب.
Plus sulfureux que la colère
فريد جاي
لقد قبلت«نار شمسية» كموضوعة موسمية دالة على الصيف؛ يتعلق الأمر بالجفاف والذي عانى منه مؤخرا جزء هام من العالم.
إنه فريد، وصف لون الأرض الجافة «أكثر كبريتية من الغضب»، لقد قورن الغضب ب«مصفر»، «شاحب»، «أحمر»أو«أسود»، لكن بدون«أصفر»، إنه اكتشاف أن تجد الغضب بلون أصفر قاتم أقرب إلى الأحمر.
من جهة أخرى تعتبر «للأرض غضون»تعبيرا محسوسا عن المشهد.
تلامس هذه الهايكو القارئ بقوتها وحدتها وخصوصيتها الوحيدة. لقد قال المؤلف أنه كان يحاول التعبير عن شعوره القوي الذي هيج قلبه مثل مشهد الجفاف هذا. وكما لو أنه أثر قنبلة ذرية.
لقد عبر سانكي سايتو عن ذلك بشعور مماثل من خلال الهايكو التالية:
تا- إي- كا- ن- نو
La sécheresse
آ- كا- أو- شي- تو- نا- ري
devenue un bœuf rouge
كو- أ- تو- نا- رو.
Devenue son mugissement
( الجفاف،
أصبح ثورا أحمر
أصبح خوار نفسه. سانكي سايتو
ربما يكون شعور فريد جاي أحسن تعبيرا في الهايكو كما هايكو تاكاشي ماتسوتو (1906-1956) معلم مدرسة «فويي» (ناي) والذي تربى في شبابه كراقص في«نو» :
كي- ن- بو- ن- أو
Répandant des poudres d'ors
كو- بو- شي- تي- كا- گا- يا
voltigent au feu les papillons de nuit
سو- سا- ما- جي- كي.
Lugubres
(مذرة مسحوق الذهب
ببهلوانية تلعب فراشات الليل بالنار
مخيفة.) تاكاشي ماتسوتو
بهذه القصائد القليلة أسدل الستار آنذاك عن التباري في قصيدة الهايكو ولم يعد من الضروري إعادة الكرَّة، ألغياب السيد سونو يوشيدا، أم عجز الجهات المسؤولة ؟ أم لعدم جسارة أحدهم على تنظيم المباراة في وقتها السنوي؟ لكننا بهذا نقول أنه فاتتنا فرصة التمتع بفن الهايكو - التي يحتفى به خارجا بشكل لا نظير له- تأليفا وتباريا، ولو أنه فن صعب المراس،على حد قول باشو: « إن من يبدع ما بين ثلاث إلى خمس قصائد هايكو طوال حياته يعد شاعر هايكو، أما ذلك الذي ينجز عشر قصائد فيعد أستاذا.»
==============================
سعيد السوقايلي
شاعر وقاص ومترجم من المغرب
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.