صادقت ورشة داكار، المنظمة خلال الفترة من 15 إلى 17 أبريل في السنغال، من طرف فدرالية الوكالات الحضرية بالمغرب -مجال وبلدية داكار، في اختتام أشغالها يوم 17 أبريل، على "إعلان داكار" الذي دعت فيه على الخصوص إلى إحداث إطار للتلاقي والشراكة والتعاون الاستراتيجي بين المدن الإفريقية. ودعا إعلان داكار المشاركين والشركاء إلى ضرورة الانخراط في تطوير إطار للتلاقي والشراكة والتعاون الاستراتيجي بين المدن الإفريقية الموقعة عليه؛ وإلى تعزيز دعم ومواكبة المدن الموقعة لتتمكن من رفع تحديات التنمية البشرية التي تواجهها؛ ودعا كذالك إلى تنفيذ الاتفاقيات المبرمة خلال قمة أفريسيتي في مراكش وفق جدول زمني محدد؛ وإلى تعبئة الوكالات الحضرية المغربية المرتبطة باتفاقيات شراكة وتعاون مع المدن الإفريقية الموقعة على الإعلان من أجل تفعيل الاتفاقيات المبرمة؛ وبلورة برنامج لتعزيز القدرات في مجال التخطيط الحضري والتنمية المجالية؛ وترجمة هذه الشراكات في إطار برنامج ممتد على ثلاث سنوات، في شكل خارطة طريق؛ إضافة إلى إدراج مقاربة ونتائج ورشة داكار في إطار الأجندات الدولية للمدن والمجالات المعنية بأهداف التنمية المستدامة.
وتعد ورشة داكار تتويجا للإرادة الجلية التي أبدتها السلطات المغربية ونظيرتها السينغالية على تظافر جهودهما من أجل وضع التجربة الخاصة بكل منهما في خدمة المدن الإفريقية ومواطنيها. وعرفت الورشة مشاركة كل المدن الموقعة على الاتفاقيات الثنائية التالية : أبيدجان مع الدارالبيضاء، أبومي مع الحسيمة والجدبدة، داكار مع الرباط، جينجا مع الصويرة، روفيسك مع الداخلة، ياوندي مع مراكش.
وكانت أشغال هذه الورشة غنية بالمواضيع والنقاشات، والتي مكنت ممثلي المدن الشريكة في قمة أفريسيتي من التفكير في أرضية للعمل المشترك، واعتماد مقاربة ومنهجية لتلاقي السياقات، وتحديد محاور العمل التي ينبغي اعتمادها من أجل تحقيق الانسجام الشامل في مجال التخطيط الاستراتيجي وسياسة المدينة.
وفي هذا السياق، تشكل الإطار العام لورشة داكار من محورين رئيسيين. المحور الأول استراتيجي معياري، وتركز حول المنظومة المنهجية والسياق العام للتخطيط الحضري والتنمية المجالية. أما المحور الثاني، العملي والتطبيقي، والذي يعد نتاج السياق الخاص لكل مدينة إفريقية، فدارت أشغاله حول الديناميكيات المحلية التي تقودها البلديات الإفريقية. وشكل هذا المحور مناسبة لتسليط الضوء على إشكاليات جاذبية وتنافسية المدن الإفريقية، والوضعية الخاصة لكل مجال، والأنشطة المرتبطة بالسياحة والتراث الثقافي والمعماري للمدن، إضافة إلى السياسة العمومية في مجال البيئة وحماية الإطار الإيكولوجي للمدينة الإفريقية.
تميزت أشغال ورشة داكار بمداخلتين رئيسيتين. وسطرت المداخلة الأولى، التي ألقاها وزير التعمير السينغالي السيد عبد الكريم فوفانا، على إشكالية الزحف العمراني السريع الذي تعرفه المدن الإفريقية. وأكد المسؤول السينغالي بهذا الصدد، على أن "المبادرة النموذجية التي تجمع بين 7 مدن مغربية وعدد مماثل من المدن الإفريقية تندرج بشكل تام في إطار التوصيات الصادرة عن الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لإفريقيا الغربية" وينبغي عليها، بهذه الصفة، أن تمكن من نشر الأفكار والتعريف بالمجهودات الرامية إلى تحقيق التنمية المنسجمة للمدن الإفريقية.
أما المداخلة الثانية، والتي ألقاها رئيس فدرالية الوكالات الحضرية المغربية - مجال، السيد أمين الإدريسي بلقاسمي خلال الجلسة التقديمية. وشكلت هذه المداخلة محور اليوم الأول من فعاليات ورشة داكار، وذلك بالنظر لكونها المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق نداء من أجل إحداث إطار للتلاقي والشراكة والتعاون بين المدن الإفريقية. وأبرز السيد بلقاسمي في مداخلته ضرورة جعل المدن الإفريقية "فضاءات مفتوحة للجميع، وأهمية أن تكون أفضل تخطيطا وأحسن تدبيرا واندماجا"، مشددا على الأهمية القصوى لاعتماد تخطيط حضري مستدام.
وزيادة على أهميتها المؤسساتية، شكلت ورشة داكار فرصة حقيقية لتدعيم الشراكات المبرمة بين المدن الإفريقية والمغربية، وكذا مع المؤسسات الدولية المرموقة كهيئة الأممالمتحدة للإسكان ومنظمة اتحاد المدن والحكومات المحلية الإفريقية.
من جانب آخر، فقد شكل هذا الحدث مناسبة لتقاسم الخبرات والتجارب والمهارات بين مسؤولي المدن والحواضر الكبرى الإفريقية. وفي هذا الاتجاه، أكد المشاركون على ضرورة تشجيع شراكات فاعلة وتضامنية بين المدن الإفريقية.
وأكد رئيس فدرالية الوكالات الحضرية المغربية – مجال، بهذا الصدد، التزام الفدرالية وعزمها الأكيد على توفير الدعم اللازم للمدن الموقعة على إعلان مراكش الذي توج أشغال القمة الثامنة للمدن الإفريقية "أفريسيتي" المنعقدة خلال شهر نوفمبر الأخير بالمغرب. ويجسد هذا الالتزام انفتاح المملكة المغربية على إفريقيا وعزمه على جعلها قارة للتنمية البشرية المستدامة والشمولية.
وتجدر الإشارة إلى أن ورشة داكار تعد أول تظاهرة ضمن سلسلة من اللقاءات التي ستنظم في مختلف البلدان الموقعة على اتفاقيات الشراكة المنبثقة عن قمة المدن الإفريقية في مراكش نوفمبر 2018، وذلك بهدف التوصل إلى تظافر التجارب والمكتسبات في مجال التدبير والحوكمة الحضرية.