"إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    هولندا.. توقيف 62 شخصا في أحداث الشغب الإسرائيلي بأمستردام    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الشرطة الهولندية توقف 62 شخصاً بعد اشتباكات حادة في شوارع أمستردام    مؤسسة وسيط المملكة تعلن نجاح مبادرة التسوية بين طلبة الطب والصيدلة والإدارة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    محامو المغرب: "لا عودة عن الإضراب حتى تحقيق المطالب"    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    بقرار ملكي…الشيشانيان إسماعيل وإسلام نوردييف يحصلان على الجنسية المغربية    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز        كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    كيوسك الجمعة | تفاصيل مشروع قانون نقل مهام "كنوبس" إلى الضمان الاجتماعي        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية في زيارة إلى العيون والداخلة لإطلاق استثمارات في الصحراء المغربية    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    "الخارجية" تعلن استراتيجية 2025 من أجل "دبلوماسية استباقية"... 7 محاور و5 إمكانات متاحة (تقرير)    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    الشبري نائبا لرئيس الجمع العام السنوي لإيكوموس في البرازيل    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهايكو في المغرب

من المؤسف حقا على مثقفينا العرب – الذين توجهوا غربا مشدودين إلى نهضة الفن الغربي الحديث الممتد وراء إلى خمسة قرون والنازع إلى التفكير المادي العقلاني...- ألا يلتفتوا إلى جذور الثورة الجمالية في الثقافات الشرقية ذات القيم الروحية الطافحة بالحكمة والتصوف، بالرغم من الالتفاتات الفردية إلى الشعر الشرقي خاصة منه الياباني في شكل قصيدة الهايكو، الأصغر والأجمل على الصعيد العالمي، والتي اكتسبت شهرة عالمية قل نظيرها.
ما يلاحظ على الشعر العربي اعتماده على التشبيه والاستعارة، بيد أن نظيره الياباني ينهل من الإحساس الجمالي أو النظرة الجمالية إلى الوجود والطبيعة بوساطة مجموعة من القيم كالبساطة والاختصار والصفاء في الرؤية والإيحاء واللاتماثل وصفة الفناء الملازمة للأشياء بدءا من الرسم والمعمار ولباس الكيمونو الأنيق وطقوس تقديم الشاي وتنسيق الزهور...من هنا تطورت قصيدة الهايكو عن أشكال شعرية سبقتها كالرنجا والتانغا...وهي قصيدة تصويرية واضحة مكثفة خالية من ضروب الاستعارة تتألف من 17مقطعا وفق النسق الإيقاعي:5-7-5، موزعة على ثلاثة أسطر تعتمد على ثلاثة عناصر ضرورية هي: الموضوع والمكان والزمان، ولعل أهم عناصرها الكلمة الموسمية المحيلة على الزمان أو على المواسم الطبيعية الأربعة، والتي يقول عنها أوتسوجي أحد شعرائها البارزين:«إن الموضوعة الموسمية هي الشعور الذي يبرز من الرؤية المنزهة عن الغرض، ممتدحا نبل الطبيعة الخالية من الزخرف، وهي أيضا شعور باستنارة شبيهة بالنيرفانا، وهي أحد العناصر التي لا يمكن حذفها من شكل الهايكو»، إن كتابة قصيدة هايكو رهين بالحالة التي يصل فيها الشاعر إلى حرية تامة وتجرد تامين من الألم و الذاتية بحيث يحس أنه بإمكانه الفناء بشكل طبيعي، ويضيف أوتسوجي أيضا أنه:«لتأليف قصيدة هايكو ليست هناك ضرورة للإيمان بأيديولوجية معينة أو فلسفة شخصية، لأنه مادامت الأيديولوجية والفلسفة تتضمنان أفكارا تطل هنالك خشية من أن يؤلف الشاعر هايكو بوساطة المنطق في الوقت الذي يجب أن يكون فيه الشعور الصرف هو الدافع إلى التأليف.».
ونظرا لشعبيتها في اليابان، استطاعت أن تقفز خارجا إلى القارات الأخرى، وأن تنال استحسانا وانجذابا لم يستطع معه حتى كبار الشعراء التصويريين من مثل أزرا باوند أن يضاهي كبارها، فبقيت إلى حد اليوم تشكل قارة بكرا لا يبرح بعض شعراء المعمور أن يبحروا نحوها، إنها شكل تقليدي آسر تعبر عن عبقرية الشعرية اليابانية قديمها وحديثها.
في المغرب،وفي إفريقيا أيضا،كانت أول مباراة للهايكو ، بالعربية والفرنسية سنة 1982، حيث شارك فيها 155 شاعرا، بعد السنيغال التي تنظم فيها سنويا منذ 1979، حيث تضاعف العدد إلى 730 شاعرا زنجيا (1982)، وبعد أن نشر بعض المقالات في الصحف المحلية، حدد السيد سونو يوشيدا(سفير اليابان في السنيغال آنذاك) قواعد الهايكو وفق ما يلي:
-1- يجب أن تعكس عاطفة نشعر بها اتجاه الطبيعة .
-2- يجب أن تتضمن ثلاثة أسطر شعرية قصيرة عوض الاشتغال على الإيقاع ذي النسق المكون من المقاطع الصوتية 5-7-5، كما في اليابانية.
-3- يجب أن تذكر فيها كلمة موحية لفصل ما (شتوي أو جاف كما في غرب إفريقيا) والتي تسمى بالموضوعة الموسمية.
وقد تضمنت لجنة التحكيم الأساتذة عبد الجليل الحجمري، ومحمد أبو طالب من جامعة محمد الخامس، وأحمد عبد السلام البقالي شاعرا ، والسيد سونو يوشيدا، وسنستحضر هنا ست قصائد هايكو لستة مشاركين مغاربة مذيلة بشهادات تحليلية للسيد سونو يوشيدا كما وردت في كتابه: haïku: le poème le plus cours du monde*
-1-
وقطرة المطر
Et la goutte de pluie
تتفتح في البركة
S'évanouit dans l'étang
مثل نحيب بعيد.
Comme un sanglot lointain.
ف.م.الفاطمي
يعتبر الفاطمي أول فائز بجائزة أحسن هايكو بالمغرب لسنة 1982. في هذه الهايكو، كلمة «المطر» توحي بالشتاء، الفصل الذي تمطر فيه بشكل عام في المغرب.
تعبر هذه القصيدة كثيرا عن الجو الكئيب لهذا الفصل حيث معظم الأشجار والشجيرات قد فقدت أوراقها، وحيث السماء دائما ملبدة بسحب دكناء، وتنزل درجات الحرارة أيضا.
مر الفصل السعيد، وهذا يجعلنا كئيبين، إنه زوال، في هذا الجو، يكشف المؤلف عن صورة دقيقة، قطرة مطر- ربما الأولى- التي تتفتح في ماء البركة وتحدث دوائر تتسع باستمرار هادئ...«مثل نحيب بعيد» يموت.
في هذه الهايكو، عبر الشاعر عن الصورة بشكل ملموس، وبفضل هذا يمكن أن يبرز المشهد الموصوف بشكل جلي.
فضلا عن ذلك، فكلمة «المطر» خصيصة فصل الشتاء، هي فعالة لإثراء هذه الهايكو، وهي تقدم الجو العام لهذا الفصل، كخلفية لهذه الصورة ، إنه السبب الذي من أجله يستوجب الاقتصاد في كلمات الهايكو.
وجدت في هذه القصيدة حساسية المغاربة الشديدة للغنائية، تلك الغير معروفة بالضرورة في باقي العالم، إن هذه الهايكو أكثر وضوحا بالنظر إلى كون أعضاء لجنة التحكيم المغاربة قد اختاروها.
-1-
-2-
درب طويل
Un long sentier
عجوز يسير
un vieillard marche
ريح الخريف تهب.
Le vent d'automne soufflé
لحسن بخري
الصورة واضحة، والكلمة الموسمية هي« ريح الخريف».لم يحبذ أعضاء لجنة التحكيم أن تذكر الكلمة الموسمية مباشرة في القصيدة. أتفهم التقليد الشعري المحلي الذي يخالف هذا، لكن في هذه الهايكو إذا لم يكن من الممكن التعبير بدقة عن موسم بواسطة كلمة مطابقة، فإنه لا يمكن تجنب ذكرها. في اليابان، هناك صنف من المعجم يسمى« سايجيكي» يبين الألفاظ المقبولة ككلمات توحي إلى فصل. لقد وجدنا هنا « ريح الخريف». من جهة أخرى هناك العديد من قصائد الهايكو الشهيرة لباشو، بوسون، شيكي، كيوشي الخ...تتضمن هذا التعبير.
في هذه القصيدة، قدم المؤلف الصورة بطريقة رمزية، درب طويل عبر حقل قاحل يمتد إلى الأفق بلا نهاية، إنه مشهد وحيد وحزين.
لقد رأينا عجوزا على الدرب، سيره يشير إلى جو مقفر، ويوحي أيضا بعلاقة الطبيعة بالإنسان، أو فصل الشتاء بالشيخوخة.
« ريح الخريف تهب»...كهاتف القدر الذي ينبغي أن يواجهه الإنسان وحيدا في هذه الحياة الوحيدة إلى أخر العمر.
في معنى مشابه، كتب كيجو موراكامي(1865-1938) ما يلي:
فو- يو- با- تشي - نو
La guêpe d'hiver
شي- ني- دو – كو – رو – نا – كو
ne trouvant où
آ – رو – كي- كي – ري
Marche.
( زنبور الشتاء
لم يجد أين يموت
يسير.) كيجو موراكامي
تذكرني هذه الهايكو، من جانب أخر، على مايبدو، بقصيدتين مماثلتين لقصيدة بخري، بيد أن المميزات مختلفة تماما.
هاهي واحدة لبونشو نوزاوا (؟- 1714 )، والذي كان تلميذا لباشو ماتسيو لمدة عامين:
نا – گا –نا – گا – تو
Allongé
كا – وا – هي – تو – سو – جي –يا
le seul cours d'une rivière
يو – كي –نو – ها – را.
La plaine de neige
( ممددا
مجرى النهر الوحيد
سهل الثلج) بونشو نوناوا
من جانب أخر، ألف كيوشي تاكاهاما ، وهو في 26 من عمره من عام 1900، الهايكو التالية، وكانت أولى تحفه وإحدى أهم ما قدمه:
تو – أو – يا – ما – ني
Sur la montagne lointaine
هي – نو - آ – تا – ري- تا - رو
le soleil rayonne
كا – ري- نو –كا – نا
la plaine dépouillée.
( فوق الجبل البعيد
تلمع الشمس
السهل عار). كيوشي تاكاهاما
إنه مشهد لفصل الشتاء خلال الشفق، لكن في هذه النظرة المقفرة، أبصر كيوشي لذة عميقة أو بالأحرى بعض الأشياء التي من خلالها يمكنه عد أشعة الشمس الحارة في عالم أجرد.
بالعودة إلى هذه القصيدة المغربية، لو وصف المؤلف العجوز بشكل أكثر محسوسية وهو يعبر عن سمته بطريقة حادة لكانت الدلالة أكثر عمقا.
هذا الجو الصافي لهذه الهايكو يذكرني بالتي كتبها سويها واتانابي (1882-1946) (أقدم مأدبة شعرية جنب مجرى ماء متموج) في جبل كانو- زان(3534م) بإقليم شيبا في الجنوب الشرقي لطوكيو، إنها:
كا- تا- ما- ت-تي
Groupées
أو-سو- كي- هي- كا-ري- نو
une lumière pâle
سو- مي-ري- كا- نا.
Les violettes
( متجمعة
ضوء شاحب
البنفسجات.) سويها
-2-
-3-
بحيرة معلقة متحركة
لها من الحلم سماء
الضباب الربيعي.
(وردت هذه الهايكو بالعربية في النص الفرنسي)
محمد بورورو
بما أن للكلمات العربية دلالات عديدة، فيصعب تأويل هذه الهايكو، لكن قصيدة الربيع هذه تعبر عن صورة «خاصة بالحكم».
«الضباب الربيعي» الذي ولد في الجبال خاصة هو دائما متحرك، لكن تخيل بأن البحيرة «المعلقة» في الهواء رائعة.لقد وصف جو الضباب بطريقة مغربية.
لقد قال المؤلف بأنه حصل على هذه الصورة حينما اكتشف بأن للضباب الجبلي نفس لون وشكل البحيرة، أزرق أيضا كما ماؤها العميق، ومتحرك كما الدوائر المتموجة.
تبدو هذه الصورة أيضا فوق الطبيعة، كقصة خرافية، أو كلوحات عجيبة يسيطر فيها الأزرق القاتم ل Marc Chagall
(1887- ؟) حيث شبان هواة وحيوانات تطير بحرية في الهواء ضد الجاذبية مثل رواد الفضاء.
اللعب للحظات على مشهد خارق الطبيعة يحتاج إلى نوع من الانفلات من الواقع. تذكرني هذه الهايكو بقصيدة هاكيو إشيدا:
تسو- كا- نو- ما- يا
Pour un instant
كا- ن- و- ن- مو-أ-تي
les nuages froids brûlant
كي- ن- شو-أو- دو.
La ruine s'est dorée
(للحظة
الغيوم الباردة المشتعلة
يغدو الخراب بلون الذهب.) هاكيو إشيدا
بعيني هاكيو المتعبتين وبلا أمل، وسط خراب طوكيو في غشت1945 للحظة واحدة، اشتعلت الغيوم بلون أصفر قوي عاكسة ضوء الشمس أثناء الغروب... كما لو أن الخرائب تحولت إلى جنة من ذهب!
لقد أضفت عاطفة الشاعر العميقة على هذا المشهد الطبيعي الخارق سموا أكبر.
-4-
في قلب يدي
Dans ma paume fond
بلورة الثلج الأولى
le premier cristal de neige
فجر شتاء جذلان.
Aude gaie d'hiver
Pierre wick
تعبر هذه الهايكو عن إحساس جد مرهف وبسيط، والذي يتقاسمه جميع الناس، الرجل والمرأة، الشاب والطفل. أساس هذا الموضوع هو الفرح والدهشة عند اكتشاف سر الطبيعة في عالم أصغر يفوتنا كل يوم.
إن عبارة «في قلب يدي بلورة الثلج الأولى» جد ملموسة، وتنقل الصورة إلى القراء بشكل ناجع.
المؤلف عازف على البيانو والناي وابن الثلاثين، إنه بلا شك الانطباع الذي جعلني أسمع إلى نغمة جميلة عندما قرأت هذه القصيدة.
ومع ذلك، ففي هذه القصيدة كلمتان موسميتان ليستا بالضرورة أن تذكرا جمعا، باعتبار أن الألفاظ محدودة في الهايكو، فمبدئيا لا ينصح باستعمال أكثر من كلمة موسمية، هنا«ثلج» يكفي أن تكون هي المعبرة عن مشهد الشتاء.
وقد ذكرتني هذه القصيدة بأخرى لشيكي ماسا أوكا رائد الهايكو المعاصرة:
دا- أي بو- تسو- نو
Le grand bouddha,
كا- تا- ها- وا- نو- يو- كي
la neige sur une épaule
تو- كي- ني- كي- ري.
A fondu.
( بوذا الكبير
ثلج على كتفه
ذاب.) شيكي
تمثال بوذا الكبير وقور. ربما كان من البرونز، وهو يجلس في الخارج. رغم أن العواطف تختلف في هاتين القصيدتين إلا أن ثيمتيهما تتشابه.
ربما هل كان التعبير عن الفرح بسيطا لكنه مثير لدى wick مقتسما بشكل أفضل مع هايكو تيجو ناكامورا الشهير(1900-..) معلم مدرسة «كازاهانا» (ندف الثلج في طقس صحو). كما يلي:
تو- ني- مو- دي- يو
Viens dehors
فو- رو- رو- با- كا- ري- ني
Si proche q'on pourrait la toucher
ها- رو- نو- تسو- كي
La lune printanière
(آت من الخارج
قريب حد اللمس
القمر الربيعي.) تيجو ناكامورا
-3-
-5-
أطياف إوزات الشتاء
L'ombre des cygnes d'hiver
تظل ثابتة
restera à jamais fixée
على البحيرة الواسعة الفضية.
Sur le vaste lac argenté.
إيمان عزمي
هذه القصيدة ألفتها آنسة شابة.
تبدو السماء غير منتهية ولازوردية، الفضاء الفسيح للبحيرة المترامية الفضية، الهواء بارد، وفكر المؤلفة مجهد، هاهي أطياف بضعة إوزات ثابتة- كما لو أنها لا تتحرك أبدا ، ناهيك عن الطيران- منظر روحاني جدير بالتصوير. ويمكن للقراء استعادة هذه القصيدة الصافية بفضل الكلمة الموسمية «إوزات الشتاء».
تذكرني أيضا هذه القصيدة بقصيدة سيكيتي هارا (1951-1886) وهي كالتالي:
يو- كي- ني- كي- تي
Arrivant à la neige,
مي- گو- تو- نا- تو- ري- نو
un oiseau magnifique garde
دا- ما- ري- أو- رو.
Le silence.
(حين وصل إلى الثلج
طائر جميل لزم
الصمت). سيكيتي هارا
-6-
أثر نار شمسية
Trace de feu solaire
للأرض غضون
la terre a des sillons
أكثر كبريتية من الغضب.
Plus sulfureux que la colère
فريد جاي
لقد قبلت«نار شمسية» كموضوعة موسمية دالة على الصيف؛ يتعلق الأمر بالجفاف والذي عانى منه مؤخرا جزء هام من العالم.
إنه فريد، وصف لون الأرض الجافة «أكثر كبريتية من الغضب»، لقد قورن الغضب ب«مصفر»، «شاحب»، «أحمر»أو«أسود»، لكن بدون«أصفر»، إنه اكتشاف أن تجد الغضب بلون أصفر قاتم أقرب إلى الأحمر.
من جهة أخرى تعتبر «للأرض غضون»تعبيرا محسوسا عن المشهد.
تلامس هذه الهايكو القارئ بقوتها وحدتها وخصوصيتها الوحيدة. لقد قال المؤلف أنه كان يحاول التعبير عن شعوره القوي الذي هيج قلبه مثل مشهد الجفاف هذا. وكما لو أنه أثر قنبلة ذرية.
لقد عبر سانكي سايتو عن ذلك بشعور مماثل من خلال الهايكو التالية:
تا- إي- كا- ن- نو
La sécheresse
آ- كا- أو- شي- تو- نا- ري
devenue un bœuf rouge
كو- أ- تو- نا- رو.
Devenue son mugissement
( الجفاف،
أصبح ثورا أحمر
أصبح خوار نفسه. سانكي سايتو
ربما يكون شعور فريد جاي أحسن تعبيرا في الهايكو كما هايكو تاكاشي ماتسوتو (1906-1956) معلم مدرسة «فويي» (ناي) والذي تربى في شبابه كراقص في«نو» :
كي- ن- بو- ن- أو
Répandant des poudres d'ors
كو- بو- شي- تي- كا- گا- يا
voltigent au feu les papillons de nuit
سو- سا- ما- جي- كي.
Lugubres
(مذرة مسحوق الذهب
ببهلوانية تلعب فراشات الليل بالنار
مخيفة.) تاكاشي ماتسوتو
بهذه القصائد القليلة أسدل الستار آنذاك عن التباري في قصيدة الهايكو ولم يعد من الضروري إعادة الكرَّة، ألغياب السيد سونو يوشيدا، أم عجز الجهات المسؤولة ؟ أم لعدم جسارة أحدهم على تنظيم المباراة في وقتها السنوي؟ لكننا بهذا نقول أنه فاتتنا فرصة التمتع بفن الهايكو - التي يحتفى به خارجا بشكل لا نظير له- تأليفا وتباريا، ولو أنه فن صعب المراس،على حد قول باشو: « إن من يبدع ما بين ثلاث إلى خمس قصائد هايكو طوال حياته يعد شاعر هايكو، أما ذلك الذي ينجز عشر قصائد فيعد أستاذا.»
==============================
سعيد السوقايلي
شاعر وقاص ومترجم من المغرب
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.