أسدل الستار مساء أمس السبت بالفضاء التاريخي (باب المكينة) بفاس، على فعاليات الدورة 21 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة بحفل فني كبير للفنان الإماراتي حسين الجسمي. وكان جمهور المهرجان على موعد مساء أمس مع حفل استثنائي بكل المقاييس لفنان استطاع أن يفرض نفسه في الساحة العربية من خلال مجموعة من الأغاني التي اكتسبت كل مقومات النجاح والتي ترددها الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج. وقدم الفنان حسين الجسمي خلال هذا الحفل، الذي حطم الرقم القياسي من حيث عدد الجمهور الذي تتبع فقراته، أغاني من ريبرتواره الفني ك (بحبك وحشتيني .. وفقدتك .. والله ما يسوى .. وبودعك .. وبحر الشوق.. وحبيبي برشلوني .. وغيرها). واستطاع الفنان الجسمي من خلال أدائه الرائع لمجموعة من الأغاني والمقطوعات الفنية، أن يرحل بالجمهور إلى عوالم الإيقاعات والتعابير الموسيقية العربية الأصيلة، خاصة بمنطقة الخليج العربي التي ساهم فنانوها في تطوير الأغنية العربية من خلال إبداعات فنية شكلت إضافات نوعية في المشهد الموسيقي العربي. وبرع الفنان حسين الجسمي الذي كان يلح في كل مرة على الجمهور أن يرافقه بالغناء في تقديم باقة من الأغاني التي تحتفي بالجمال وبالمحبة في قالب فني يعطي مساحات وازنة للجمل الموسيقية القصيرة كما يفسح للكلمة الهادفة والموزونة والتي يزيدها بهاء أداء الفنان الذي يتميز بطبقات صوتية قوية. ولم يكتف الفنان الإماراتي حسين الجسمي بتقديم أغانيه المعروفة والتي يرددها كل الشباب بالعالم العربي، بل أبى إلا أن يتحف الجمهور الذي ضاقت به جنبات فضاء (باب الماكينة) التاريخي بأداء مجموعة من الأغاني الشعبية المغربية المعروفة التي طبعت مسيرة بعض الفنانين المغاربة ك (جوني مار وا دلالي)، بالإضافة إلى تقديمه لمقطوعات فنية من التراث الفني الخالد لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما. وكان تجاوب الجمهور خلال هذا الحفل كبيرا بالتصفيق والزغاريد مع الفنان الجسمي الذي كان بين الفينة والأخرى يعبر باللهجة المغربية عن حبه للمغرب وتقديره للشعب المغربي، كما لا يتردد في سؤاله عن الأغاني التي يرغب في الاستماع إليها. وسيبقى الحفل الذي أحياه الفنان حسين الجسمي في إطار مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة محفورا في ذاكرة كل من تتبع فقراته، فقد برهن على استمرارية وتوهج الأغنية الخليجية التي استطاعت أن تفرض نفسها في الساحة الفنية والموسيقية العربية. وبهذا الحفل يكون مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة قد كرس خلال دورته 21 توجهه العام الذي يروم الاحتفاء بكافة التعابير والألوان الموسيقية والفنية التي تدافع عن قيم التسامح والإخاء والتقريب بين الثقافات والشعوب. وتميزت الدورة 21 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة (22 Ü 30 ماي) ببرنامج متنوع تضمن تقديم مجموعة من العروض الموسيقية التي أحياها فنانون كبار كصابر الرباعي ومجموعة "باييز" للموسيقى الكردية (العراق) وجولي فاوليس (اسكتلندا) وأومو سانغاري (مالي) وتيكن جاه فاكولي (ساحل العاج) وأدواردو راموس (البرتغال) والثنائي روربرطو فونشيكا وفطومات دياوارا (كوبا Ü مالي) وصونيا مبارك (تونس) وبدر الرامي (سوريا المغرب) ومروان بنعبد الله (المغرب) ومجموعة زخارف (المغرب) وفادا فريدي (السينغال). كما تميزت هذه الدورة، التي احتفت بإفريقيا من خلال استحضار البعد الثقافي الإفريقي لمدينة فاس العريقة ومختلف الصلات القوية والمتينة التي ظلت قائمة على مر العصور بين هذه الحاضرة التاريخية وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بتنظيم حفلات وليالي صوفية وسهرات أندلسية كبرى احتضنتها مجموعة من الفضاءات العتيقة بالمدينة القديمة، إلى جانب تنظيم العديد من الأنشطة الفنية والثقافية الأخرى. وفي الشق الأكاديمي للمهرجان "منتدى فاس" الذي أضحى فضاء لمناقشة وبحث الأفكار ومختلف القضايا والمواضيع التي تهم السياسة والاقتصاد والتاريخ، تمحور الموضوع الرئيسي لهذه السنة حول تيمة "فاس في مرآة إفريقيا"، بمشاركة وازنة لنخبة من أبرز المثقفين من داخل المغرب وخارجه بحثوا في إطار جلساته الفكرية علاقات وارتباطات مدينة فاسبجنوبها الإفريقي، وكذا التحديات والرهانات التي تواجهها العديد من البلدان الإفريقية.