جدد الملك محمد السادس، في برقية تهنئة إلى الرئيس الجديد عبد المجيد تبون، دعوته الجزائر لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وطي خلافات الماضي والتوجه إلى المستقبل، لما فيه مصلحة الشعبين الجارين. جاء ذلك، في برقية تهنئة بعثها الملك محمد السادس، لعبد المجيد تبون، وذلك بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. وقال الملك في هذه البرقية إنه "على إثر انتخابكم رئيسا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، يطيب لي أن أعرب لكم عن أصدق التهاني، مقرونة بمتمنياتي لكم بكامل التوفيق في مهامكم السامية". وأضاف الملك أنه "إذ أجدد دعوتي السابقة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين، على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء، أرجو أن تتفضلوا، صاحب الفخامة بقبول أصدق عبارات تقديري". وفي هذا الصدد، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن برقية تهنئة الملك محمد السادس إلى الرئيس الجزائري الجديد، هي "تقليدية"، وتدخل في إطار العلاقات الدبلوماسية التي تجمع البلدين". وأضاف الحسيني، في تصريح ل"الأيام24"، أنه بغض النظر عن الخلفيات المرتبطة بانتخاب الرئيس الجزائري الجديد، أو بالنسبة للمشاركة الشعبية في هذه الانتخابات أو بالنسبة للاحتجاجات الشعبية المتواصلة في شارع من قوى الحراك، فإن المغرب يعتبر على المستوى السياسي والدبلوماسي أن من واجبه أن يقوم بتهنئة الرئيس المنتخب ويتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة. لكن ما بين سطور برقية تهنئة الملك محمد السادس إلى الرئيس الجزائري الجديد، يعتبر الحسيني "أن هناك تجديد للدعوة المغربية إلى الجزائر من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين الطرفين، خاصة أن العاهل المغربي يذكر بالرسالة التي كان بعث بها إلى المسؤولين الجزائريين إبان حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، التي أشار ضمنها إلى أن المغرب يرغب في إنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور مع الجزائر من دون وسيط بحكم التاريخ المشترك بين البلدين، بغية تجاوز الأزمة السياسية والخلافات التي تنخر العلاقات بين البلدين منذ أكثر من عقدين من الزمن، والتي أدت إلى غلق الحدود البرية بين الجارين". وسبق للملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى ال43 للمسيرة الخضراء، أن اقترح آلية مشتركة للحوار المباشر والصريح مع الجارة الشرقية لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين. لكن النظام الجزائري القديم الجديد لم يتفاعل مع اليد الممدودة من الملك محمد السادس، بل لم يعبر عن أي موقف رسمي تجاه المبادرة. وأوضح الحسيني، أن "القضايا المعلقة بين المغرب والجزائر، تهم أولا البحث في مسألة إغلاق الحدود بين البلدين، التي ظلت مغلقة منذ سنة 1994، بمبادرة من السلطات الجزائرية، كرد فعل على قيام المغرب بفرض التأشيرة على الجزائريين، كذلك هذه العلاقات ترتبط بموقف الجزائر من قضية الوحدة الترابية للمملكة، الذي كان ينبغي أن ينعكس إيجابيا في هذه العلاقات من خلال تطبيق مبدأ الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ودخول مرحلة جديدة تطبعها المصداقية والشفافية والتعاون الاقتصادي، الذي سيؤهل المغرب العربي إلى الاندماج. وعبر الأستاذ الجامعي، عن اعتقاده بكون هذه الأخيرة إشارة واضحة في هذه البرقية، مشيرا إلى أن استمرار نفس النسق والنمط الذي كان يمارس في عهد الرئيس السابق بوتفليقة، سوف لن يقبل من المغرب، وأن أي علاقات مقبلة ينبغي أن تكون قائمة على الثقة المتبادلة والحوار البناء، ليس فقط في مصلحة العلاقات الثنائية بل كذلك لمصلحة البلدان المغاربية. وأشار إلى أن الرئيس الجزائري الجديد، عبد المجيد تبون، لم يدشن العلاقات المغربية الجزائرية، بشكل مناسب، حتى قبل انتخابه كرئيس، لأنه أولا ابن المؤسسة العسكرية وبامتياز، واختير قبل 15 يوما من الانتخابات الجزائرية، على أنه سيكون خليفة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكن أكثر من هذا هو الرجل الذي أفصح في لقاءاته الصحفية، وبلغة غير سياسية وغير دبلوماسية وبشكل غير لائق عن نوع من العداوة تجاه المغرب، عند مطالبته الرباط بتقديم اعتذار رسمي مقابل قبول الجزائر فتح الحدود. وأعلنت السلطة المستقلة للانتخابات، الجمعة، فوز عبد المجيد تبون، الذي كان يتولى منصب رئيس وزراء في السابق، بانتخابات الرئاسة، التي جرت الخميس، بنسبة 58.15 في المئة من الأصوات. وشغل تبون، منصب رئيس الحكومة، في ماي 2017، خلفا لعبد المالك سلال، قبل أن يتم إنهاء مهامه في غشت من نفس العام، وتم تعيين أحمد أويحيى، خلفا له.