لم يكتفِ "أيمن. أ"، بالاستمرار في سرقة والدته "سعاد. م" 69 سنة، بل إنه تجرد من كل ما يمكن أن يتصف به الابن من إحسان وبر؛ فطاوعته نفسه وأغواه شيطانه بالاعتداء على أمه جنسيًا بعد تخديرها، ثم انتهى الأمر بضربها، مساء الاثنين الماضي، حتى سقطت على الأرض مغشيّا عليها، فمنع عنها الطعام ثلاثة أيام حتى لفظت أنفاسها الأخيرة داخل منزلها بشبرا الخيمة. نشأ "أيمن"، منذ ولادته مدللًا بين أفراد أسرته، فهو ولد وحيد بين أربع فتيات؛ حظي الفتى برعاية واهتمام الأب حتى توفّي، ثم استمرت الأم على نفس المنوال، فلم تقسُ عليه يومًا، ولم تبخل عنه بأي أموال رُغم فشله في التعليم وإقدامه على تعاطي المواد المخدرة، حتى وصل سن الأربعين وأصبح عاطلاً عن العمل.
على مدار السنوات العشر الأخيرة، كره أهالي شارع البلاط بشبرا الخيمة، "أيمن" بسبب سوء سلوكه؛ يقول الجيران في حديثهم لموقع "مصراوي"، إن المتهم سيئ السلوك، ودأب على القفز فوق أسطح منازلهم للسرقة، والتلصص على بناتهم ومعاكستهن، فحرروا ضده عدة محاضر، انتهت بالتصالح بعد تدخل والدته بينهم.
منذ سنتين، منعت الأم بناتها الأربع المتزوجات من المبيت معها داخل منزلها المكون من 6 طوابق، خوفًا من اعتداء نجلها عليهن بالشتم والسبّ والتحرش بهن، فاكتفت الفتيات بالجلوس عدة ساعات للاطمئنان عليها ثم المغادرة إلى بيوتهن مرة أخرى حتى منعهن المتهم من الدخول قبل عدة أشهر، زاعمًا "دا بيتي وورثي من أبويا"، حسبما تقول "ندى" ابنة المجني عليها.
وقالت ندى، في حديثها ل"مصراوي"، إنها وشقيقاتها الثلاث كن يقابلن والدتهن في منزل إحدى الجارات حتى علِم شقيقها، فهجم عليهن وضربهن وسط الشارع، ثم ضرب والدته "جرجرها من هدومها قدام الناس لحد البيت" ومنعها من الخروج.
لم يتزوج أيمن رغم كبر سنه، تبرر "أم ياسر" جارة المتهم ذلك بسوء سمعته في المنطقة وتعاطيه المواد المخدرة وأنه عاطل عن العمل، قائلة: "محدش راضي بيه.. أمه بتصرف عليه ومش قد المسؤولية".
وأوضحت الجارة أن المتهم دفع اثنين من المستأجرين بالعقار ملكهم إلى المغادرة بعد أشهر قليلة "كان بيبص على زوجاتهم من المنور"، مضيفة أن نقص الأموال مع المتهم دفعه لسرقة "حلل" والدته وبيعها للإنفاق على "كيفه" الذي دفعها للتشاجر معه، لكنه تمكن من السيطرة عليها بوضع الحبوب المخدرة لها مع بعض الأدوية التي تتناولها دون أن تدري.
"كان بيسقيني حاجة حمرا.. والصبح بلاقيه نايم جنبي"، تحكي الأم المجني عليها لجارتها قبل شهر من مقتلها، أنها كانت تستيقظ مرات كثيرة لتجد نجلها نائما بجانبها على السرير تاركًا شقته في الطابق الثاني، وعندما أحست بذلك طردته من الشقة، وأغلقت عليها غرفة نومها قبل النوم.
وأكدت نجلة المجني عليها ما قالته الجارة، مضيفة "كان بيتحرش بينا واحنا بنات".
ظهر الاثنين الماضي (يوم الواقعة)، سمع الجيران مشادات بين المتهم ووالدته التي تعيش بالطابق الأرضي ولم يتدخلوا خوفًا من بطشه، وبعد نحو 10 دقائق من صرخات الأم المستغيثة، انقطع صوتها تمامًا، فسأل عنها الجيران فردّ المتهم: "نايمة جوا محدش يتدخل" ووجه إليهم السباب.
على مدار ثلاثة أيام، لم يرَ الجيران السيدة المسنة، بينما كان المتهم يعيش بشكل طبيعي، يخرج صباحًا لبيع "تليفزيون قديم أو حلل أو أنبوبة" للإنفاق على طعامه وشراء المواد المخدرة، وليلًا يجلس في البلكونة لسماع الأغاني، رافضًا دخول الجيران للاطمئنان "حابسها عشان تتأدب".
ويوم الخميس الماضي (يوم اكتشاف الواقعة)، قابل المتهم بائع الأنابيب وسط الشارع فسأله الأخير طمني على والدتك؟ فردّ: "دي ماتت من يومين"، فاصطحبه البائع إلى شقته وأخبر الجيران الذين هرولوا لداخل المنزل واتصلوا بالشرطة.
على أرضية الغرفة، وجد الجيران المجني عليها ملقاة على وجهها، نصفها أسفل سرير غرفة النوم والنصف الآخر خارجه ومغطاة بكومة من القطن، يشير الجيران إلى أن المتهم استخدم مطواة لتقطيع المرتبة مبررا "كنت بدور على فلوسها"، وتحفظ ضباط مباحث شبرا الخيمة على المتهم.
"جايين تورثوا.. دا حقي ومش هسيبه"، كلمات غاضبة نطق بها المتهم في وجه شقيقاته الأربع اللائي حضرن لمعرفة ما حدث، فأصبن بالصدمة، بعدما علمن أنه حبسها، وضربها، ومنع عنها الطعام حتى لفظت أنفاسها.
وبإحالة المتهم للنيابة، قررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في اتهامه بقتل المجني عليها، وصرحت بتشريح الجثة لبيان أسباب الوفاة وملابساتها، وتسليمها لذويها لدفنها.
ما زالت أحداث الجريمة البشعة تدور على ألسنة أهالي حارة البلاط بشبرا الخيمة، فيما تلقت بنات المجني عليها العزاء ليوم واحد ثم غادرن إلى بيوتهن غير آسفات على شقيقهن الوحيد "ربنا يسامحه.. آذى الناس كلها".